سرشناسه : قزويني، سيدمحمدكاظم، 1308 - 1373.
عنوان و نام پديدآور : موسوعه الامام الصادق عليه السلام/ تاليف محمدكاظم القزويني.
مشخصات نشر : قم: الرافد، 14ق.-= 13 -
مشخصات ظاهري : 60ج.
شابك : ج.1 : 978-600-6588-19-1 ؛ ج.42 978-600-6593-06-7 : ؛ ج.44 978-600-6593-15-9 : ؛ ج.47 978-600-6593-23-4 : ؛ ج.59 978-964-8485-92-9 : ؛ ج.60 978-964-2581-88-7 :
يادداشت : عربي.
يادداشت : فهرست نويسي بر اساس جلد سي و چهارم، 1431ق. = 1389.
يادداشت : ج.24 (چاپ اول: 1431ق. = 1389).
يادداشت : ج.47 (چاپ اول: 1437ق. = 1394).
يادداشت : ج.59 (چاپ اول: 1440ق. = 1397).
يادداشت : ج.60 (چاپ اول: 1440ق. = 1398) (فيپا).
يادداشت : ناشر جلد پنجاه و نهم ، انتشارات دارالغدير است .
يادداشت : ناشر جلد شصتم، انتشارات دار الموده است .
يادداشت : كتابنامه.
مندرجات : .- ج.34. التجاره.- ج.42. الحدود والتعزيرات
موضوع : جعفربن محمد (ع)، امام ششم، 83 - 148ق.
رده بندي كنگره : BP45/ق4م8 1300ي الف
رده بندي ديويي : 297/9553
شماره كتابشناسي ملي : 2105726
ص: 1
موسوعة الإمام الصادق (عليه السلام)
تأليف : المرحوم العلاّمة الخطيب آية الله
السيّد محمّد كاظم القزويني (رضوان الله عليه)
الجزء الثاني والخمسون
ص: 2
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى * تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ الاَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى)((1)) .
(قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الاُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَاب لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الاَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَات شَتَّى)((2)) .
(وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً)((3)) .
(لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)((4)) .
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْم وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَاب
ص: 3
مُّنِير * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّم لِّلْعَبِيدِ)((1)) .
(وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَات بَيِّنَات وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ)((2)) .
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالاَْرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَاب إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)((3)) .
(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَاتِ قَرَار وَمَعِين)((4)) .(وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ * بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَة مِّنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ)((5)) .
ص: 4
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
« الحمد لله الذي بكلماته قامت السّماواتُ الشِّداد ، وثبتتِ الأرضونَ المهاد ، وانتصبتِ الجبالُ الرّواسي الأوتاد .. »((1)) .
والصلاة والسلام على معدن الخير والسَّداد وقادة الدين والرَّشاد سيّدنا محمّد وآله الطاهرين الهُداة .
ولعنة الله على أعدائهم الظالمين الجُناة .
وبعد : فهذا هو الجزء الثاني والخمسون من موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) المباركة والجزء التاسع من تفسير القرآن الكريم ، ويحتوي على ما روي عن الامام جعفر الصادق (عليه السّلام) في تفسير سورة طه والأنبياء والحج والمؤمنون والنور .
وقد أودع الله تعالى في هذه السُّور كنوزاً من المعارف والمواعظ والقصص التربويَّة والتوجيهيَّة النافعة المفيدة التي لا يستغني عن معرفتها
ص: 5
أحد ، ولا شكَّ أنها تضمن التوفيق والخير والسعادة لمن اتَّعظَ بها وبَرمج حياته على ضوئها .. فانها خير دليل الى خير سبيل .
وتجد - في السُّوَر المذكورة في هذا الجزء - القصص الرائعة لبعض الأنبياء الذين أرسلهم الله تعالى لهداية الانسان وإسعاده ..
والأنبياء هم صفوة الله وخيرته من خلقه وهم النموذج الأعلى للانسان الكامل الجامع للصفات الحميدة والخصال الطيّبة .. فيا حبّذا لو اقتدى الانسان بهم في الحياة واقتفى آثارهم واهتدى بهداهم ..
كما تجد - في السُّوَر المذكورة - ذِكر الأوصاف والملامح العالية التي ينبغي أن يتحلّى بها المؤمنون الذين آمنوا بالله واليوم الآخر واتّبعوا رضوان الله وسبيله .إن هذه الآيات والقصص هي رسالة الله تعالى الى عباده .. ليخرجهم من الظلمات الى النور .. ويهديهم الى الصراط المستقيم .
نسأل الله تعالى أن يوفِّقنا لما فيه رضاه ويشملنا بفضله ورحمته .. إنه ذو الفضل العظيم .
محمّد كاظم الق-زويني
قم المقدَّسة - ايران
ص: 6
ثواب الأعمال : حدثني محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدّثني محمد بن يحيى قال : حدّثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسّان ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الحسن ، عن صباح الحذَّاء ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لاتَدَعوا قراءة سورة طه ، فإنّ الله يحبّها ويُحبُّ من قرأها ، ومن أدمن قراءتها أعطاه الله يوم القيامة كتابه بيمينه ، ولم يُحاسبه بما عمل في الاسلام ، واُعطي في الآخرة من الأجر حتى يرضى((1)) .
مجمع البيان : روى إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((2)) .
ص: 7
تفسير البرهان : من كتاب (خواص القرآن) عن الصادق (عليه السّلام) قال : من كتبها وجعلها في خرقة حرير خضراء ، وراح إلى قوم يريد التزويج منهم ، تم له ذلك ووقع ، وان قصد في اصلاح قوم تم له ذلك ولم يُخالفه أحد منهم ، وان مشى بين عسكرين افترقا ولم يقاتل بعضهم بعضاً ، وإذا شرب ماءها المظلوم من السلطان ودخل على من ظلمه - من أيّ السلاطين - زال عنه ظلمه بقدرة الله تعالى وخرج منعنده مسروراً ، وإذا اغتسلت بمائها من لا طالب لعرسِها خُطبت ، وسَهُل عِرسُها بإذن الله تعالى((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى) (1 - 3) .
مختصر بصائر الدرجات : إبراهيم بن هاشم ، عن عثمان بن عيسى ،
ص: 8
عن حمّاد الطنافسي ، عن الكلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال لي : يا كلبي ، كم لمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من اسم في القرآن ؟
فقلت : اسمان أو ثلاثة .
فقال : يا كلبي له عشرة أسماء (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ)((1)) ، وقوله : (وَمُبَشِّراً بِرَسُول يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)((2)) ، و(لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً)((3)) و (طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) ،
و(يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاط مُّسْتَقِيم)((4)) ، و(ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون)((5)) ، و(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ)((6)) ، و(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ)((7)) ، وقوله : (فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الاَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً)((8)) فالذكر((9)) من أسماء محمد(صلّى الله عليه وآله وسلّم)
ص: 9
ونحن أهل الذكر ، فاسأل - يا كلبي - عمّا بدا لك .
قال : نسيت - والله - القرآن كلّه ، فما حفِظتُ منه ] ولا [((1)) حرفاً أسأله عنه((2)) .
أَقول : الظاهر وقوع سقط في هذا الحديث فإِنّ المذكور فيه تسعة أَسماء للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا عشرة . والله العالم .
معاني الأخبار : أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إليَّ على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق قال : حدثنا معاذ بن المثنّى العنبري قال : حدثنا عبدالله بن أسماء قال : حدثنا جويرية ، عن سفيان بن سعيد الثوري قال : قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) - في حديث - : يا بن رسول الله ما معنى قول الله (عزّ وجلّ) : (طه) ؟
قال : وأما (طه) فإسم من أسماء النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومعناه : يا طالب الحق الهادي إليه (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) بل لتسعد به ... الى آخر الحديث((3)) .
تأويل الآيات الظاهرة : ذكره صاحب كتاب (نهج الإيمان) قال : في
ص: 10
تفسير الثعلبي قال : قال جعفر بن محمد الصّادق (عليه السّلام) قول الله (عزّ وجلّ) : (طه) أي طهارة أهل بيت محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الرّجس ، ثم قرأ : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)((1)) .
تفسير القمي : حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله وأبي جعفر (عليهما السّلام) قالا : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا صلّى قام على أصابع رجليه حتى تورّمت ، فأنزل الله (تبارك وتعالى) (طه) بلغة طيّ يا محمد (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى)((2)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) روي أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يرفع إحدى رجليه في الصّلاة ليزيد تعبه فأنزل الله (طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) فوضعها ، وروي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .
ص: 11
الاحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) ، عن الحسين بن علي (عليهما السّلام) - في حديث قال : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) - : ولقد قام (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عشر سنين على أطراف أصابعه ، حتى تورّمت قدماه واصفرّ وجهه ، يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك ، فقال الله (عزّ وجلّ) : (طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) بل لتسعد به ... الى آخر الحديث((1)) .
قرب الاسناد : محمد بن الوليد ، عن عبدالله بن بكير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الصلاة قاعداً أو يتوكّأ على عصى أو على حائط ؟
فقال : لا ، ما شأن أبيك وشأن هذا ؟ ما بلغ أبوك هذا بعد ، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعدما عظم - أو بعد ما ثقل - كان يصلّي وهو قائم ورفع إحدى رجليه حتى أنزل الله (تبارك وتعالى) (طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) فوضعها .ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : لا بأس بالصلاة وهو قاعد وهو
ص: 12
على نصف صلاة القائم ولا بأس بالتوكّؤ على عصى والإتّكاء على الحائط ، قال : ولكن يقرأ وهو قاعد فإذا بقيت آيات قام فقرأهنّ ثمّ ركع((1)) .
أقول : ما ذكره (عليه السّلام) من النهي عن الصلاة قاعداً أو متوكأً فهو للتأكيد في درك فضل القيام عند القدرة والسهولة وعدم العسر والعذر .
وقوله (عليه السّلام) : « لا بأس بالصلاة وهو قاعد » هذا في النافلة ، فيجوز الجلوس فيها مع الاختيار ، وهذا لا خلاف فيه . وكذلك الاتّكاء على العصا والحائط .
وأما القيام قبل الركوع فيُحمل على الفضل والاستحباب للأحاديث الدالّة على جواز الجلوس في النافلة كلّها .
وأمّا الفريضة فيجب القيام فيها مع القدرة عليه ، ومع العجز يجوز الجلوس في الجميع .
* * * * *
قوله تعالى : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (5) .
الكافي : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان
ص: 13
ابن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّ وجلّ) : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) ؟
فقال : استوى في كلّ شيء((1)) فليس شيء أقرب إليه من شيء ، لم يبعد منه بعيد ولم يقرب منه قريب ، استوى في كلّ شيء((2)) .التوحيد : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن محمد ابن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج مثله((3)) .
الكافي : علي بن محمد ، ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن [موسى] الخشّاب ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه سُئل عن قول الله (عزّ وجلّ) : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) ؟
فقال : استوى على كل شيء((4)) فليس شيء أقرب إليه من شيء((5)) .
التوحيد : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن بعض رجاله رفعه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)
ص: 14
مثله((1)) .
الكافي : علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن مارد ، أنّ أبا عبدالله (عليه السّلام) سُئل عن قول الله (عزّ وجلّ) : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) ؟
فقال((2)) : استوى من كلّ شيء فليس شيء ] هو [ اقرب إليه من شيء((3)) .
تفسير القمي : حدثنا محمد بن أبي عبدالله قال : حدثنا سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمد بن مارد مثله((4)) .
التوحيد : حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن سهل بن زياد الآدمي ، عن الحسن بن محبوب مثله((5)) .معاني الأخبار - التوحيد : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب قال : حدثني مقاتل بن سليمان قال : سألت جعفر بن محمد
ص: 15
(عليه السّلام) عن قول الله (عزّ وجلّ) : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) ؟ فقال : ... وذكر مثله((1)) .
التوحيد : حدثنا عليّ بن احمد بن محمد بن عمران الدقّاق (رحمه الله) قال : حدثنا أبو القاسم العلوي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال : حدثنا الحسين بن الحسن قال : حدثني إبراهيم بن هاشم القمّي قال : حدثنا العباس بن عمرو الفقيمي ، عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبدالله (عليه السّلام) - وفيه - : قال السائل : فقوله : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) .
قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : بذلك وصف نفسه وكذلك هو مستول على العرش بائنٌ مِن خلقه من غير أن يكون العرش حاملاً له ولا أن يكون العرش حاوياً له ولا أنّ العرش محلّ له ، ولكنّا نقول : هو حامل العرش وممسك العرش ... الى آخر الحديث((2)) .
الاحتجاج : روي عن هشام بن الحكم أنّه قال : من سؤال الزنديق الذي أتى أبا عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((3)) .
التوحيد : حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقّاق (رحمه
ص: 16
الله) قال : حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكي قال : حدثنا الحسين بن الحسن قال : حدثني أبي ، عن حنان بن سدير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن العرش والكرسي ؟
فقال : إنّ للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة ، فقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)((1)) يقول : الملك العظيم ، وقوله : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) يقول : على الملك احتوى ... الى آخر الحديث((2)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الرحمن ابن أبي نجران ، عن صفوان ، عن خلف بن حمّاد ، عن الحسين بن زيد الهاشمي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (بعد ان ذكر السماوات السبع ومن الأرض مثلهنّ) : وهذه السّبع والبحر المكفوف وجبال البرد والهواء وحجب النّور والكرسي عند العرش كحلقة في فلاة قيّ((3)) وتلا هذه الآية (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)((4)) .
ص: 17
التوحيد : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله قال : حدثنا ابراهيم بن هاشم وغيره ، عن خلف بن حمّاد ، عن الحسين بن زيد الهاشمي ، عن أَبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ... وهذه السبع والبحر المكفوف وجبال البرد والحجب والهواء والكرسي عند العرش كحلقة في فلاة قيّ ، ثم تلا هذه الآية : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) ما تحمله الأملاك إلاّ بقول : لا اله الاّ الله ولا حول ولا قوّة الاّ بالله((1)) .
الإحتجاج : ومن سؤال الزنديق الذي سأل أبا عبدالله (عليه السّلام) عن مسائل كثيرة أنه قال - في حديث طويل - : فأخبرني عن الشمس أين تغيب ؟
قال (عليه السّلام) : إنّ بعض العلماء قال : إذا انحدرت أسفل القبة دار بها الفلك إلى بطن السماء صاعدة أبداً ، إلى أن تنحط إلى موضع مطلعها يعني : أنّها تغيب في عين حامية ثم تخرق الأرض راجعةً إلى موضع مطلعها ، فتحير((2))
تحت العرشحتى يؤذن لها بالطلوع ، ويُسلب
ص: 18
نورها كلّ يوم ، وتجلل نوراً آخر .
قال : فالكرسي أكبر أم العرش ؟
قال (عليه السّلام) : كلّ شيء خلقه الله في جوف الكرسي ، ما خلا عرشه ، فإنّه أعظم من أن يُحيط به الكرسي .
قال : فخلق النهار قبل اللّيل ؟
قال (عليه السّلام) : خلق((1)) النهار قبل الليل والشمس قبل القمر ، والأرض قبل السّماء ، ووضع الأرض على الحوت ، والحوت في الماء ، والماء في صخرة مجوّفة ، والصخرة على عاتق ملك ، والملك على الثرى ، والثرى على الريح العقيم ، والريح على الهواء ، والهواء تمسكه القدرة ، وليس تحت الريح العقيم إلا الهواء والظلمات ، ولا وراء ذلك سَعَة ولا ضيق ، ولا شيء يتوهَّم ، ثم خلق الكرسي فحشاه السَّماوات والأرض ، والكرسي أكبر من كلّ شيء خلقه الله((2)) ، ثم خلق العرش فجعله أكبر من الكرسي((3)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
ص: 19
الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من زعم أنّ الله من شيء أو في شيء أو على شيء فقد كفر .
قلت : فسّر لي ؟
قال : أعني بالحواية من الشيء له ، أو بإمساك له أو من شيء سبقه .وفي رواية اُخرى [قال :] من زعم أنّ الله من شيء فقد جعله مُحْدَثاً ، ومن زعم أنّه في شيء فقد جعله محصوراً ، ومن زعم أنّه على شيء فقد جعله محمولاً((1)) .
التوحيد : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد مثله((2)) .
أقول : انّ الله منزّه عن أن يحتويه شيء أو يكون من شيء أو في شيء أو على شيء ، تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً ، بل هو فوق الأشياء كلّها بقدرته .
التوحيد : حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) ، عن عمّه محمد بن أَبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن محمد بن
ص: 20
سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من زعم أنّ الله (عز وجل) من شيء أو في شيء أو على شيء فقد أَشرك ، ثم قال : من زعم أنّ الله من شيء فقد جعله مُحْدَثاً ، ومن زعم أنّه في شيء فقد زعم أنّه محصوراً((1)) ، ومن زعم أنّه على شيء فقد جعله محمولاً((2)) .
التوحيد : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل (رحمه الله) قال : حدثنا عبدالله بن جعفر ، عن احمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن حمّاد قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : كذب من زعم أنّ الله (عزّوجلّ) من شيء أو في شيء أو على شيء((3)) .
* * * * *
قوله تعالى : (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى) (6) .
الكافي : محمد ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن ابان بن تغلب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن
ص: 21
الأرض ، على أيّ شيء هي ؟
قال : هي على حوت((1)) .
قلت : فالحوت على أي شيء هو ؟
قال : على الماء .
قلت : فالماء على أي شيء هو ؟
قال : على صخرة((2)) .
قلت : فعلى أي شيء الصخرة ؟
قال : على قرن ثور أملس .
قلت : فعلى أي شيء الثور ؟
قال : على الثرى .
قلت : فعلى أي شيء الثرى ؟
فقال : هيهات عند ذلك ضلّ علم العلماء((3)) .
أَقول : كان الأئمة الطاهرون (عليهم السّلام) يكلّمون الناس على قدر عقولهم ، والظاهر أن السائل - هنا - لم يكن من أهل الاستيعاب للأسرار والعلوم ولهذا أعرض الامام (عليه السّلام) عن البيان . والله
ص: 22
العالم .
تفسير القمي : حدثنا محمد بن أبي عبدالله ، عن سهل ، عن الحسن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبان بن تغلب قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الأرض ... وذكر مثله((1)) .تفسير القمي : حدثني أبي ، عن علي بن مهزيار ، عن علاء المكفوف ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سئل عن الأرض على أيّ شيء هي ؟
قال : على الحوت .
قيل له : فالحوت على أيّ شيء هو ؟
قال : على الماء .
فقيل له : فالماء على أيّ شيء هو ؟
قال : على الثرى .
قيل له : فالثرى على أيّ شيء هو ؟
قال : عند ذلك انقضى عِلم العلماء((2)) .
بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمد وعبدالله بن عامر ، عن
ص: 23
محمد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر الجعفي قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : فضل أمير المؤمنين ما جاء به النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخذ به وما نهى عنه انتهى عنه ، جرى له من الفضل ما جرى لمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولمحمد الفضل على جميع من خلق الله ، المتعقّب عليه في شي من أحكامه كالمتعقّب على الله وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حدّ الشرك بالله ، كان أمير المؤمنين باب الله الذي لا يؤتى الاّ منه وسبيله الذي من سلك بغيره هلك ، وكذلك جرى على أئمة الهدى واحداً بعد واحد ، وجعلهم الله أركان الأرض أن تميد باهلها والحجّة البالغة من فوق الأرض ومن تحت الثرى ... الى آخر الحديث((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) (7) .
معاني الأخبار : حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) قال : حدثني عمّي محمّد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، قال :
ص: 24
حدثني موسى بن سعدان الحنّاط ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عبدالله بن مسكان ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّ وجلّ) : (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) ؟
قال : السرّ : ما كتمته في نفسك ، وأخفى : ما خطر ببالك ثمّ اُنسيته((1)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) روي عن السيدين الباقر والصادق (عليهما السّلام) السرّ : ما أخفيته في نفسك ، وأخفى : ما خطر ببالك ثمّ اُنسيته((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) (12) .
علل الشرايع : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن يعقوب بن
ص: 25
شعيب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال الله (عزّ وجلّ) لموسى (عليه السّلام) : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) لأنّها كانت من جلد حمار ميّت((1)) .
من لا يحضره الفقيه : سُئل الصادق (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) لموسى (عليه السّلام) : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى) ؟قال : كانتا مِن جلد حمار ميّت((2)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) روي عن الصادق (عليه السّلام) : أنّهما كانتا من ... وذكر مثله((3)) .
علل الشرايع : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن نصر البخاري المقرئ قال : حدثنا أبو عبدالله الكوفي الفقيه ، باسناد متصل الى الصادق جعفر بن محمد (عليه السّلام) أنّه قال في قول الله (عزّوجلّ) لموسى (عليه السّلام) : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) قال : يعني إرفع خوفيك ، يعني خوفه من ضياع أهله وقد خلّفها تمخض ، وخوفه من فرعون((4)) .
* * * * *
ص: 26
قوله تعالى : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْس بِمَا تَسْعَى) (15) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (أَكَادُ أُخْفِيهَا) روى ابن عباس أكاد أخفيها من نفسي وهي كذلك في قراءة أُبيّ وروي ذلك عن الصادق (عليه السّلام)((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى) (18) .
غيبة النعماني : أخبرنا احمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال : حدثنا محمد بن المفضّل بن ابراهيم ، وسعدان بن اسحاق بن سعيد ، وأحمد بن الحسين بن عبدالملك ، ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني قالوا جميعاً : حدثنا الحسن بن محبوب ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : عصا موسى قضيب آس من غرس الجنّة ، أتاه بها جبرائيل لمّا توجه تلقاء مدين ، وهي وتابوت آدم في بحيرة طبريّة ، ولن يبليا ولن يتغيرا حتى يُخرجهما القائم إذا قام((2)) .
مجمع البيان : عبدالله بن سنان
ص: 27
قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : كانت عصا موسى قضيب آس من الجنّة أتاه بها جبرئيل لمّا توجه تلقاء مدين((1)) .
الكافي : أحمد بن إدريس ، عن عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عن علي بن أَسباط ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : ألواح موسى عندنا ، وعصا موسى عندنا ، ونحن ورثة النبيين((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي *
ص: 28
وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً) (24 -35) .
أمالي الطوسي : أخبرنا محمد بن محمد قال : حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة قال : حدّثنا أبو القاسم نصر بن الحسن الوراميني قال : حدّثنا أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي قال : حدثنا محمد بن الوليد المعروف بشباب الصيرفي مولى بني هاشم قال : حدثنا سعيد الأعرج قال : دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبدالله جعفر ابن محمد (عليهما السلام) فابتدأني فقال : يا سليمان ، ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يؤخذ به ، وما نهى عنه ينتهى عنه ، جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولرسوله الفضل على جميع من خلق الله ، العائب على أمير المؤمنين في شيء كالعائب على الله وعلى رسوله ، والرادُّ عليه في صغير أو كبير على حدّ الشّرك بالله .
كان أمير المؤمنين بابَ الله لا يؤتى إلاّ منه ، وسبيله الذي من تمسّك بغيره هلك ، كذلك جرى حكم الأئمّة بعده واحداً بعد واحد ، جعلهم الله
ص: 29
أركان الأرض ، وهم الحجّة البالغة على مَن فوق الأرض ومن تحت الثرى .
أما علمتَ أنّ أمير المؤمنين كان يقول : أنا قسيم الله بين الجنّة والنار ، وأنا الفاروق الأكبر ، وأنا صاحب العصا والميسم ، ولقد أقرّ لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقرّوا لمحمد ، ولقد حملتُ مثل حمولة محمد وهي حمولة الرّب ، وأنّ محمداً يُدعى فيُكسى ويُستنطق فينطق ، واُدعى فاُكسى واُستنطق فأنطق ، ولقد أُعطيت خصالاً لم يعطها أحد قبلي : عُلِّمتُ البلايا والقضايا وفصلَ الخطاب((1)) ؟
قرب الاسناد : محمد بن عيسى ، عن عبدالله بن ميمون ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : وقف النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعَرْج((2))
ثمّ قال : « اللهمّ إنّ عبدك موسى دعاك فاستجبت له ، وألقيت عليه محبّة منك ، وطلب منك أن تشرح له صدره ، وتيسّر له أمره ، وتجعل له وزيراً من أهله ، وتحلّ العقدةمن لسانه ، وأنا أسألك بما سألك عبدك موسى أن تشرح لي صدري ، وتيسّر لي أمري ، وتجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً أخي »((3)) .
ص: 30
مجمع البيان : قال الصادق (عليه السّلام) : حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإنّ موسى بن عمران خرج يقتبس لأهله ناراً فكلّمه الله (عزّ وجلّ) فرجع نبيّاً ، وخرجتْ ملكة سبأ كافرة فأسلمت مع سليمان ، وخرج سحرة فرعون يطلبون العزّة لفرعون فرجعوا مؤمنين((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) (39) .
الإحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال : إِنّ يهوديّاً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السلام) - في كلام طويل - : فلقد
ص: 31
ألقى الله على موسى بن عمران محبّة منه ؟
قال علي (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ، وقد اُعطي محمد ما هو أفضل من هذا ، لقد ألقى الله محبّة منه فمن هذا الذي يشركه في هذا الإسم إذ تمَّ من الله به الشهادة فلا تتمُّ الشهادة إلاّ أن يقال : « أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمداً رسول الله » ينادى به على المنابر ، فلا يُرفع صوتٌ بذكر الله إلاّ رُفع بذكر محمد معه((1)) .* * * * *
قوله تعالى : (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (43 و44) .
معاني الأخبار : حدثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدثنا الحسن ابن علي السكري قال : حدثنا محمد بن زكريّا الجوهري قال : حدثنا جعفر بن محمّد بن عمارة ، عن أبيه ، عن سفيان بن سعيد قال : سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) - وكان والله صادقاً كما سُمّي - يقول : يا سفيان عليك بالتّقية ، فإنّها سنّة إبراهيم الخليل ، وإنّ الله (عزّ وجلّ) قال لموسى وهارون : (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ
ص: 32
قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) يقول الله (عزّ وجلّ) : كنّياه ، وقولا له : يا أبا مصعب (إلى أن قال :) قال سفيان : فقلت له : يا بن رسول الله ، هل يجوز أن يُطمع الله (عزّ وجلّ) عباده في كون ما لا يكون ؟
قال : لا .
فقلت : فكيف قال الله (عزّ وجلّ) لموسى وهارون : (لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) وقد علم أنّ فرعون لا يتذكر ولا يخشى ؟
فقال : إنّ فرعون قد تذكّر وخشِي ، ولكن عند رؤية البأس حيث لم ينفعه الإيمان، ألا تسمع الله (عزّوجلّ) يقول : (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)((1)) فلم يقبل الله (عزّوجلّ) ايمانه ... الى آخر الحديث((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْء خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) (50) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن
ص: 33
الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن ابراهيم بن ميمون ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّ وجلّ) : (أَعْطَى كُلَّ شَيْء خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) ؟
قال : ليس شيء مِن خَلْق الله الاّ وهو يعرف من شكله الذَّكر من الاُنثى .
قلت : ما يعني (ثُمَّ هَدَى) ؟
قال : هداه للنكاح والسفاح من شكله((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الاَْرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَات شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لاُِوْلِي النُّهَى) (53 و54) .
تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن مروان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّ وجلّ) : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لاُوْلِي النُّهَى) ؟
قال : نحن والله أولوا النُهى .
ص: 34
فقلت : جعلت فداكوما معنى أولي النُهى ؟
قال : ما أخبر الله به رسوله ممّا يكون بعده من ادّعاء فلان الخلافة والقيام بها والآخر من بعده ، والثالث من بعدهما وبني اُميّة فأُخبر رسول الله وكان ذلك كما أخبر الله به نبيّه ، وكما أخبر رسول الله علياً ، وكما انتهى إلينا من علي فيما يكون من بعده من المُلك في بني أميّة وغيرهم ، فهذه الآية التي ذكرها الله في الكتاب (إِنَّ فِي ذَلِكَلاَيَات لاُِوْلِي النُّهَى)الذي انتهى إلينا عِلم هذا كلّه ، فصَبرنا لأمر الله ، فنحن قُوّام الله على خلقه ، وخُزّانه على دينه ، نخزنه ونسرُّه ونكتتم به من عدوّنا كما اكتتم رسول الله حتى أذن الله له في الهجرة ، وجاهد المشركين ، فنحن على منهاج رسول الله حتى يأذن الله لنا في إظهار دينه بالسّيف ، وندعو الناس إليه فنضربهم عليه عَوداً كما ضربهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بدءاً((1)) .
مختصر بصائر الدرجات : علي بن اسماعيل بن عيسى ، عن أبي عبدالله محمد بن خالد البرقي ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عمّار بن مروان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله ... وذكر نحوه((2)) .
ص: 35
تأويل الآيات الظاهرة : محمّد بن العباس ، عن أحمد بن ادريس ، عن عبدالله بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عمار بن مروان قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله ... وذكر نحوه((1)) .
تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثني جعفر بن محمد الفزاري معنعناً ، عن أَبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لاُوْلِي النُّهَى) .
قال : نحن والله أولي النهى ، ونحن قوّام الله على خَلقه ، وخُزّانه على دينه ، نخزنه ونستره ونكتم به عدوّنا كما اكتتم به رسول الله حتى أذن الله في الهجرة وجهاد المشركين فنحن على منهاج رسول الله حتّى يأذن الله تعالى باظهار دينه بالسيف وندعو الناس إليه ونضربهم عليه عوداً كما ضربهم عليه رسول الله بدءاً((2)) .
مناقب آل أبي طالب : عمّار بن مروان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لاُوْلِي النُّهَى) فقلت : ما معنى ذلك ؟
قال : ما أخبر الله (عزّ وجلّ) به رسوله ممّا يكون من بعده يعني أمر
ص: 36
الخلافة وكان ذلك كما أخبر الله رسوله وكما أخبر رسوله علياً ، وكما انتهى إلينا من عليّ ممّايكون بعده من الملك ، ثمّ قال بعد كلام : نحن الذين انتهى إلينا علم ذلك كلّه ونحن قُوّام الله على خلقه وخزنة علم دينه((1)) .
تفسير القمي : حدثناأبي ، عن ابن أبي عمير وفضالة ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قوله : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَات لاُِوْلِي النُّهَى) .
قال : نحن أولوا النهى((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) (55) .
الكافي : علي بن محمد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن اسحاق ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال :
ص: 37
دخل عبدالله بن قيس الماصر على أبي جعفر (عليه السّلام) فقال : أخبرني عن الميت لِمَ يغسّل غسل الجنابة ؟ فقال له أبو جعفر (عليه السّلام) : لا اُخبرك - الى أن قال - : إنّ الله تعالى خلق خلاّقين فإذا أراد أن يَخلق خلقاً أمرهم فأخذوا من التربة التي قال في كتابه : (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) فعجن النّطفة بتلك التربة التي يخلق منها بعد أن أسكنها الرّحم أربعين ليلة ، فإذا تمّت لها أربعة أشهر قالوا : يا ربّ نخلق ماذا ؟ فيأمرهم بما يريد من ذكر أو أنثى ، أبيض أو أسود ، فإذا خرجت الرّوح من البدن خرجت هذه النطفة بعينها منه كائناً ما كان صغيراً أو كبيراً ذكراً أو اُنثى ، فلذلك يُغسّل الميت غسل الجنابة ... الى آخر الحديث((1)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : من خُلق من تربة دُفن فيها((2)) .
ص: 38
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحجّال ، عن ابن بكير ، عن أبي منهال ، عن الحارث بن المغيرة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ النطفة إذا وقعت في الرّحم بعث الله (عزّ وجلّ) مَلَكاً فأخذ من التربة التي يدفن فيها فماثّها((1)) في النطفة فلا يزال قلبه يحنّ إليها((2)) حتّى يدفن فيها((3)) .
* * * * *
قوله تعالى : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى * قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الاَْعْلَى) (67 و68) .
أمالي الصدوق : حدثنا محمد بن موسى المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن جعفر الأسدي قال : حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكي قال : حدثنا عبدالله بن أحمد الشامي قال : حدثنا اسماعيل بن الفضل الهاشمي ، قال : سألت أبا عبدالله الصادق (عليه السّلام) عن
ص: 39
موسى بن عمران لمّا رأى حبالهم وعصيّهم كيف أوجس((1)) في نفسه خيفة ولم يُوجسها ابراهيم حين وُضع في المنجنيق وقُذف به على النار ؟فقال (عليه السّلام) : انّ ابراهيم حين وُضع في المنجنيق كان مستنِداً إلى ما في صلبه من أنوار حُجج الله (عزّ وجلّ) ولم يكن موسى كذلك فلهذا أوجس في نفسه خيفة ولم يُوجسها ابراهيم (عليه السّلام)((2)) .
أمالي الصدوق : حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال : حدثني عمّي محمد بن القاسم ، عن أحمد بن هلال ، عن الفضل بن دكين ، عن معمّر ابن راشد قال : سمعت أبا عبدالله الصادق (عليه السّلام) يقول : أتى يهودي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقام بين يديه يُحدّ النّظر إليه ، فقال : يا يهودي ما حاجتك ؟
قال : أنت أَفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلّمه الله ، وأنزل عليه التوراة والعصا ، وفلق له البحر ، وأظلّه بالغمام ؟
فقال له النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّه يُكره للعبد أن يُزكّي
ص: 40
نفسه ، ولكنّي أقول : انّ آدم لمّا أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال : اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا غفرت لي فغفرها الله له ، وانّ نوحاً لمّا ركب في السفينة وخاف الغرق قال : اللهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا أنجيتني من الغرق فنجّاه الله عنه ، وانّ ابراهيم لمّا أُلقي في النار قال : اللهم إنّي أسالك بحقّ محمّد وآل محمّد لما أنجيتني منها فجعلها الله عليه برداً وسلاماً ، وانّ موسى لمّا القى عَصاه وأوجس في نفسه خيفةً قال : اللهمّ إني أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لما أمنتني .
فقال الله (جلّ جلاله) : (لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الاَْعْلَى) .
يا يهودي : انّ موسى لو أدركني ، ثمّ لم يُؤمن بي وبنبوتي ما نفعه ايمانه شيئاً ولا نفعته النبوّة .يا يهودي : ومن ذريَّتي المهدي ، إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته فقدّمه وصلّى خلفه((1)) .
الإحتجاج : عن معمّر بن راشد قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : أتى يهوديّ إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ... وذكر نحوه((2)) .
* * * * *
ص: 41
قوله تعالى : (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى) (74 و75) .
الكافي : عليّ بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمّار الساباطي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاءَ بِسَخَط مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)((1)) فقال : الذين اتّبعوا رضوان الله هم الأئمة وهم - والله يا عمار - درجات للمؤمنين وبولايتهم ومعرفتهم إيّانا يضاعف الله لهم أعمالهم ويرفع ]الله[ لهم الدّرجات العُلى((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَى) (77) .
ص: 42
الاحتجاج : روي عن موسى بن جعفر (عليه السّلام) ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال : إنّ يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السّلام) - في كلام طويل - : فإنّ موسى قد ضُرب له طريق في البحر ، فهل فعل بمحمد شيء من هذا ؟
فقال له علي (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ، ومحمد أُعطي ما هو أفضل من هذا ، خرجنا معه الى حنين فإذا نحن بواد يشخب((1)) ، فقدرناه فإذا هو أربعة عشر قامة ، فقالوا : يا رسول الله العدوّ وراءنا والوادي أمامنا ، كما قال أصحاب موسى : (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) .
فنزل رسول الله ثم قال : « اللهم إنّك جعلت لكلّ مُرسَل دلالة ، فأرني قدرتك » وركب (صلوات الله عليه) فعبرت الخيل لا تندى حوافرها ، والإبل لا تندى أخفافها ، فرجعنا فكان فتحنا((2)) .
* * * * *
ص: 43
قوله تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (82) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفوا حتى تُصدّقوا ولا تُصدّقوا حتى تسلّموا ، أبواباً أربعة لا يصلح أولها إلاّ بآخرها ، ضلّ أصحاب الثلاثة وتاهوا تيهاً بعيداً ، إنّ الله (تبارك وتعالى) لا يقبل إلاّ العمل الصالح ولا يقبل((1)) الله إلاّ الوفاء((2))بالشروط والعهود ، فمن وفى لله (عزّ وجلّ) بشرطه واستعمل((3)) ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل [ما] وعده إنّ الله (تبارك وتعالى) اخبر العباد بطرق الهدى((4)) وشرع لهم فيها المنار وأخبرهم كيف يسلكون فقال : (وَإِنِّي
ص: 44
لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) ... الى آخر الحديث((1)) .
بصائر الدرجات : حدثنا محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (تبارك وتعالى) : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) ؟
قال : ومن تاب من ظلم وآمن من كفر وعمل صالحاً ثمّ اهتدى إلى ولايتنا وأومى بيده إلى صدره((2)) .
المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى - فيما اعلم - عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) ؟
قال : الى ولايتنا والله ، أما ترى كيف اشترط الله (عزّ وجلّ)((3)) ؟
مناقب آل أبي طالب : محمد بن سالم ، عن زيد بن علي وأبو الجارود وأبو الصباح الكناني ، عن الصادق (عليه السّلام) وأبو حمزة ،
ص: 45
عن السجّاد (عليه السّلام) في قوله تعالى : (ثُمَّ اهْتَدَى) إلينا أهل البيت((1)) .تأويل الآيات الظاهرة : عن محمّد بن سليمان بالاسناد ، عن داود ابن كثير الرقي قال : دخلت على أبي عبدالله (عليه السّلام) فقلت له : جعلت فداك قوله تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) فما هذا الاهتداء((2)) بعد التوبة والإيمان والعمل الصالح ؟
(قال :) فقال : معرفة الائمّة - والله - إمام بعد إمام((3)) .
فضائل الشيعة : حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدّثني محمّد بن الحسن الصفار قال : حدّثني عباد بن سليمان ، عن محمّد بن سليمان ، عن أبيه سليمان ، عن داود بن كثير الرقي مثله . الا انّه قال في آخره : والله إمام كذا يا سليمان((4)) .
تفسير العياشي : عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) .
ص: 46
قال : لهذه الآية تفسير يدلّ ذلك التفسير على أنّ الله لا يقبل من عمل عملاً إلاّ ممّن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير ، وما اشترط فيه على المؤمنين ... الى آخر الحديث((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا بْنَ أُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) (92 - 94) .
علل الشرايع : حدثنا علي بن احمد بن محمد ، ومحمد بن أحمد الشيباني ، والحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام (رضي الله عنه) قالوا : حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي الأسدي قال : حدثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن زيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أخبرني عن هارون لِمَ قال لموسى : يا بن أُمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ولم يقل : يا بن أبي ؟
ص: 47
فقال : إنّ العداوات بين الإخوة أكثرها تكون إذا كانوا بني عَلاّت((1)) ، ومتى كانوا بني أُمّ قلّت العداوات بينهم الاّ أن ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه .
فقال هارون لأخيه موسى : يا أخي الذي ولدته أُمّي ولم تلدني غير أُمّه لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ولم يقل : يا بن أبي لأنّ بني الأب إذا كانت أمهاتهم شتّى لم تستبدع((2)) العداوة بينهم الاّ من عصمه الله منهم وإنّما تستبدع العداوة بين بني اُمّ واحدة .
قال : قلت له : فَلِم أخذ برأسه يجرّه إليه وبلحيته ولم يكن له في اتّخاذهم العجل وعبادتهم له ذنب ؟
فقال : إنّما فعل ذلك به لأنّه لم يُفارقهم لمّا فعلوا ذلك ولم يلحق بموسى ، وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب ، ألاترى أنّه قال له موسى : (يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) ؟!
قال هارون : لو فعلت ذلك لتفرّقوا وإنّي خشيتُ أن تقول لي : فرّقت بين بني اسرائيل ولم ترقُب قولي((3)) .
أَقول : لقد جرت العادة على أن يخاطب الانسانُ القريبَ ويعاتبه
ص: 48
على ما صدر من البعيد ، فانّه أكثر زجراً للبعيد على ما إقترفه ، من باب : إيّاك أَعني واسمعي يا جارة .وقد خاطب الله نبيَّه الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بقوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)((1)) مع أنّ النبي منزّه عن الشرك فأراد بذلك أُمَّته ، وهكذا النبي موسى عاتب أخاه هارون وأراد بعتابه أُمّته . والله العالم .
* * * * *
قوله تعالى : (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً * إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْء عِلْماً) (97 و98) .
مجمع البيان : قال الصادق (عليه السّلام) : انّ موسى هَمَّ بقتل السامري فاوحى الله سبحانه إليه : لا تقتله يا موسى فإنّه سخيّ . ثم أقبل موسى على قومه فقال : (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ) أي هو الذي يستحقُّ العبادة (وَسِعَ كُلَّ شَيْء عِلْماً) أي يعلم كلّ شيء علماً
ص: 49
تاماً((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (يَوْمَئِذ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الاَْصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً) (108) .
تأويل الآيات الظاهرة : محمد بن العباس قال : حدثنا محمد بن همام بن سهيل ، عن محمد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر(عليهما السّلام) ، عن أبيه (عليه السّلام) قال : سألت أبي عن قول الله (عزّ وجلّ) : (يَوْمَئِذ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ) ؟
قال : الداعي أمير المؤمنين (عليه السّلام)((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (يَوْمَئِذ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً * وَعَنَتِ
ص: 50
الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً * وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً) (109 - 112) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السّلام) ، عن أبيه (عليه السّلام) قال : سمعت أبي يقول ورجل يسأله عن قول الله (عزّ وجلّ) : (يَوْمَئِذ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) ؟ قال : لا ينال شفاعة محمد يوم القيامة إلاّ من أذن له بطاعة آل محمّد وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً وعملاً فيهم فحييَ على مودّتهم ومات عليها ، فرضي الله قوله وعمله فيهم . ثمّ قال : وَعَنَتِ الوجُوهُ لِلْحَي القَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً لآل محمّد ، كذا نزلت ، ثمّ قال : (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً) قال : مؤمن بمحبة آل محمّد ومبغض لعدوّهم((1)) .
عدّة الداعي : عن الصادق (عليه السّلام) من دخل على سلطان
ص: 51
يخافه فقرأ عندما يقابله (كهيعص) ويضمُّ يده اليمنى كلّما قرأ حرفاً ضمّ إصبعاً ، ثمّ يقرأ (حمعسق) ويضمّ أصابع يده اليسرى كذلك ، ثمّ يقرأ : (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً)ويفتحها في وجهه ، كفي شرّه((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً * وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (114 و115) .
الكافي : حدثني أحمد بن إدريس القمّي ومحمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن أيوب ، عن أبي يحيى الصنعاني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال لي : يا أبا يحيى إنّ لنا في ليالي الجمعة لشأناً من الشأن .
قال : قلت : جعلت فداك وما ذاك الشأن ؟
قال : يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى وأرواح الأوصياء الموتى وروح الوصيّ الذي بين ظهرانيكم ، يعرج بها إلى السماء حتّى توافي عرش
ص: 52
ربّها ، فتطوف به أسبوعاً وتصلّي عند كلّ قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثمّ تُردّ إلى الأبدان الّتي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد مُلؤوا سروراً ، ويصبح الوصيِّ الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جمّ الغفير((1)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن جعفر بن محمد الكوفي ، عن يوسف الأبزاري ، عن المفضّل قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) ذات يوم وكان لا يكنّيني قبل ذلك : يا أبا عبدالله .قال : قلت : لبّيك .
قال : إنّ لنا في كلّ ليلة جمعة سروراً .
قلت : زادك الله وما ذاك ؟
قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله العرش ووافى الائمّة معه ووافينا معهم ، فلا تردُّ أرواحنا إلى أبداننا إلاّ بعلم مستفاد ، ولولا ذلك لأنفدنا((2)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن عبدالله بن محمد ، عن الحسين بن أحمد المنقري ، عن يونس أو المفضّل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما من ليلة جمعة إلاّ ولاولياء الله فيها سرور .
ص: 53
قلت : كيف ذلك جعلت فداك ؟
قال : اذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله العرش ووافى الائمّة ووافيت معهم فما أرجع إلاّ بعلم مستفاد ولولا ذلك لنفد ما عندي((1)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ذريح المحاربي قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا ذريح لولا أنّا نزداد لأنفدنا((2)) .
الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ليس يخرج شيء من عند الله (عزّ وجلّ) حتى يبدأ برسول الله ثم بأمير المؤمنين ثمّ بواحد بعد واحد ، لكيلا يكون آخرنا أعلم من أوّلنا((3)) .
الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن جعفر بن
ص: 54
محمد بن عبيد الله ، عن محمد بن عيسى القمي ، عن محمد بن سليمان ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ) كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمّة من ذرِّيتهم (فَنَسِيَ) هكذا والله نزلت على محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((1)) .
تفسير العياشي : عن جميل بن درّاج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما (عليهما السلام) قال : سألته كيف أخذ الله آدم بالنسيان ؟
فقال : إنّه لم ينسَ ، وكيف ينسى وهو يُذكِّره ، ويقول له إبليس : (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)((2)) .
أقول : قوله تعالى : (فَنَسِيَ) النسيان هنا بمعنى الترك وعليه اكثر المفسّرين ، ولعلّ معنى قوله تعالى : (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) أي عزماً ثابتاً على ترك الذنب فانّه أَخطأ ولم يتعمّد ، وقال البعض : ولم نجد له حفظاً لما أُمر به ، وخلاصة الأَمر أنّه تَرك الأولى له ، وهو عدم الاقتراب من الشجرة ، والله العالم .
* * * * *
ص: 55
قوله تعالى : (فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) (121) .
علل الشرائع : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل (رحمه الله) قال : حدّثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن فضالة ، عن الحسنبن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : جاء نفر من اليهود الى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فسألوه عن مسائل فكان فيما سألوه : اخبرنا يا محمّد لأيّ علّة توضأ هذه الجوارح الأربع وهي انظف المواضع في الجسد ؟
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لمّا أن وسوس الشيطان إلى آدم ، دنا من الشجرة ونظر إليها ذهب ماء وجهه ، ثم قام ومشى إليها وهي أوّل قدم مشت إلى الخطيئة ، ثم تناول بيده منها ممّا عليها ، فأكل فطار الحلي والحلل عن جسده ، فوضع آدم يده على اُم رأسه وبكى ... الى آخر الحديث((1)) .
* * * * *
ص: 56
قوله تعالى : (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْض عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) (123 - 127) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجّار ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السّلام) قال : انّه سأل أباه عن قول الله (عزّ وجلّ) : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى) ؟
قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا أيُّها الناس اتَّبعوا هدى الله تهتدوا وترشدوا وهو هُداي ، وهداي هُدى علي بن أبي طالب فمن اتَّبع هداه في حياتي وبعد موتي فقد اتَّبع هداي ، ومن اتَّبع هداي فقد اتّبع هدى الله ، ومن اتّبع هدى الله فلايضلُّ ولا يشقى ، قال : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا
ص: 57
فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ) في عداوة آل محمّد (وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) ... الى آخر الحديث((1)) .
الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن السياري ، عن علي بن عبدالله قال : سأله رجلٌ عن قوله تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى) .
قال : من قال بالائمّة واتَّبع أمرهم ولم يجز طاعتهم((2)) .
أقول : جاز الموضع : خلَّفه أي تركه خلفه - كما في أقرب الموارد - والمراد من الحديث انَّ على المؤمنين أن يتبعوا أَئمة أهل البيت (عليهم السّلام) ويقتدوا بهم في أقوالهم وأفعالهم ولا يتخلَّفوا عن طاعتهم وامتثال أوامرهم ففيه خير دنياهم وعقباهم ، نسأل الله التوفيق والعاقبة للمتقين .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن الحسين بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله
ص: 58
(عليه السّلام) في قول الله (عزّ وجلّ) : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً) .
قال : يعني به ولاية أمير المؤمنين .
قلت : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) ؟
قال : يعني أعمى البصر في الآخرة ، أعمى القلب في الدُّنيا عن ولاية أمير المؤمنين قال : وهو متحيِّر في القيامة ، يقول : (رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا)
قال : الآيات : الائمة (فَنَسِيتَهَا
وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) يعنيتركتها ، وكذلك اليوم تُترك في النار كما تركت الائمة فلم تُطع أمرهم ولم تسمع قولهم .
قلت : (وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) ؟
قال : يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين غيره ، ولم يؤمن بآيات ربّه ، وترك الائمّة معاندة فلم يتّبع آثارهم ولم يتولّهم .
قلت : (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ)((1)) ؟
قال : ولاية أمير المؤمنين .
قلت : (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الاْخِرَةِ) ؟
قال : معرفة أمير المؤمنين والائمّة (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) .
ص: 59
قال : نزيده منها قال : يستوفى نصيبه من دولتهم (وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الاْخِرَةِ مِن نَّصِيب)((1)) .
قال : ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصيب((2)) .
مناقب آل أبي طالب : أبو بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً) يعني ولاية أمير المؤمنين .
قلت : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) ؟
قال : يعني أعمى البصيرة في الآخرة أعمى القلب في الدُّنيا عن ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال : وهو متحير في الآخرة يقول : (لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا) .
قال : الآيات : الائمّة ]عليهم السّلام[ : (فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الائمة فلم تُطع أمرهم ولم تسمع قولهم قال :(وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى) كذلك نجزي من أشرك بولاية أمير المؤمنين((3)) .
ص: 60
الكافي : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : من مات وهو صحيح موسر ولم يحجّ فهو ممّن قال الله (عزّ وجلّ) : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) .
قال : قلت : سبحان الله أعمى ؟
قال : نعم انّ الله (عزّ وجلّ) اعماه عن طريق الحق((1)) .
التهذيب : محمد بن يعقوب ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان مثله((2)) .
التهذيب : موسى بن القاسم ، عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن رجل له مال ولم يحجّ قط ؟
قال : هو ممّن قال الله (عزّ وجلّ) : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) .
قال : قلت : سبحان الله أعمى ؟
قال : أعماه الله في طريق الجنّة((3)) .
ص: 61
تفسير القمي : حدثنا أبي ، عن ابن أبي عمير وفضالة ، عن معاوية ابن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن رجل لم يحج قطّ وله مال ؟ قال ... وذكر مثله((1)) .من لا يحضره الفقيه : روي عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن رجل لم يحج قط وله مال ؟
فقال : هو ممّن قال الله (عزّ وجلّ) : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) .
فقلت : سبحان الله أعمى ؟
فقال : أعماه الله (عزّ وجلّ) عن طريق الخير((2)) .
مجمع البيان : روى معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن رجل لم يحج ... وذكر مثله((3)) .
تفسير القمي : أخبرنا أحمد بن ادريس قال : حدثنا أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن ابراهيم بن المستنير ، عن معاوية بن
ص: 62
عمّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : عن قول الله : (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً) .
قال : هي والله النُصّاب .
قال : جعلت فداك قد رأيناهم دهرَهم الأطول في كِفاية حتى ماتوا .
قال : ذلك - والله - في الرجعة يأكلون العذرة((1)) .
تفسير البرهان : رواه السيد المعاصر في كتاب (الرجعة) عن أحمد ابن محمد بن عيسى بالاسناد عن ابراهيم بن المستنير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) ... الى آخر الحديث((2)) .مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عمر ابن عبد العزيز ، عن رجل ، عن ابراهيم بن المستنير ، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((3)) .
* * * * *
قوله تعالى : (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) (130) .
ص: 63
الخصال : حدثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان ، عن بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدثنا تميم ابن بهلول ، عن أبيه قال : حدثنا اسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) ؟
فقال : فريضة على كلّ مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرات وقبل غروبها عشر مرات : « لا إله الاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير » .
قال : فقلت : « لا اله الاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، ويميت ويحيي » .
فقال : يا هذا لا شك في أنّ الله يُحيي ويُميت ، ويُميت ويُحيي ، ولكن قل كما أقول((1)) .
أَقول : الفريضة هنا بمعنى الاستحباب المؤكّد إذ من المسلّم انّ هذه الاذكار لا تجب قراءتها قبل الطلوع والغروب .
* * * * *
ص: 64
قوله تعالى : (وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (131) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبي المغرا ، عن زيد الشحّام ، عن عمرو بن سعيد ابن هلال قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّي لا أكاد القاك إلاّ في السنين فأوصني بشيء آخذ به .
قال : أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث والورع والإجتهاد ، واعلم أنّه لا ينفع اجتهاد لا ورع معه ، وإيّاك أن تطمح نفسك((1)) إلى من فوقك وكفى بما قال الله (عزّوجلّ) لرسوله : (فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ)((2)) وقال الله (عزّوجلّ) لرسوله : (وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا) فإن خفت شيئاً من ذلك فاذكر عيش رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإنّما كان قوته الشعير ، وحلواه التمر ، ووقوده السّعف إذا وجده ، وإذا اُصبت بمصيبة فاذكر مصابك
ص: 65
برسول الله ، فإنّ الخلق لم يصابوا بمثله (عليه السّلام) قط((1)) .
أمالي الطوسي : حدّثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي (رحمه الله) قال : أخبرنا الحسين بن ابراهيم القزويني قال : أخبرنا أبو عبدالله محمد بن وهبان الأزدي قال : حدّثنا أبو علي محمد بن أحمد بن زكريا قال : حدثنا الحسن بن علي بن فضّال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي كهمس ، عن عمرو بن سعيد بن هلال قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : أوصني .فقال : اُوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد ، واعلم أنّه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه ، وانظر الى من هو دونك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك ، فكثيراً ما قال الله (عزّوجلّ) لرسوله : (فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ) وقال (عزّ ذكره) : (وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا) فان نازعتك نفسك إلى شيء من ذلك ، فاعلم أنّ رسول الله كان قُوته الشعير ، وحلواه التمر ، ووقوده السّعف ، وإذا أُصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله ، فانّ الناس لم يصابوا بمثله أبداً ، ولن يصابوا بمثله أبداً((2)) .
ص: 66
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن النعمان ، عن أبي اُسامة زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من لم يتعزَّ بعزاء الله تقطّعت نفسه حسرات على الدنيا ، ومن أتبع بصره ما في أيدي النّاس كثر همّه ولم يشف غيظه ، ومن لم ير لله (عزّوجلّ) عليه نعمة إلاّ في مطعم أو مشرب أو ملبس فقد قصر عمله ودنا عذابه((1)) .
أقول : قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « من لم يتعزَّ بعزاء الله » قال ابن منظور في (لسان العرب) : معناه من لم يَرُدَّ أمره الى الله فليس منّا . والعزّاء : السَّنَة الشديدة ، وقيل : هي الشدة .
وقال الفيض الكاشاني : « العزاء » الصبر والسلوة أو حسن الصبر . ومعنى الحديث : أنّ من لم يصبر ولم يسل أو لم يحسن الصبر والسلوة على مارزقه الله من الدنيا بل أراد الزيادة في المال أو الجاه ممّا لم يرزقه إيّاه تقطعت نفسه متحسّراً حسرة بعد حسرة على ما يراه في يدي غيره ممّن فاق عليه في العيش ، فهو لم يزل يتبع بصره ما في أيدي الناس ومن اتبع بصره ما في أيدي الناس كثر همّه ولم يشفغيظه ، فهو لم ير انّ لله
ص: 67
عليه نعمة إلاّ نعم الدنيا وإنّما يكون كذلك من لا يوقن بالاخرة ومن لم يوقن بالاخرة قصر عمله واذ ليس له من الدنيا بزعمه إلاّ قليل مع شدّة طمعه في الدنيا وزينتها فقد دنا عذابه نعوذ بالله من ذلك ومنشأ ذلك كلّه الجهل وضعف الايمان ...((1)) .
تفسير القمي : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : لمّا نزلت هذه الآية استوى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جالساً ، ثم قال : مَن لم يتعزّ بعزاء الله تقطّعت نفسه على الدُّنيا حسرات ، ومن اتَّبع بصره ما في أيدي الناس طال همّه ولم يشف غيظه ، ومن لم يعرف ان لله عليه نعمة إلاّ في مطعم أو في مشرب قَصُرَ أجله ودنا عَذابُه((2)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ) قال أُبي بن كعب في هذه الآية :
من لم يتعزَّ بعزاء الله تقطّعت نفسه حسرات على الدنيا ، ومن يتبع بصره ما في أيدي الناس يطل حزنه ولا يشفي غيظه ، ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعمه ومشربه نقص عمله ودنا عذابه .
وروى أصحابنا عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال : لمّا نزلت هذه الآية استوى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جالساً ، ثم قال
ص: 68
هذه الكلمات التي تقدّمت((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى) (135) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العبّاس : حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن إسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجّار ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السّلام) قال : سألت أبي عن قول الله (عزّوجلّ) : (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى) ؟
قال : (الصِّرَاطِ السَّوِيِّ) هو القائم (عليه السّلام) والهدى من اهتدى الى طاعته ، ومثلها في كتاب الله (عزّوجلّ) : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى)((2)) قال : إلى ولايتنا((3)) .
ص: 69
تفسير القمي : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : نحن - والله - سبيل الله الذي أمر الله باتباعه ، ونحن - والله - الصِّراط المستقيم ، ونحن - والله - الذين أمر الله العباد بطاعتهم ، فمن شاء فليأخذ من هنا ، ومن شاء فليأخذ من هناك ، ولا يجدون والله عنّا محيصاً((1)) .
ص: 70
ثواب الأعمال : حدّثني محمد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدّثني محمد بن يحيى قال : حدّثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن حسّان ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الحسن ، عن يحيى بن مساور ، عن فضيل الرسّان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ سورة الأنبياء حبّاً لها كان كمن((1)) رافق النبيّين أجمعين في جنّات النّعيم ، وكان مهيباً في أعين النّاس حياة الدُّنيا((2)) .
مجمع البيان : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من قرأ سورة الأنبياء ... وذكر مثله((3)) .
ص: 71
تفسير البرهان : من كتاب (خواصّ القرآن) - عن الصادق (عليه السّلام) : من كتبها في رقّ ظبي وجعلها في وسطه ونام ، لم يستيقظ حتى يرفع الكتب عن وسطه ، وهذا يصلح للمرضى ومن طال سهره من فكر أو خوف أو مرض فإنّه يبرأ بإذن الله تعالى((1)) .
* * * * *قوله تعالى : (لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ) (3) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا أحمد بن القاسم ، عن أحمد بن محمّد السياري ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن محمد بن علي ، عن علي بن حمّاد الأزدي ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ) .
ص: 72
قال : « الّذين ظلموا » آل محمّد حقّهم((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (7) .
أقول : تقدَّمت الأحاديث المرتبطة بالآية الشريفة في تفسير سورة النحل آية (43) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) (8) .
مجمع البيان : في تفسير أهل البيت (عليهم السّلام) بالإسناد عن زرارة ومحمد بن مسلم وحمران بن أعين ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قالا : تبدّلالأرض خبزة نقيّة يأكل النّاس منها حتّى يفرغ من الحساب قال الله تعالى : (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ)((2)) .
* * * * *
ص: 73
قوله تعالى : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ * لاَ تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ)(12 - 15) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن منصور ، عن اسماعيل بن جابر ، عن ابي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا) .
قال : وذلك عند قيام القائم (إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ)قال : الكنوز التي كانوا يكنزون (قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً) بالسّيف (خَامِدِينَ) لا تبقى منهم عين تطرف((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالاَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ * لَوْ
ص: 74
أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (16 - 18) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن يونس بن يعقوب ، عن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الغناء ، وقلت : إنّهم يزعمون أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) رخَّص في أن يقال : جئناكم جئناكم ، حيّونا حيّونا نحيّكم ؟
فقال : كذّبوا ، إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) ثمّ قال : ويلٌ لفلان ممّا يصف - رجل لم يَحضُر المجلس -((1)) .
المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن رفعه قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ليس من باطل يقوم بإزاء الحق إلاّ غلب
ص: 75
الحقّ الباطل ، وذلك قول الله : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ)((1)) .
المحاسن : البرقي ، عن يعقوب بن يزيد ، عن رجل ، عن الحكم بن مسكين ، عن أيوب بن الحرّ بيّاع الهروي قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا أيوب ما من أحد إلاّ وقد يرد عليه الحقّ حتى يصدع قلبه((2)) ، قَبِله أم تَركه ، وذلك انّ الله يقول في كتابه : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)((3)) .* * * * *
قوله تعالى : (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الاَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ
ص: 76
اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ * أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ * وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُول إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ * وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (19 - 28) .
عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : حدّثنا محمّد بن القاسم المفسّر المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه) قال : حدّثنا يوسف بن محمّد بن زياد وعلي بن محمّد بن سيّار ، عن أَبويهما ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه علي بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه الرضا علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق جعفر بن محمّد (صلوات الله عليهم أجمعين) - في حديث - قال : قال الله (عزّوجلّ) : (وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ) يعني الملائكة (لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ) وقال (عزّوجلّ) في الملائكة أيضاً : (بَلْ عِبَادٌ
ص: 77
مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)((1)) .
كمال الدين : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن موسى الورّاق ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن داود بن فرقد العطّار قال : قال لي بعض أصحابنا : أخبرني عن الملائكة أينامون ؟
قلت : لا أدري .
فقال : يقول الله (عزّوجلّ) : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ)ثمّ قال : الا اطرفك عن أبي عبدالله (عليه السّلام) فيه بشيء ؟
]قال :[ فقلت : بلى .
فقال : سُئل عن ذلك ، فقال : ما من حيّ إلاّ وهو ينام ما خلا الله وحده (عزّوجلّ) والملائكة ينامون .
فقلت : يقول الله (عزّوجلّ) : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ) ؟
ص: 78
فقال : أنفاسهم تسبيح((1)) .
التوحيد : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : ما الدّليل على انّ الله واحد ؟
قال : اتّصال التدبير ، وتمام الصنع ، كما قال (عزّوجلّ) : (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا)((2)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن ابيه ، عن عباس بن عمرو الفقيمي ، عن هشام بن الحكم ، في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبدالله (عليه السّلام) وكان من قول أبي عبدالله(عليه السّلام) : لا يخلو قولك : أنّهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين ، أو يكونا ضعيفين ، أو يكون أحدهما قوياً والآخر ضعيفاً ، فإن كانا قويين فلِمَ لا يدفع كل واحد منهما صاحبه ويتفرّد بالتدبير ! ؟
ص: 79
وإن زعمت أنّ أحدهما قوي والآخر ضعيف ، ثبتَ أنّه واحد كما نقول للعجز الظاهر في الثاني ، فإن قلت : إنّهما اثنان لم يخل من أن يكونا متفقين من كلّ جهة ، أو مفترقين من كلّ جهة ، فلمّا رأينا الخلق منتظماً والفلك جارياً ، والتدبير واحداً ، والليل والنّهار والشّمس والقمر دلَّ صحة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أنّ المدبّر واحد .
ثمَّ يلزمك إن ادعيت اثنين فرجة ما بينهما ، حتّى يكونا اثنين ، فصارت الفرجة ثالثاً بينهما قديماً معهما فيلزمك ثلاثة .
فإن ادّعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين حتى تكون بينهم فرجة فيكونوا خمسة ، ثمّ يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة .
قال هشام : فكان من سؤال الزنديق ان قال : فما الدليل عليه ؟
فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : وجود الأفاعيل دلّت على أنّ صانعاً صنعها ألا ترى انّك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني ، علمت أنّ له بانياً وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده .
قال : فما هو ؟
قال : شيء بخلاف الأشياء ارجع بقولي إلى اثبات معنى ، وانّه شيء بحقيقة الشيئية ، غير أنّه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام ، ولا تنقصه الدُّهور ، ولا تغيّره الأزمان((1)) .
ص: 80
التوحيد : حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقاق (رحمه الله) قال : حدّثنا أبو القاسم العلوي قال : حدّثنا محمّد بن اسماعيل البرمكي قال : حدّثنا الحسين بن الحسن قال : حدّثني ابراهيم بن هاشم القمي قال : حدّثنا العباس بن عمرو الفقيمي ، عنهشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبدالله (عليه السّلام) فكان من قول أبي عبدالله (عليه السّلام) له : لا يخلو قولك : انّهما اثنان من أن يكونا ... وذكر مثله((1)) .
التوحيد : حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدّثنا محمّد بن اسماعيل البرمكي قال : حدّثنا الحسين بن الحسن قال : حدّثني أبي ، عن حنان بن سدير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن العرش والكرسي - وذكر الحديث الى ان قال (عليه السّلام) - : فمن اختلاف صفات العرش أنّه قال (تبارك وتعالى) (رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) وهو وصف عرش الوحدانية لأن قوماً اشركوا كما قلت لك ، قال (تبارك وتعالى) : (رَبِّ الْعَرْشِ) ربّ الوحدانية عمّا يصفون ، وقوماً وصفوه بيدين ، فقالوا (يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ)((2)) وقوماً وصَفوه بالرِّجلين فقالوا : وَضَع
ص: 81
رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السّماء ، وقوماً وصفوه بالأنامل فقالوا : انّ محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : إنّي وجدتُ بَرد أنامله على قلبي ، فلمثل هذه الصفات قال : ربّ العرش عمّا يصفون يقول : ربّ المَثل الأعلى عمّا به مثّلوه ، ولله المَثل الأعلى الذي لا يشبَهه شيء ، ولا يوصف ولا يتوهّم فذلك المثل الأَعلى ، ووَصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم ، فوصفوا ربّهم بأدنى الأمثال وشبّهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به فلذلك قال : (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا)((1)) فليس له شبه ولا مثل ولا عدل وله الأسماء الحُسنى التي لا يسمّى بها غيره ، وهي التي وصفها في الكتاب ، فقال : (فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ)((2)) جهلاً بغير علم فالذي يُلحِد في أَسمائه بغير علم يُشرك وهو لا يعلم ويكفر به وهو يظن أنّه يحسن ، فلذلك قال : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ)((3)) فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها .
يا حنان : إنّ الله (تبارك وتعالى) أمر أن يتخذ قوم أولياء فهم الذين أعطاهم الله الفضل وخصّهم بما لم يخص به غيرهم ، فأرسل محمداً
ص: 82
فكان الدليل على الله بإذن الله (عزّوجلّ) حتّى مضى دليلاً هادياً ، فقام من بعده وصيّه دليلاً هادياً على ما كان هو دلَّ عليه من أمر ربّه من ظاهر علمه ، ثمّ الأئمّة الرّاشدون((1)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي)قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يعني ب- (ذِكْرُ مَن مَّعِيَ) ما هو كائن ، وب- (ذِكْرُ مَن قَبْلِي) ما قد كان((2)) .
اختيار معرفة الرجال : محمّد بن مسعود قال : حدّثني اسحاق بن محمّد البصري ، قال : حدّثني عبدالله بن القاسم ، عن خالد الجوان قال : كنت أنا والمفضّل بن عمر وناس من أصحابنا بالمدينة وقد تكلّمنا في الربوبية قال : فقلنا : مروا الى باب أبي عبدالله (عليه السّلام) حتى نسأله .
قال : فقمنا بالباب ، قال : فخرج إلينا وهو يقول : (بَلْ عِبَادٌ
ص: 83
مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)((1)) .
أقول : المقصود من قوله : « في الربوبية » أي ربوبية الأَئمة المعصومين (عليهم السّلام) .
عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثنا علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي ، ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي ، ثمّ قال (عليه السّلام) : إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من اُمّتي ، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل .
قال الحسين بن خالد : فقلت للرضا (عليه السّلام) : يابن رسول الله فما معنى قول الله (عزّوجلّ) : (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى) ؟
قال : لا يشفعون إلاّ لمن ارتضى الله دينه((2)) .
ص: 84
التوحيد : حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير قال : سمعت موسى بن جعفر (عليه السّلام) يقول - في حديث - : حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن علي (عليهم السّلام) قال : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من اُمّتي ، فأمّا المحسنون منهم فما عليهم من سبيل .
قال ابن أبي عمير : فقلت له : يابن رسول الله فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر ، والله (تعالى ذكره) يقول : (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) ومن يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى ؟
فقال : يا أبا أحمد : ما من مؤمن يرتكب ذنباً إلاّ ساءه ذلك وندم عليه ، وقد قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « كفى بالندم توبة » ، وقال : « من سَرّته حسنته وساءته سيّئته فهو مؤمن » فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ، وكان ظالماً - وساق الحديث إلى أن قال (عليه السّلام) - : وأمّا قول الله(عزّوجلّ) : (وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى) فإنّهم لا يشفعون إلاّ لمن ارتضى الله دينه ، والدّين الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيِّئات ، فمن ارتضى الله دينه نَدِم على ما ارتكبَه من الذنوب لمعرفَته بعاقبته في القيامة((1)) .
ص: 85
الخصال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن الهيثم العجلي وأحمد بن الحسن القطّان ومحمّد بن أحمد السناني والحسين بن ابراهيم بن أحمد ابن هشام المكتب وعبدالله بن محمّد الصائغ وعلي بن عبدالله الوراق (رضي الله عنهم) قالوا : حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال : حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدّثنا تميم بن بهلول قال : حدّثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال : هذه شرائع الدين لمن أراد أن يتمسك بها وأراد الله هداه - الى أن قال - : وأصحاب الحدود فُسّاق لا مؤمنون ولا كافرون ولا يخلدون في النار ، ويخرجون منها يوماً ، والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين إذا ارتضى الله (عزّوجلّ) دينهم ... الى آخر الحديث((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ * أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْء حَيّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ)(29 و30) .
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن
ص: 86
عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : خرج هشام بن عبد الملك حاجّاً ومعه الأبرش الكلبي فلقيا أبا عبدالله (عليه السّلام) في المسجد الحرام فقال هشام للأبرش : تعرف هذا ؟
قال : لا .قال : هذا الذي تزعم الشّيعة انّه نبي من كثرة علمه .
فقال الأبرش : لأسألنّه عن مسائل لا يجيبني فيها إلاّ نبيٌّ أو وصي نبيّ .
فقال هشام : وددتُ أنّك فعلت ذلك .
فلقي الأبرش أبا عبدالله (عليه السّلام) فقال : يا أبا عبدالله أخبرني عن قول الله (عزّوجلّ) : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) فبما كان رتقُهما((1)) ، وبما كان فتقهما ؟
فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا أبرش هو كما وصف نفسه وكان عرشه على الماء ، والماء على الهواء ، والهواء لا يحد ، ولم يكن يومئذ خَلق غيرهما ، والماء يومئذ عذب فرات ، فلمّا أراد أن يخلُق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتّى صار موجاً ، ثمّ أزبد فصار زَبداً واحداً فجمعه في موضع البيت ، ثمّ جعله جبلاً من زبد ، ثمَّ دحا الأرض من تحته ، فقال
ص: 87
الله (تبارك وتعالى) : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْت وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً)((1)) ثمَّ مكث الرّب (تبارك وتعالى) ما شاء فلمّا أراد أن يخلق السّماء أمر الرياح فضربت البحور ، حتّى أزبدت بها فخرج من ذلك الموج والزّبد من وسطه دخان ساطع من غير نار ، فخلق منه السّماء ، وجعل فيها البروج والنّجوم ومنازل الشّمس والقمر وأجراها في الفلك ، وكانت السّماء خضراء على لون الماء الأخضر ، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب ، وكانتا مرتوقتين ليس لهما ابواب ، ولم يكن للأرض أبواب ، وهو النّبت ، ولم تمطر السّماء عليها فتنبت ، ففتق السّماء بالمطر ، وفتق الأرض بالنبات ، وذلك قوله : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) .
فقال الأبرش : والله ما حدَّثني بمثل هذا الحديث أحد قطّ ، أعد عليَّ ، فأعاد عليه ، وكان الأبرش ملحداً فقال : أنا أشهد أنّك ابن نبيّ - ثلاث مرات -((2)) و((3)) .
مجمع البيان : في قوله : (أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً
ص: 88
فَفَتَقْنَاهُمَا) قيل : كانت السماء رتقاً لا تمطر وكانت الأرض رتقاً لا تنبت ففتقنا السماء بالمطر والأرض بالنبات . وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((1)).
الاختصاص : قال : حدّثنا عبد الرحمن بن ابراهيم قال : حدّثنا الحسين بن مهران قال : حدّثني الحسين بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) قال : جاء رجل من اليهود إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : يا محمّد أنت الذي تزعم أنّك رسول الله وأنّه يُوحى إليك كما أُوحي إلى موسى بن عمران ؟
قال : نعم أنا سيّد ولد آدم ولا فخر ، أنا خاتم النبيّين وإمام المتّقين ورسول ربّ العالمين .
فقال : يا محمّد إلى العرب أُرسلت ، أم الى العجم ، أم الينا ؟
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّي رسول الله الى النّاس كافّة - وسأله اليهودي عن مسائل وأجابه (صلّى الله عليه وآله
ص: 89
وسلّم) عنها ، وفي كلّ جواب مسألة يقول اليهودي له : صدقت يا محمّد ، فكان فيما سأله ان قال : - فأخبرني عن فضلك على النبيين وفضل عشيرتك على النّاس ؟
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أمّا فضلي على النبيِّين فما من نبي إلاّ دعا على قومه وأنا اخترتُ دعوتي شفاعة لاُمّتي يوم القيامة ، وأمّا فضل عشيرتي وأهل بيتي وذريتي كفضل الماء على كل شيء ، بالماء يبقى كلّ شيء ويحيى كما قال ربّي (تبارك وتعالى) : (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْء حَيّ) ومحبة أهل بيتي وعشيرتي وذريَّتي يستكمل الدين .قال : صدقت يا محمّد ... الى آخر الحديث((1)) .
قرب الأسناد : الحسن بن ظريف ، عن الحسين بن علوان ، عن جعفر (عليه السّلام) قال : كنت عنده جالساً إذ جاءه رجل فسأله عن طعم الماء ، وكانوا يظنون انّه زنديق ، فأقبل أبو عبدالله (عليه السّلام) يصوّب فيه ويصعد((2)) ، ثمّ قال له : ويلك طعم الماء طعم الحياة إنّ الله (جلّ وعزّ)
ص: 90
يقول : (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْء حَيّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ)((1)) .
مجمع البيان : روى العياشي باسناده عن الحسين بن علوان قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن طعم الماء ؟
فقال له : سل تفقّهاً ولا تسأل تعنّتاً طعم الماء طعم الحياة ، قال الله سبحانه : (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْء حَيّ)((2)) .
تفسير العياشي : عن سيف بن عميرة ، عن شيخ من أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كنّا عنده فسأله شيخ ، فقال : بي وجع ، وأنا أشرب له النبيذ ووصفه له الشيخ ؟
فقال له : ما يمنعك من الماء الذي جعل الله منه كلّ شيء حيّ ؟
قال : لا يوافقني .
قال : فما يمنعك من العسل ؟ قال الله : (فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ)((3)) .قال : لا أجده .
قال : فما يمنعك من اللَّبن الذي نبت منه لحمك ، واشتدَّ عظمك ؟
ص: 91
قال : لا يُوافقني .
قال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : أتريد أن آمرك بشرب الخمر ؟ لا والله لا آمرك((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (كُلُّ نَفْس ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (35) .
التوحيد : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا علي بن ابراهيم ، عن محمّد ابن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن حفص بن قرط ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من زعم انّ الله (تبارك وتعالى) يأمر بالسّوء والفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم أنّ الخير والشرّ بغير مشيِّة الله فقد أخرج الله من سلطانه ، ومن زعم أنّ المعاصي بغير قوّة الله فقد كذب على الله ، ومن كذب على الله أدخله الله النّار .
يعني بالخير والشرّ : الصحّة والمرض ، وذلك قوله (عزّوجلّ) :
ص: 92
(وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً)((1)) .
مجمع البيان : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) : انّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) مرض فعاده اخوانه ، فقالوا : كيف تجدك يا أمير المؤمنين ؟
قال : بشرّ .قالوا : ما هذا كلام مثلك .
قال : إنّ الله تعالى يقول : (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) فالخير : الصّحة والغنى ، والشرّ : المرض والفقر((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (خُلِقَ الاِْنسَانُ مِنْ عَجَل سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ) (37) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (خُلِقَ الاِنسَانُ مِنْ عَجَل) قيل : همَّ بالوثوب فهذا معنى قوله : (مِنْ عَجَل) وروي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .
ص: 93
الخصال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي الله عنه) قال : حدّثنا أبي ، عن محمّد بن أحمد ، عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي ، عن عبيدالله الدّهقان ، عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن زيد القتّات ، عن أبان بن تغلب قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : مع التثبّت تكون السلامة ، ومع العجلة تكون الندامة ، ومن ابتدأ بعمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاَءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الاَْرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ) (44) .
مجمع البيان : عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : نقصانها ذهاب عالمها((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ
ص: 94
شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّة مِّنْ خَرْدَل أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (47) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابراهيم الهمداني ، يرفعه إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) .
قال : [هم] الأنبياء والأوصياء (عليهم السّلام)((1)) .
معاني الأخبار : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا عبد الرحمن بن محمد الحسينيّ قال : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن عيسى بن أبي مريم العجلي قال : حدّثنا محمد بن أحمد بن عبدالله بن زياد العرزمي قال : حدّثني علي بن حاتم المنقري ، عن هشام بن سالم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله((2)) .
مناقب آل أبي طالب : عن ابن دراج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) .
قال : الرّسل ، والائمّة من أهل بيت محمد (عليهم السّلام)((3)) .
ص: 95
الإحتجاج : - من سؤال الزنديق الذي سأل أبا عبدالله (عليه السّلام) عن مسائل كثيرة انّه قال - : أو ليس توزن الأعمال ؟قال (عليه السّلام) : لا ، إنّ الأعمال ليست بأجسام ، وإنّما هي صفة ما عملوا ، وإنّما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء ، ولا يعرف ثقلها أو خفتها ، وإنّ الله لا يخفى عليه شيء .
قال : فما معنى الميزان ؟
قال (عليه السّلام) : العدل .
قال : فما معناه في كتابه : (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ)((1)) ؟
قال (عليه السّلام) : فمن رجَح عَملُه((2)) .
مجمع البيان : قرأ : « آتينا بها » بالمدّ . ابن عباس وجعفر بن محمّد .
وروي عن الصّادق (عليه السّلام) أنّه قال : معناه : جازينا بها((3)) .
* * * * *
ص: 96
قوله تعالى : (فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ) (58) .
الإحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال : - إنّ يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السّلام) - في كلام طويل - : فهذا إبراهيم جذّ((1)) أصنام قومه غضباً لله (عزّوجلّ) ؟قال علي (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ، ومحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد نكس عن الكعبة ثلاثمائة وستين صنماً ، ونفاها عن جزيرة العرب ، وأذلّ من عبدها بالسيف ... الى آخر الحديث((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) (63) .
ص: 97
تفسير القمي : قوله تعالى : (فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) . فقال الصادق (عليه السّلام) : والله ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم .
فقيل : وكيف ذلك ؟
قال : إنّما قال : (فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) إن نطق وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئاً((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحسن الصيقل قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : انّا قد روينا عن أبي جعفر (عليه السّلام) في قول يوسف (عليه السّلام) : (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)((2)) .
فقال : والله ما سرقوا وما كذب .
وقال إبراهيم : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) .
فقال : والله ما فعلوا وما كذب .
قال : فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ما عندكم فيها يا صيقل ؟
ص: 98
قال : فقلت : ما عندنا فيها الاّ التسليم .قال : فقال : انّ الله أحبّ اثنين وأبغض اثنين ، أحبَّ الخطِر((1)) فيما بين الصفَّين وأحبّ الكذب في الاصلاح ، وأبغض الخَطِر في الطُرقات وأبغض الكذب في غير الاصلاح ، إنّ ابراهيم إنّما قال : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) إرادة الاصلاح ودلالة على انّهم لا يفعلون .
وقال يوسف : إرادة الاصلاح((2)) .
معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن أحمد ، عن أبي اسحاق ابراهيم بن هاشم ، عن صالح بن سعيد ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) في قصّة ابراهيم : (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) ؟
قال : ما فعله كبيرهم وما كذب ابراهيم .
فقلت : فكيف ذاك ؟
قال : انّما قال ابراهيم (فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ)ان نطقوا فكبيرهم فعل وان لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئاً فما نطقوا وما كذب ابراهيم ... الى آخر الحديث((3)) .
ص: 99
الكافي : أبو عليّ الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن الحجّال ، عن ثعلبة ، عن معمّر بن عمرو ، عن عطاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لا كذب على مصلح ثمّ تلا (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)((1)) ثمّ قال : والله ما سرقوا وما كذب ثم تلا (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) ثمّ قال : والله ما فعلوه وما كذب((2)) .الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الكلام ثلاثة : صدق ، وكذب ، واصلاح بين الناس .
قال : قيل له : جعلت فداك ما الإصلاح بين النّاس ؟
قال : تسمع من الرّجل كلاماً يبلغه فتخبث نفسه فتلقاه فتقول : سمعت من فلان قال فيكَ من الخير كذا وكذا خلاف ما سمعت منه((3)) .
* * * * *
ص: 100
قوله تعالى : (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الاَْخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الاَْرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)(68 - 71) .
تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدثني علي بن محمّد بن عمر الزهري معنعناً ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) .
قال : إنَّ أوَّل منجنيق عُمل في الدّنيا منجنيق عُمل لإبراهيم بسور الكوفة في نهر يقال له : كوني ، وفي قرية يقال لها : قنطانا ! فلمّا عمل ابليس المنجنيق وأجلس فيه إبراهيم وأرادوا أن يرموا به في نارها أتاه جبرئيل ، فقال : السلام عليك يا ابراهيم ورحمة الله وبركاته ألك حاجة ؟
قال : مالي إليك حاجة ، بعدها قال الله تعالى : (يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ)((1)) .
تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : كان فرعون ابراهيم لغير
ص: 101
رشد وأصحابه لغير رشد((1)) ، فإنّهم قالوا لنمرود : (حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ) وكان فرعون موسى وأصحابه رَشْدة ، فإنّه لمّا استشار اصحابه في موسى (قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِر عَلِيم)((2)) فحبس ابراهيم وجُمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي القى فيه نمرود إبراهيم في النّار ، برز نمرود وجنوده - وقد كان بُنيَ لنمرود بناء لينظر منه إلى ابراهيم كيف تأخذه النّار - فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق ، لأنّه لم يقدر واحد ان يقرب من تلك النار عن غلوة((3)) سهم وكان الطائر من مسيرة فرسخ يرجع عنها ان يتقارب من النار وكان الطائر إذا مرّ في الهواء يحترق ، فوُضع ابراهيم في المنجنيق ، وجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له : ارجع عمّا أنت عليه ، وأنزل الربّ ملائكته إلى السّماء الدّنيا ، ولم يبق شيء إلاّ طلب إلى ربّه ، وقالت الأرض : يا ربّ ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيُحرَق ؟ وقالت الملائكة : يا ربّ خليلك إبراهيم يُحرَق ؟
فقال الله (عزّوجلّ) : أما إنّه إن دعاني كفيته ، وقال جبرئيل : يا ربّ
ص: 102
خليلك إبراهيم ليس في الأرض أحد يعبدك غيره ، فسلّطت عليه عدوّه يُحرقه بالنار ؟
فقال : اُسكت ، إنّما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت ، هو عبدي آخذه إذا شئت ، فإن دعَاني أجبته . فدعا إبراهيم ربّه بسورة الإخلاص « يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، نجّني من النار برحمتك » فالتقى معه جبرئيل في الهواء وقد وُضع في المنجنيق ، فقال : يا إبراهيم هل لك اليّ من حاجة ؟
فقال إبراهيم : أمّا إليك فلا ، وأمّا الى ربّ العالمين فنعم ، فدفع إليه خاتماً عليه مكتوب : « لا إله الا الله محمّد رسول الله ، الجأتُ ظهري إلى الله أسندت أمري الى (قوة - خ ل) الله ، وفوّضت أمري الى الله » فأوحى الله الى النار : (كُونِي بَرْداً)فاضطربت أسنان ابراهيم من البرد حتّى قال : (وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) وانحطّ جبرئيل وجلس معه يُحدّثه في النار ، ونظر إليه نمرود فقال : من اتَّخذ إلهاً فليتّخذ مثل إله إبراهيم .
فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود : إنّي عزمت على النار أن لا تُحرقه ، فخرج عمود من النّار نحو الرّجل فأحرقته ، فآمن له لوط وخرج مهاجراً الى الشام ، ونظر نمرود إلى ابراهيم في روضة خضراء في النّار ومعه شيخ يُحدّثه فقال لآزر : ما أكرم ابنك على ربّه ؟
قال : وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم ، وكان الضفدع يذهب بالماء
ص: 103
ليطفئ به النّار ، قال : ولمّا قال الله للنّار : (كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً) لم تعمل النّار في الدنيا ثلاثة أيّام ، ثمَّ قال الله (عزّوجلّ) : (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الاَْخْسَرِينَ) فقال الله : (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الاَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) يعني ]إلى[ الشام وسواد الكوفة وكوثى ربا((1)) .
مجمع البيان : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : لمّا أُجلس ابراهيم في المنجنيق وأرادوا أن يرموا به في النار أتاه جبرائيل فقال : السلام عليك يا إبراهيم ورحمة الله وبركاته ألك حاجة ؟
فقال : أما إليك فلا ، فلمّا طرحوه دعا الله فقال :
« يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد » فحسرت النّار عنه وإنّه لمحتب ومعه جبرائيل وهما يتحدّثان في روضة خضراء((2)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن حجر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : خالف ابراهيم قومه وعاب آلهتهم حتى أدخل على نمرود فخاصمه ، فقال ابراهيم : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ
ص: 104
الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)((1)) وقال أبو جعفر (عليه السّلام) : عاب آلهتهم (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ)((2)) .
قال أبو جعفر (عليه السّلام) : والله ما كان سقيماً وما كذب ، فلمّا تولّوا عنه مدبرين إلى عيد لهم دخل إبراهيم إلى آلهتهم بقدوم((3)) فكسرها إلاّ كبيراً لهم ، ووضع القدوم في عنقه فرجعوا الى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها فقالوا : لا والله ، ما اجترأ عليها ولا كسرها إلاّ الفتى الّذي كان يَعيبها ويبرأ منها ، فلم يجدوا له قتلة أعظم من النّار ، فجمع له الحطب واستجادوه ، حتّى إذا كان اليوم الذي يُحرق فيه برز له نمرود وجنوده وقد بُني لهُ بناءاً لينظر إليه كيف تأخذه النّار ، ووضع إبراهيم في منجنيق ، وقالت الأرض : يا ربّ ، ليس على ظهري أحد يعبدك غيره يُحرَق بالنّار ؟
قال الربّ : إن دعاني كفيته ... الى آخر الحديث((4)) .
أمالي الصدوق : حدّثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قال : حدّثنا محمّد بن موسى المتوكّل قال : حدّثنا محمّد بن جعفر الأسدي قال : حدّثنا محمّد بن اسماعيل
ص: 105
البرمكي قال : حدّثنا عبدالله بن أحمد الشامي قال : حدّثنا اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال : سألت أبا عبدالله الصادق (عليه السّلام) عن موسى ابن عمران (عليه السّلام) لما رأى حبالهم وعصيَّهم ، كيف أوجس في نفسه خيفة ولم يوجسها ابراهيم (عليه السّلام) حين وُضع في المنجنيق وقذف به على النار ؟
فقال (عليه السّلام) : إنّ ابراهيم حين وُضع في المنجنيق ، كان مستنداً إلى ما في صلبه من أنوار حجج الله (عزّوجلّ) ، ولم يكن موسى كذلك ، فلهذا أوجس في نفسه خيفة ، ولم يوجسها ابراهيم((1)) .
أمالي الطوسي : حدّثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي (رضي الله عنه) قال : أخبرنا أبو عبدالله الحسين بن إبراهيم القزويني قال : أخبرنا أبو عبدالله محمّد بن وهبان الهنائي البصري قال : حدّثني أحمد بن ابراهيم بن أحمد قال : أخبرني أبو محمّد الحسن ابن علي بن عبد الكريم الزعفراني قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن خالد البرقي أبو جعفر قال : حدّثني أبي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام ،
ص: 106
عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان لنمرود مجلس يُشرِف منه على النار فلمّا كان بعد ثلاثة أشرف على النّار هو وآزر وإذا إبراهيم (عليه السّلام) مع شيخ يُحدّثه في روضة خضراء قال : فالتفت نمرود الى آزر فقال : يا آزر ما أكرم ابنك على ربّه ؟! قال : ثمّ قال نمرود لإبراهيم : أخرج عنّي ولا تُساكني((1)) .
الإحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال : - إنّ يهودياً من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين (عليه السّلام) في كلام طويل - : فإنّ ابراهيم (عليه السّلام) قد أسلمه قومه إلى الحريق فصبر فجعل الله (عزّوجلّ) عليه برداً وسلاماً فهل فعل بمحمد شيئاً من ذلك ؟
قال له علي (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ، ومحمّد لمّا نزل بخيبر سمته الخيبرية فصيَّر الله السمّ في جوفه برداً وسلاماً إلى منتهى أجله ، فالسُّم يحرق إذا استقرَّ في الجوف كما أنّ النار تُحرق ، فهذا من قدرته لا تنكره((2)) .
ص: 107
أمالي الصدوق : حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه قال : حدّثني عمّي محمّد بن القاسم ، عن أحمد بن هلال ، عن الفضل بن دكين ، عن معمّر ابن راشد قال : سمعت أبا عبدالله الصادق (عليه السّلام) يقول : - في حديث - قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : وإنّ ابراهيم لمّا أُلقي في النار قال : « اللهمّ إنّي أسألك بحقِّ محمّد وآل محمّد لمّا أنجيتني منها » فجعلها الله عليه برداً وسلاماً ... الى آخر الحديث((1)) .
الاحتجاج : عن معمّر بن راشد قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : (في حديث) قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّ إبراهيم لمّا ألقي في النار قال : « اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا آمنتني » فجعلها برداً وسلاماً ... الى آخر الحديث((2)) .
علل الشرايع : حدّثنا محمّد بن الحسن قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن اُورمة ، عن عبدالله بن محمّد ، عن داود بن أبي يزيد ، عن عبدالله بن هلال ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : لمّا أُلقي ابراهيم في النّار تلقّاه
ص: 108
جبرئيل في الهواء وهو يهوي ، فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟
فقال : أمّا إليك فلا((1)) .
علل الشرايع : بهذا الاسناد عن محمّد بن أورمة ، عن الحسن بن عليّ ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا ألقي إبراهيم (عليه السّلام) في النّار أوحى الله (عزّوجلّ) إليها : وعزّتي وجلالي لئن آذيتيه لأعذّبنّك ، وقال : لمّاقال الله (عزّوجلّ) : (يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) ما انتفع أحد بها ثلاثة أيّام وما سخنت ماءهم((2)) .
الكافي : محمّد ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السرّاج ، عن بشر بن جعفر ، عن مفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : أتدري ما كان قميص
ص: 109
يوسف ؟
قال : قلت : لا .
قال : إن إبراهيم لمّا أوقدت له النّار أتاه جبرئيل بثوب من ثياب الجنّة فألبسه((1)) إيّاه فلم يضرّه معه حرّ ولا برد ... الى آخر الحديث((2)) .
كمال الدين : حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن اُورمة ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي إسماعيل السرّاج ، عن بشر بن جعفر ، عن المفضّل - الجعفي أظنّه - عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((3)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ) (72) .
معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا أحمد بن ادريس ، عن
ص: 110
محمّد بن أحمد بن عيسى بن محمّد ، عن علي بن مهزيار ، عن أحمد بن محمّد البزنطي ، عنيحيى بن عمران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً) .
قال : ولد الولد نافلة((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) (73) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، ومحمّد بن الحسين ، عن محمّد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال : إنّ الأئمّة في
كتاب الله (عزّوجلّ) إمامان ، قال الله (تبارك وتعالى) : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) لا بأمر النّاس يُقدّمون أمر الله قبل أمرهم ، وحكم الله قبل حكمهم ، قال (تعالى) : (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ)((2)) يقدمون أمرهم قبل أمر الله ،
ص: 111
وحكمهم قبل حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله((1))(عزّوجلّ)((2)) .
الاختصاص : محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن طلحة بن زيد عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : الأئمة ... وذكر مثله((3)) .
تفسير القمي : حدّثنا حميد بن زياد قال : حدّثنا محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : الأئمّة في كتاب الله إمامان إمام عدل وإمام جور ، قال الله : ... وذكر مثله((4)) .* * * * *
قوله تعالى : (وَدَاوُدَ وَسُلَيْم-َانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ) (78) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن
ص: 112
سعيد ، عن بعض أصحابنا ، عن المعلّى أبي عثمان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَدَاوُدَ وَسُلَيْم-َانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) ؟
فقال : لا يكون النّفش((1)) إلاّ بالليل انّ على صاحب الحرث ان يحفظ الحرث بالنهار ، وليس على صاحب الماشية حفظها بالنّهار ، وانّما رعيها بالنّهار وأرزاقها((2)) فما أفسدت فليس عليها ، ]ولا على صاحبها شيء [وعلى أصحاب الماشية((3)) حفظ الماشية بالليل عن حرث الناس فما أفسدت بالليل فقد ضمنوا وهو النفش وانّ داود حكم للذي أصاب زرعه رقاب الغنم وحكم سليمان الرّسل والثلَّة وهو اللبن والصوف في ذلك العام((4)) .
التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابنا مثله((5)) .
أَقول : كان حكم نبي الله داود (عليه السّلام) موافقاً لما جاء في التوراة وهو الحكم برقاب الغنم مع النفش ، وكان حكم نبي الله سليمان (عليه السّلام) هو الأَصح والأَنسب بهذا الموضوع ، ولعلّه كان ناسخاً لما
ص: 113
جاء في التوراة وهو الحكم بفوائد الغنم لمدّة عامواحد من اللَّبن والصوف والولد ، وكان هذا الحكم يكشف عن أَنّ خليفة داود هو سليمان لا غيره .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبدالله بن بحر ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : قول الله (عزّوجلّ) : (وَدَاوُدَ وَسُلَيْم-َانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ) قلت : حين حكما في الحرث كانت قضية واحدة ؟
فقال : انّه كان أوحى الله (عزّوجلّ) إلى النبيّين قبل داود إلى أن بعث الله داود : أيَّ غنم نفشت في الحرث فلصاحب الحرث رقاب الغنم ولا يكون النفش إلاّ بالليل ، فإنّ على صاحب الزّرع أن يحفظه بالنّهار ، وعلى صاحب الغنم حفظ الغنم بالليل ، فحكم داود بما حكمت به الأنبياء من قبله .
وأوحى الله (عزّوجلّ) إلى سليمان : أي غنم نفشت في زرع فليس لصاحب الزرع إلاّ ما خرج من بطونها ، وكذلك جرت السنة بعد سليمان ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً)((1)) فَحَكم كل واحد منهما بحكم الله (عزّوجلّ)((2)) .
ص: 114
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن يزيد بن اسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن البقر والغنم والإبل يكون في الرّعي فتفسد شيئاً هل عليها ضمان ؟
فقال : إن أفسدت نهاراً فليس عليها ضمان من أجل أنّ أصحابه يحفظونه وإن افسدت ليلاً فإنّ عليها ضمان((1)) .
تفسير القمي : حدثني أبي ، عن عبدالله بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان في بني اسرائيل رجل له كرم ونفشتفيه غنم رجل آخر بالليل وقضمته وأفسدته فجاء صاحب الكرم الى داود فاستعدى على صاحب الغنم ، فقال داود : اذهبا الى سليمان ليحكم بينكما ، فذهبا إليه فقال سليمان : إن كانت الغنم أكلت الأصل والفرع فعلى صاحب الغنم أن يدفع الى صاحب الكرم الغنم وما في بطنها ، وإن كانت ذهبت بالفرع ولم تذهب بالأصل فإنّه يدفع ولدها إلى صاحب الكرم ، وكان هذا حكم داود وإنّما أراد أن يُعرِّف بني اسرائيل أنّ سليمان وصيّه بعده ، ولم يختلفا في الحكم ولو اختلف حكمهما لقال : كنّا لحكمهما شاهدين((2)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ) .
ص: 115
قيل : كان كرماً وقد بدت عناقيده فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم .
فقال سليمان : غير هذا يا نبي الله .
قال : وما ذاك ؟
قال : يُدفع الكرم الى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان ، ويدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان ، ثمّ دفع كلّ واحد منهما إلى صاحبه ماله ، روي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((1)) .
الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن علي بن محمّد ، عن بكر بن صالح ، عن محمّد بن سليمان ، عن عيثم بن أسلم ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الإمامة عهد من الله (عزّوجلّ) معهود لرجال مسمّين ، ليس للإمام أن يزويها عن الّذي يكون من بعده ، إنَّ الله (تبارك وتعالى) أوحى إلى داود : أن أتخذ
ص: 116
وصيّاً من أهلك فإنّه قد سبق في علمي أن لا أبعث نبيّاً إلاّ وله وصيّ من أهله وكان لداود أولاد عدّة وفيهم غلام كانت أمّه عند داود وكان لها محباً ، فدخل داودعليها حين أتاه الوحيّ فقال لها : إنّ الله (عزّوجلّ) أوحى إليّ يأمرني : أن أتّخذ وصيّاً من أهلي .
فقالت له امرأته : فليكن ابني ؟
قال : ذلك أريد وكان السابق في علم الله المحتوم عنده أنّه سليمان ، فأوحى الله (تبارك وتعالى) إلى داود : أن لا تعجل دون أن يأتيك أمري فلم يلبث داود أن ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم فأوحى الله (عزّوجلّ) إلى داود : أن أجمع ولدك فمن قضى بهذه القضيّة فأصاب فهو وصيّك من بعدك فجمع داود ولده فلمّا أن قصّ الخصمان قال سليمان : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرّجل كرمك ؟
قال : دخلته ليلاً قال : قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا ، ثمّ قال له داود : فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوّم ذلك علماء بني اسرائيل وكان ثمن الكرم قيمة الغنم ؟
فقال سليمان : إنّ الكرم لم يجتثّ من أصله وإنّما أكل حمله وهو عائد في قابل ، فأوحى الله (عزّوجلّ) إلى داود : إنّ القضاء في هذه القضيّة ما قضى سليمان به ، يا داود أردت أمراً وأردنا أمراً غيره ، فدخل داود على امرأته فقال : أردنا أمراً وأراد الله (عزّوجلّ) أمراً غيره ولم يكن إلاّ ما
ص: 117
أراد الله (عزّوجلّ) ، فقد رضينا بأمر الله (عزّوجلّ) وسلّمنا وكذلك الأوصياء (عليهم السّلام) ، ليس لهم أن يتعدّوا بهذا الأمر فيجاوزون صاحبه إلى غيره((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْم-َانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ * وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوس لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ * وَلِسُلَيْم-َانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الاَْرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْء عَالِمِينَ)(79 - 81) .
الإحتجاج : روي عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال : إنّ يهودياً من يهود الشام وأحبارهم - قال لأمير المؤمنين (عليه السّلام) في كلام طويل - : هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبل معه لخوفه .
قال له علي (عليه السّلام) : لقد كان كذلك ومحمّد (صلّى الله عليه
ص: 118
وآله وسلّم) أُعطي ما هو أفضل من هذا ، إنه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي((1)) من شدّة البكاء ، وقد آمنه الله (عزّوجلّ) من عقابه ، فأراد أن يتخشع لربّه ببكائه فيكون إماماً لمن اقتدى به ....
ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما هو أفضل من هذا : إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال له : (قِر فإنّه ليس عليك إلا نبي أو صديق شهيد) فقرَّ الجبل مطيعاً لأمره ومنتهياً إلى طاعته .
ولقد مررنا معه بجبل وإذ الدموع تخرج من بعضه ، فقال له النبي : ما يبكيك يا جبل ؟
فقال : يا رسول الله كان المسيح مرّ بي وهو يخوّف الناس من نار وقودها الناس والحجارة وأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة ، قال له : لا تخف ، تلك الحجارة الكبريت ، فقرَّ الجبل وسكن وهدأ ، وأجاب لقوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((2)) .
ص: 119
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن شريف ابن سابق ، عن الفضل بن أبي قرة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال : أوحى الله (عزّوجلّ) إلى داود : أنّك نعم العبد لو لا انّك تأكل من بيت المال ، ولا تعمل بيدك شيئاً .
قال : فبكى داود أربعين صباحاً فأوحى الله (عزّوجلّ) إلى الحديد : أنْ لِنْ لعبدي داود فأَلان الله (عزّوجلّ) له الحديد فكان يعمل كلّ يوم درعاً فيبيعها بألف درهم ، فعمل ثلاثمائة وستّين درعاً فباعها بثلاثمائة وستين ألفاً واستغنى عن بيت المال((1)) .
التهذيب : أحمد بن أبي عبدالله ، عن شريف بن سابق ، عن الفضل ابن أبي قرة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أوحى الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله((2)) .
من لا يحضره الفقيه : روى شريف بن سابق التفليسي ، عن الفضل ابن أبي قرة السمندي الكوفي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال : ... وذكر مثله((3)) .
ص: 120
كمال الدين : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا علي بن ابراهيم ابن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) - أنّه قال في حديث يذكر فيه قصّة داود - : انّه خرج يقرأ الزّبور وكان إذا قرأ الزّبور لا يبقى جبل ولا حجر ولا طائر إلاّ جاوبته ... الى آخر الحديث((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ) (83 - 86) .
الكافي : يحيى بن عمران ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ) . قلت : ولده كيف اُوتي مثلهم مَعهم ؟
قال : أحيا له من ولده الذين كانوا ماتوا قبل ذلك بآجالهم مثل الذين
ص: 121
هلكوا يومئذ((1)) .
تفسير القمي : حدّثنا محمّد بن جعفر قال : حدّثنا محمّد بن عيسى ابن زياد ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن عبدالله بن بكير وغيره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ) .
قال : أحيى الله له أهله الذين كانوا قبل البلية ، وأحيى له أهله الذين ماتوا وهو في البلية((2)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ) قال ابن عباس وابن مسعود : ردَّ الله سبحانه عليه أهله الذين هلكوا بأعيانهم وأعطاه مثلهم معهم ، وكذلك ردّ الله عليه أمواله ومواشيه بأعيانها وأعطاه مثلها معها ، وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .
علل الشرايع : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن درست الواسطي قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : أنّ أيوب ابتلي من غير ذنب((4)) .
ص: 122
علل الشرائع - الخصال : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الخزّاز ، عن فضلالأشعري ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ابتلي أيّوب (عليه السّلام) سبع سنين بلا ذنب((1)) .
علل الشرائع : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن فضل الأشعري ، عن الحسن بن الربيع بن علي الربعي ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) ابتلى أيوب بلا ذنب فصبر حتّى عُيّر((2)) وإنّ الأنبياء لا يصبرون على التعيير((3)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن سنان ، عن عثمان النّوا ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ الله (عزّوجلّ) يبتلي المؤمن بكلّ بليّة ويميته بكلّ ميتة ولايبتليه بذهاب عقله أما ترى أيوب كيف سُلّط ابليس على ماله وولده وعلى أهله وعلى كلّ شيء منه ولم يسلّطه على عقله ، ترك له ما يوحّد الله
ص: 123
(عزّوجلّ) به((1)) .
الكافي : علي بن محمّد ، عن علي بن الحسن ، عن منصور بن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)((2)) .
فقال : يا أبا محمّد يُسلَّط والله من المؤمن على بدنه ولا يسلّط على دينه ، قد سُلّط على أيوب فشوّه خلقه ولم يسلّط على دينه وقد يسلّط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلّط على دينهم ... الى آخر الحديث((3)) .
أَقول : قد وردت روايات بعضها معتبرة السند وبعضها ضعيفة السند حول إِبتلاء نبي الله أَيّوب (عليه السّلام) بالأمراض الشديدة وبفقدان الأَهل والأولاد وذهاب الأموال ، والذي يمكن القول : انّ أيوب إِمتحنه الله (تعالى) إمتحاناً صعباً وشديداً ليرفع درجاته ويُعوّضه بالعظيم من ثوابه وهذه سُنة الله (عزّوجلّ) في أنبيائه وأوليائه والصالحين من عباده ، وقد سُئل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أي الناس أشدّ بلاءً ؟
ص: 124
فقال : الأَنبياء ثم الصالحون ثم الأَمثل فالأَمثل من الناس((1)) .
وقد صبر النبي أيوب على محنته وبلائه حتى صار مثلاً بين الناس إلى يومنا هذا فيقال : صبر أيّوب ، ولم يصدر منه ضجر ولا شكوى بل كان شاكراً لله محتسباً ، فردّ الله عليه أهله وماله وضاعف له عددهم فقال سبحانه : (وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ) .
وقال : (وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ)((2)) .
ثم عافاه الله وشافاه وأَمَره بضرب رجله في الأرض فظهرت عين ماء إِغتسل منها فذهب ما كان به من مرض في جسمه ، قال تعالى : (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ)((3)) هذه خلاصة قصته .
وأمّا ما جاء في بعض الروايات من ان الله سلّط الشيطان عليه فجاءه ونفخ في جسمه فصارت قرحة من قرنه الى قدمه وتدوّد جسمه ونتن وأَخرجه قومه إلى خارج البلد ... فهي أحاديث ضعيفة أو محمولة على التقية لأن العامَّة رووا ذلك ، وقد ذكر الشيخ الصدوق (طاب ثراه) حديثاً عن الامام الصادق (عليه السّلام) ينفي كل تلك الامور ، واليك الحديث :
ص: 125
الخصال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا الحسن بن عليّ السكريّ قال : حدّثنا محمّد بن زكريا الجوهري قال : حدّثنا جعفر ابن محمّد بن عمارة ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : إنّ أيّوب ابتلى من غيرذنب وإنّ الانبياء لا يذنبون لأنّهم معصومون مطهّرون لا يذنبون ولا يزيغون((1)) ولا يرتكبون ذنباً ، صغيراً ولا كبيراً .
وقال (عليه السّلام) : إنّ أيوب - مع جميع ما ابتُلي به - لم ينتن له رائحة ولا قبحت له صورة ولا خرجت منه مدّة من دم ولا قيح ، ولا استقذره أحد رآه ، ولا استوحش منه أحد شاهده ، ولا تدوَّد شيء من جسده ، وهكذا يصنع الله (عزّوجلّ) بجميع من يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه ، وإنّما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره لجهلهم بما له عند ربّه (تعالى ذكره) من التأييد والفَرَج .
وقد قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « أعظم النّاس بلاءً الأنبياء ثمّ الأمثل فالأمثل » .
وإنّما ابتلاه الله (عزّوجلّ) بالبلاء العظيم - الّذي يهون معه على جميع النّاس - لئلاّ يدّعوا له الرّبوبيّة اذا شاهدوا ما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه ، ليستدلّوا بذلك على أنّ الثواب من الله
ص: 126
(تعالى ذكره) على ضربين : استحقاق واختصاص ، ولئلاّ يحتقروا ضعيفاً لضعفه ، ولا فقيراً لفقره ، ولا مريضاً لمرضه ، وليعلموا أنّه يُسقِم من يشاء ويشفي من يشاء متى شاء كيف شاء بأيّ سبب شاء ، ويجعل ذلك عبرة لمن يشاء وشقاوة لمن يشاء وسعادة لمن يشاء ، وهو في جميع ذلك عَدْل في قضائه وحكيم في أفعاله لا يفعل بعباده إلاّ الأصلح لهم ولا قوّة لهم إلاّ به((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ * وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَالَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) (87 - 90) .
الكافي : أحمد بن محمّد العاصمي ، عن علي بن الحسن التيملي ،
ص: 127
عن عمرو بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال له رجل من أهل خراسان بالربّذة : جعلت فداك لم أرزق ولداً ؟
فقال له : إذا رجعت إلى بلادك وأردت أن تأتي أهلك فأقرأ إذا أردتَ ذلك : (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) إلى ثلاث آيات فإنّك سترزق ولداً إن شاء الله((1)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن الحارث النصري قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّي من أهل بيت قد انقرضوا وليس لي ولد ، قال : ادع وانت ساجد : « ]ربّ هب لي من لدنك ولياً يرثني[ ربّ هب لي من لدنك ذريّة طيّبة إنّك سميع الدّعاء ، ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين » . قال : ففعلت فَوَلد لي عليّ والحسين((2)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى)روى الحرث بن المغيرة قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) ... وذكر مثله((3)) .
ص: 128
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن رجل ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من أراد أن يحبل له فليصلّ ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع والسجود ، ثم يقول : « اللهم إنّي اسألك بما سألك به زكريا يا ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين ، اللهم هب لي من لدنك ذريّةطيبة إنك سميع الدعاء ، اللهم باسمك استحللتُها وفي أمانتك أخذتُها فإن قضيت في رحمها ولداً فاجعله غلاماً مباركاً ]زكياً[ ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً »((1)) .
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالله بن سيار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في بيت اُم سلمة في ليلتها ففقدته من الفراش ، فدخلها من ذلك ما يدخل النّساء ، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتّى انتهت إليه وهو في جانب من البيت قائم رافع يديه يبكي وهو يقول : « اللهمّ لا تنزع منّي صالح ما أعطيتني أبداً ، اللهم ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً ، اللهمّ
ص: 129
لا تُشمِت بي عدوّاً ولا حاسداً أبداً ، اللهمّ لا تردّني في سوء استنقذتني منه أبداً » قال : فانصرفتْ اُم سلمة تبكي حتى انصرف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لبكائها .
فقال لها : ما يبكيك يا اُم سلمة ؟
فقالت : بأبي أنت واُمّي يا رسول الله ولِمَ لا أبكي وأنت بالمكان الذي أنت به من الله ، قد غَفَر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ، تسأله أن لا يُشمت بك عدوّاً أبداً ولا حاسداً وأن لا يردّك في سوء استنقذك منه أبداً وأن لا ينزع عنك صالح ما أعطاك أبداً وأن لا يكلك الى نفسك طرفة عين أبداً ؟!!
فقال : يا اُم سلمة وما يؤمنني ؟ وإنّما وكّل الله يونس بن متّى إلى نفسه طرفة عين فكان منه ما كان((1)) .
تفسیر فرات الكوفي : فرات معنعنا، عن جعفر بن محمد، عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله علیه و آله وسلم) : ان الله (تبارك وتعالی) عرض ولاية علي بن أبي طالب على أهل
ص: 130
السماوات و أهل الأرض فقبلوها ما خلا يونس بن متی فعاقبه الله وحبسه في بطن الحوت لانكاره ولاية أمير المؤمنين حتى قبلها .قال أبو يعقوب : فنادى في الظلمات : أن لا إله إلاَّ أنت سُبحانك إنّي كنت من الظالمين لإنكاري ولاية علي بن أبي طالب .
قال أبو عبدالله : فأنكرت الحديث فعرضتُه على عبدالله بن سليمان المدني فقال لي : لا تجزع منه فإنّ علي بن أبي طالب خطب هنا بالكوفة فحمد الله تعالى وأثنى عليه فقال في خطبته : فلو لا أنه كان من المقرّين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ، فقام إليه فلان بن فلان وقال : يا أمير المؤمنين إنا سمعنا الله يقول : (فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ)((1)) .
فقال : اقعد يا بكار فلو لا انّه كان من المقرّين للبث في بطنه إلى يوم يُبعثون((2)) .
أَقول : الانبياء كلّهم معصومون عن الذنوب والخطايا ومنزَّهون عن العيوب ، ودرجاتهم تختلف عندالله (عزّوجلّ) في العصمة وغيرها قال تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض)((3)) وتارة يصدر من بعض الانبياء ترك الأولى بما لا ينافي العصمة .
ص: 131
وبناءً على صحة الحديث المذكور فانّه يكون من تلك الموارد ، فقد عُرضت ولاية الامام أمير المؤمنين (عليه السّلام) على الأنبياء فقبلوها الاّ يونس فابطأ في قبولها ، أو لم يقبلها في بادئ الأمر فابتلاه الله ببطن الحوت وسُجن هناك فقبلها وكانت نجاته في ذلك ، والله العالم .
التهذيب : محمّد بن الحسن الصفّار ، عن الحسن بن علي بن عبد الملك الزيّات ، عن رجل ، عن كرام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أربع لأربع ، فواحدة للقتل والهزيمة : « حسبنا الله ونعم الوكيل » ان الله يقول : (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَة مِّنَ اللّهِ وَفَضْل لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)((1)) .
والاخرى للمكر والسوء : « وافوّض امري الى الله وفوضت امري الى الله » قال الله (عزّوجلّ) : (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ)((2)) .
ص: 132
والثالثة للحرق والغرق : « ما شاء الله لا قوة إلا بالله » وذلك انه يقول : (وَلَوْلاَ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ)((1)) .
والرابعة للغمّ والهمّ : « لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين » قال الله سبحانه : (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)((2)) .
الخصال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور (رضي الله عنه) قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبدالله بن عامر ، عن محمّد ابن أبي عمير قال : حدّثنا جماعة من مشايخنا منهم أبان بن عثمان وهشام بن سالم ومحمّد بن حمران عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال : عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع : عجبت لمن خاف كيف لا يفزع الى قوله (عزّوجلّ) : (حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) فاني سمعت الله (جلّ جلاله) يقول بعقبها : (فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَة مِّنَ اللّهِ وَفَضْل لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) .
وعجبت لمن اغتمّ كيف لا يفزع إلى قوله (عزّوجلّ) : (لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فاني سمعت الله (عزّوجلّ) يقول بعقبها : (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) .
ص: 133
وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع الى قوله : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) فاني سمعت الله (جلّ وتقدّس) يقول بعقبها : (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا) .
وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع الى قوله (تبارك وتعالى) : (مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ) فانّي سمعت الله (عزّ اسمه) يقول بعقبها : (إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ) وعسى موجبة((1)) .
الخصال : حدّثنا محمّد بن أحمد السناني المكتب (رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي قال : حدّثنا عبيدالله بن موسى الحبّال الطبري قال : حدّثنا محمّد بن الحسين الخشّاب قال : حدّثنا محمّد بن محصن ، عن يونس بن ظبيان قال : قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) : إنّ الناس يعبدون الله (عزّوجلّ) على ثلاث أوجه : فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحُرصاء وهو الطمع ، وآخرون يعبدونه فرقاً من النار فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة ، ولكنّي
ص: 134
أعبده حبّاً له (عزّوجلّ) فتلك عبادة الكرام وهو الأمن لقوله (عزّوجلّ) : (وَهُم مِّن فَزَع يَوْمَئِذ آمِنُونَ) ... الى آخر الحديث((1)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي اسحاق ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الرّغبة أن تستقبل ببطن كفّيك إلى السّماء والرّهبة أن تجعل ظهر كفّيك إلى السماء((2)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد ، والحسين بن سعيد جميعاً ، عن النّضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أبي خالد ، عن مروك بيّاع اللؤلؤ ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ذَكَر الرّغبة وأبرَز باطن راحتيه إلى السّماء وهكذا الرّهبة وجعل ظهر كفّيه إلى السماء ... الى آخر الحديث((3)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ،
ص: 135
عن فضالة ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : مرّ بي رجل وأنا أدعو في صلاتي بيساري فقال : يا أبا عبدالله بيمينك .
فقلت : يا عبدالله إنّ لله (تبارك وتعالى) حقّاً على هذه كحقّه على هذه ، وقال : الرّغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما ، والرهبة تبسط يديك وتظهر ظهرهما ... الى آخر الحديث((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَة أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ) (95) .
مجمع البيان : قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر : وحِرم - بكسر الحاء - بغير ألف ، والباقون : وحرام ، وهو قراءة الصّادق (عليه السّلام)((2)) .
تفسير البرهان : بعض المعاصرين في كتاب له في الرّجعة : بالاسناد في قوله تعالى : (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَة أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ) قال الصادق (عليه السّلام) : كلّ قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرّجعة ، وأمّا في القيامة فيرجعون ، ومن محض الإيمان محضاً وغيرهم
ص: 136
ممّن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الكفر محضاً يرجعون((1)) .
تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي بصير ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبدالله ، وأبي جعفر (عليهما السّلام) قالا : كلّ قرية أهلك الله أهلها بالعذاب لا يرجعون في الرّجعة ، فهذه الآية من أعظم الدلالة في الرّجعة ، لأنّ أحداً من أهل الإسلام لا ينكر انّ النّاس كلهم يرجعون الى القيامة ، من هلك ومن لم يهلك ، وقوله : (لاَ يَرْجِعُونَ) أيضاً عنى في الرجعة ، فأمّا الى القيامة فيرجعون حتّى يدخلوا النار((2)) .
تفسير القمّي : قال الصادق (عليه السّلام) : كلُّ قرية أهلك الله أهلها بالعذاب ومحضوا الكفر محضاً لا يرجعون في الرّجعة ، وأمّا في القيامة فيرجعون ، أما غيرهم ممّن لم يهلكوا بالعذاب ومحضوا الايمان محضاً أو محضوا الكفر محضاً يرجعون((3)) .
* * * * *
قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) (98) .
ص: 137
علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن ابراهيم بن مهزيار ، عن أخيه ، عن أحمد بن محمّد ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عنأبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا كان يوم القيامة أتى الشمس والقمر في صورة ثورين عبقريين فيقدمان بهما وبمن يعبدهما في النار وذلك انّهما عُبِدا فرضيا((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الاَْكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) (101 - 103) .
أمالي الصدوق : حدّثنا أبي قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن
ص: 138
راشد ، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين (عليهم السّلام) قال : قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على منبره : يا علي انّ الله (عزّوجلّ) وهب لك حب المساكين والمستضعفين في الأرض فرضيتَ بهم اخواناً ورضوا بك إماماً فطوبى لمن أحبَّك وصدق عليك وويل لمن أبغضك وكذب عليك - الى أن قال - : يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظلّ العرش ، يفزع الناس ولا تفزَعون ، ويحزن النّاس ولا تحزنون ، فيكم نزلت هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) وفيكم نزلت (لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الاَْكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) ... الى آخر الحديث((1)) .تفسير فرات الكوفي : قال : حدّثنا القاسم بن عبيد معنعناً ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا علي أنت وشيعتك ... وذكر مثله((2)) .
فضائل الشيعة : أبي (رحمه الله) قال : حدّثني سعد بن عبدالله ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله
ص: 139
عليه وآله وسلّم) - في حديث - : يا علي أنت وشيعتك على الحوض ... وذكر مثله((1)) .
تأويل الآيات الظاهرة : ما رواه الصدوق أبو جعفر محمّد بن بابويه (ره) عن أبيه قال : حدّثني سعد بن عبدالله باسناد يرفعه إلى أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) عن آبائه ، عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليهم أجمعين) قال : قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : يا علي : بشّر إخوانك بأنّ الله قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائداً ورضوا بك ولياً .
يا علي : أنت أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين .
يا علي : شيعتك المبتهجون ، ولو لا أنت وشيعتك ما قام لله دين ، ولو لا من في الأرض منكم لما أنزلت السَّماء قطرها .
يا علي : لك كنز في الجنّة ، وأنت ذو قرنيها ، وشيعتك تعرف بحزب الله .
يا علي : أنت وشيعتك القائمون بالقسط وخيرة الله من خلقه .
ص: 140
يا علي : أنا أوّل من ينفض التراب من رأسه وأنت معي ، ثم سائر الخلق .
يا علي : أنت وشيعتك على الحوض تَسقون من أحببتم وتَمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظلّ العرش ، يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون ، وفيكم نزلت هذه الآيات : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَعَنْهَا مُبْعَدُونَ * لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الاَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)((1)) .
المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبدالله الجعفري ، عن أبي الحسن الدّهني وعن جميل بن درّاج ، عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الله يبعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوب أو غيره مبيضّة وجوههم ، مستورة عوراتهم ، آمنة روعتهم ، قد سهلت لهم الموارد وذهبت عنهم الشدائد ، يركبون نوقاً من ياقوت فلا يزالون يدورون خلال الجنّة ، عليهم شُرُك((2)) من نور يتلألأ ، توضع لهم الموائد فلا يزالون يطعمون والنّاس في الحساب ، وهو قول الله (تبارك وتعالى) في كتابه : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا
ص: 141
مُبْعَدُونَ * لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ)((1)) .
تأويل الآيات الظاهرة : روى الشيخ الصدوق أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه قال : حدّثني محمّد بن علي ماجيلويه عن أبيه باسناده عن جميل بن درّاج مثله((2)) .
المحاسن : البرقي ، عن عدّة من أصحابنا ، عن عبّاس بن عامر القصبيّ ، عن عمرو بن عبيد وأحمد ، عن أبيه ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) .ورواه ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله يأتي بكلِّ شيء يُعبد من دونه من شمس أو قمر أو تمثال أو صورة فيقال : إذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون من دون الله إلى النار((3)) .
قرب الاسناد : هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد قال : حدثني
ص: 142
جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) انّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) يأتي يوم القيامة بكلّ شيء يُعبد من دونه ، من شمس أو قمر أو غير ذلك ، ثمّ يسأل كلّ إنسان عمّا كان يعبد ، فيقول كلّ من عبد غيره : ربّنا إنّا كنّا نعبدها لتقرّبنا إليك زلفى .
قال : فيقول الله (تبارك وتعالى) للملائكة : اذهبوا بهم وبما كانوا يعبدون إلى النّار ما خلا من استثنيت فإنّ أولئك عنها مبعدون((1)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من كسا أخاه كسوةَ شتاء أو صيف ، كان حقّاً على الله أن يكسوه من ثياب ا لجنّة ، وان يهوّن عليه سكرات الموت ، وأن يوسّع عليه في قبره ، وأن يَلقَى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى ، وهو قول الله (عزّوجلّ) في كتابه : (وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)((2)) .
ص: 143
تفسير فرات الكوفي : فرات قال : حدّثني الحسين بن سعيد معنعناً ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : يا معشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتّى تمر بنت حبيب الله إلى قصرها ، فتمرُّ فاطمة ابنتي وعليها ريطتان خضراوان حواليها سبعون ألف حوراء فإذا بلغت إلى باب قصرها وجدت الحسن قائماً والحسين نائماً مقطوع الرأس فتقول للحسن : من هذا ؟
فيقول : هذا أخي إن أُمة أبيك قتلوه وقطعوا رأسه ، فيأتيها النّداء من عندالله :
يا بنت حبيب الله إنّي إنّما أَريتُك ما فعلت به أُمّة أبيك إنّي ادّخرت لك عندي تعزية بمصيبتك فيه واني جعلت تعزيتك اليوم أنّي لا أنظر في محاسبة العباد حتى تدخلي الجنّة أنت وذريّتك وشيعتك ومن والاكم معروفاً ممّن ليس هو من شيعتك قبل أن أنظر في محاسبة العباد ، فتدخل فاطمة ابنتي الجنّة وذريّتها وشيعتها ومن والاها معروفاً ممّن ليس من شيعتها فهو قول الله (عزّوجلّ) : (لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الاَكْبَرُ) قال : هول يوم القيامة (وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ) هي والله فاطمة
ص: 144
وذريّتها وشيعتها ومن والاهم معروفاً ليس هو من شيعتها((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الاَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (105) .
الكافي : محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النّضر بن سويد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه سأله عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ) ما الزبور وما الذكر ؟قال : الذكر عندالله ، والزبور الذي اُنزل على داود ، وكلّ كتاب نزل فهو عند أهل العلم ، ونحن هم((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ) (108) .
ص: 145
مناقب آل أبي طالب : أبو بصير ، عن الصادق (عليه السّلام) في قوله تعالى : (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ) الوصيّة لعلي بعدي ، نزلت مشدَّدة((1)) .
ص: 146
ثواب الأعمال : حدثني محمّد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدّثني محمّد بن يحيى قال : حدّثني محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن علي ، عن سورة ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ سورة الحجّ في كلِّ ثلاثة أيّام لم تخرج سنته حتّى يخرج الى بيت الله الحرام ، وإن مات في سفره ]أُ[دخل الجنّة .
قلت : فان كان مخالفاً ؟
قال : يخفّف عنه بعض ما هو فيه((1)) .
مجمع البيان : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من قرأها في كلّ ثلاثة أيّام لم يخرج من سنة حتى يخرج إلى بيت الله الحرام ، وان مات في سفره دخل الجنّة((2)) .
ص: 147
تفسير البرهان : من كتاب (خواصّ القرآن) عن الصادق (عليه السّلام) قال : من كتبها في رق غزال وجعلها في صحن مركب ، جاءت إليه الريح من كلّ مكان ، واجتثت المركب ولم يَسلم ، وإذا كُتبت ثمّ مُحيت ورُشّت في موضع سلطان جائر ، زال مُلكه بإذن الله (تعالى)((1)) .
* * * * *قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (1) .
التهذيب : محمّد بن علي بن محبوب ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن عبدالله بن عمرو ، عن حمّاد بن عثمان ، عن جميل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الزلزلة ؟
فقال : أخبرني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال
ص: 148
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : إنّ ذا القرنين لمّا انتهى إلى السد جاوزه فدخل في الظُلمة فإذا هو بملك قائم طوله خمسمائة ذراع فقال له الملك : يا ذا القرنين اما كان خلفك مسلك ؟
فقال له ذو القرنين : ومن أنت ؟
قال : أنا ملك من ملائكة الرّحمن موكّل بهذا الجبل وليس من جبل خلقه الله (عزّوجلّ) إلاّ وله عرق إلى هذا الجبل فإذا أراد الله (عزّوجلّ) أن يزلزل مدينة أوحى إليّ فزلزلتها((1)) .
تفسير العياشي : عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته ... وذكر نحوه((2)) .
أمالي الصدوق : حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه قال : حدّثنا محمّد ابن يحيى العطّار قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن عمران الأشعري ، عن عيسى بن محمّد ، عن علي بن مهزيار ، عن عبدالله بن عمر ، عن عبدالله ابن حمّاد ، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال : إنّ ذا القرنين لمّا ... وذكر نحوه((3)) .* * * * *
ص: 149
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْب مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَاب ثُمَّ مِن نُّطْفَة ثُمَّ مِنْ عَلَقَة ثُمَّ مِن مُّضْغَة مُّخَلَّقَة وَغَيْرِ مُخَلَّقَة لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الاَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَل مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْم شَيْئاً وَتَرَى الاَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْج بَهِيج * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ) (5 - 6) .
الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن ابن حكيم ، عن أبي ابراهيم أو أبيه (عليهما السّلام) أنّه قال في المطلّقة يطلّقها زوجها فتقول : أنا حبلى فتمكث سنة ، قال : إن جاءت به لأكثر من سنة لم تصدّق ولو ساعة واحدة في دعواها((1)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، [عن
ص: 150
محمّد بن عيسى] عن منصور ، عن هشام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنقطاع يتم اليتيم بالاحتلام وهو أشدّه ، وإن احتلم ولم يُونس منه رشد وكان سفيهاً أو ضعيفاً فليمسك عنه وليّه ماله((1)) .
تفسير القمي : حدّثنا محمّد بن جعفر قال : حدّثنا محمّد بن أحمد ، عن العبّاس ، عن ابن أبي نجران ، عن محمّد بن القاسم ، عن علي بن المغيرة ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : إذا بلغ العبد مائة سنة ، فذلك أرذل العمر((2)) .
أمالي الطوسي : حدّثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي (قدّس الله روحه) قال : أخبرنا الحسين بن عبيدالله ، عن علي بن محمّد العلوي قال : حدّثنا الحسن بن علي بن صالح الصوفي الخزّاز قال : حدّثنا أحمد بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن
ص: 151
علي ، عن أبيه ، عن محمّد بن علي بن موسى ، عن أبيه عليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر (عليهم السّلام) قال : قيل للصادق جعفر ابن محمّد (عليهما السّلام) : صف لنا الموت ؟
قال : للمؤمن كأطيب طيب يشمّه فينعس لطيبه ويقطع التعب والألم عنه ، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارِب وأشدّ((1)) .
أقول : تقدمت رواية عليّ بن المغيرة المرتبطة بآخر الآية ، في تفسير سورة النحل الآية 70 .
* * * * *
قوله تعالى : (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ) (7) .
قرب الاسناد : السنديّ بن محمّد ، عن صفوان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لجبرئيل : يا جبرئيل أرني كيف يبعث الله (تبارك وتعالى) العباد يوم القيامة قال : نعم فخرج الى مقبرة بني ساعدة فأتى قبراً فقال له : اُخرج بإذن الله ، فخرج رجل ينفض رأسه من التراب وهو يقول : والهفاه - واللّهف هو
ص: 152
الثبور - ثمَّ قال : اُدخل فدخل ، ثمّ قصد به إلى قبر آخر فقال : اخرج بإذن الله ، فخرج شابّ ينفض رأسه من التّراب وهو يقول : أشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله وأشهد أنّ السّاعة آتية لا ريب فيها وأنّ الله يبعث من في القبور .
ثمّ قال : هكذا يبعثون يوم القيامة يا محمّد((1)) .
أمالي الصدوق : حدّثنا أحمد بن زياد الهمداني قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال : إذا أراد الله (عزّوجلّ) أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحاً فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم((2)) .
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((3)) .
* * * * *
ص: 153
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْف فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * يَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ) (11 و12) .
الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن بكير ، عن ضريس ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ)((1)) قال : شِركُ طاعة وليس شرك عبادة .
وعن قوله (عزّوجلّ) : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْف) .
قال : إنّ الآية تنزل في الرجل ثم تكون في أتباعه .
ثمّ قلت : كلّ من نَصَب دونكم شيئاً فهو ممّن يعبد الله على حرف ؟
فقال : نعم ، وقد يكون محضاً((2)) .
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن يحيى بن أبي عمران ، عن يونس ، عن حمّاد ، عن ابن الظبيان ، عن (ابن الطيار - ط) عن أبي عبدالله (عليه
ص: 154
السّلام) قال : نزلت هذه الآية في قوم وحّدوا الله ، وجعلوا عباده (وخلعوا عبادة - ط) من دون الله ، وخرجوا من الشرك ، ولم يعرفوا أنّ محمداً رسول الله ، فهم يعبدون الله على شكّ في محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وما جاء به ، فأتوا رسول الله فقالوا : ننظُر فإن كثُرتْ أموالنا وعُوفينا في أنفسنا وأولادنا عَلمنا أنّه صادق وأنّه رسول الله ، وإن كان غير ذلك نظرنا ، فأنزل الله : (وَإِنْ
أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)
وقوله : (يَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ)انقلب مُشركاً يدعو غير الله ويعبد غيره ، فمنهم من يعرف ويدخل الإيمان فيقلبه فهو مؤمن ويزول عن منزلته من الشك إلى الإيمان ، ومنهم من يلبث على شكّه ، ومنهم من ينقلب إلى الشّرك((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَب إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) (15) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال : محمّد بن العباس (رحمه الله) حدّثنا
ص: 155
محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجّار قال : قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السّلام) : حدّثني أبي ، عن أبيه - أبي جعفر - (صلوات الله عليهم) أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال ذات يوم : إنّ ربّي وعدني نُصرته ، وان يَمُدّني بملائكته ، وإنّه ناصرني بهم وبعلي أخي خاصّة من بين أهلي ، فاشتدّ ذلك على القوم أن خصّ علياً بالنصرة ، وأغاظهم ذلك ، فأنزل الله (عزّوجلّ) : (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ) - محمداً بعلي - (فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَب إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ)قال : ليضع حبلاً في عنقه إلى سماء بيته يمدّه حتى يختنق فيموت فينظر هل يُذهب كيدُه غيظَه ؟((1))
* * * * *
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الاَْرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِم إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (18) .
الاختصاص : محمّد بن أحمد العلوي قال : حدّثنا أحمد بن زياد ،
ص: 156
عن علي بن ابراهيم ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الاَْرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ)الآية ؟
فقال : إنّ للشمس أربع سجدات كلّ يوم وليلة قال : فأول سجدة إذا صارت [في طرف الأُفق حين يخرج الفلك من الأرض اذا رأيت البياض المضيء] في طول [السّماء]قبل أن يطلع الفجر .
قلت : بلى ، جعلت فداك .
قال : ذاك الفجر الكاذب ، لأنّ الشمس تخرج ساجدة وهي في طرف الأرض ، فإذا ارتفعت من سجودها طلع الفجر ، ودخل وقت الصلاة .
وأمّا السجدة الثانية : فإنّها إذا صارت [في وسط القبّة وارتفع النّهار ، ركدت قبل الزّوال ، فإذا صارت] بحذاء العرش ركدت وسجدت ، فإذا ارتفعت من سجودها زالت عن وسط القُبّة فيدخل وقت صلاة الزوال .
وأمّا السجدة الثالثة : أنّها إذا غابت من الأفق خرّت ساجدة ، فإذا ارتفعت من سجودها زال الليل كما أنّها حين زالت وسط السّماء دخل وقت الزوال زوال النّهار((1)) .
ص: 157
أقول : لعلّ هنا سقطاً اذ لم تُذكر السجدة الرابعة للشمس في هذا الحديث ولعلّها تكون قبل زوال الليل كما ذُكر في النهار أو في وقت آخر . ولعلّ اختصاص هذه الأوقات بسجدة الشمس لأنّها تتحوَّل من حال الى حال ، وتظهر للناس إنقيادها لأمر الله تعالى ، وايضاً ينتظر الناس هذه الأوقات لصلاتهم وصيامهم وعباداتهم ومعاملاتهم ، كما أن حركاتها المختلفة من الهبوط والانحدار والأُفول من دلائل حدوثها . والله العالم .
التوحيد : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن جعفر بن محمّد بن عبدالله ، عن عبدالله بن ميمون القدّاح ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : قيل لعليّ (عليه السّلام) : إنّ رجلاً يتكلّم في المشيّة .
فقال : ادعه لي .
قال : فُدعي له ، فقال : يا عبدالله خلقك الله لما شاء أو لما شئت ؟
قال : لما شاء .
قال : فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت ؟
قال : إذا شاء .
قال : فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت ؟
قال : إذا شاء .
ص: 158
قال : فيُدخلك حيث شاء أو حيث شئت ؟
قال : حيث شاء .
قال : فقال علي له : لو قلتَ غير هذا لضربتُ الّذي فيه عيناك((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيد) (21) .
أمالي المفيد : حدّثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد (رحمه الله) ، عن محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن عمربن يزيد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : مرّ سلمان (رضي الله عنه) على الحدّادين بالكوفة فرأى شاباً صعق((2)) ، والنّاس قد اجتمعوا حوله ، فقالوا له : يا أبا عبدالله هذا الشاب قد صُرع فلو قرأت في اذنه .
ص: 159
قال : فدنا منه سلمان فلمآ رآه الشاب أفاق وقال : يا أبا عبدالله ليس بي ما يقول هؤلاء القوم ، ولكنّي مررت بهؤلاء الحدّادين وهم يضربون بالمرزبات((1)) فذكرت قوله تعالى : (وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيد) فذهب عقلي خوفاً من عقاب الله (تعالى) فاتَّخذه سلمان أخاً ودخل قلبَه حلاوةُ محبَّته في الله (تعالى) فلم يزل معه حتّى مرض الشاب فجاءه سلمان فجلس عند رأسه وهو يجود بنفسه فقال : يا ملك الموت ارفق بأخي .
فقال : يا أبا عبدالله إنّي بكلّ مؤمن رفيق((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) (22) .
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : يابن رسول الله خوّفني فانّ قلبي قد قسا .
ص: 160
فقال : يا أبا محمّد استعدّ للحياة الطويلة فإنّ جبرئيل جاء إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو قاطب وقد كان قبل ذلك يجيىء وهو مُبتسم ، فقال رسول الله : يا جبرئيل جئتني اليوم قاطباً ؟!
فقال : يا محمّد قد وُضعت منافخ النّار .
فقال : وما منافخ النّار يا جبرئيل ؟فقال : يا محمّد إنّ الله (عزّوجلّ) أمر بالنار ، فنُفخ عليها ألف عام حتّى أبيضت ونفخ عليها ألف عام حتّى احمرّت ، ثمّ نفخ عليها ألف عام حتى اسودّت فهي سوداء مظلمة لو أنّ قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها ، ولو أنّ حلقة ]واحدة[ من السلسلة التي طولها سبعون ذراعاً وضعت على الدنيا لذابت من حرّها ، ولو أنّ سربالاً((1)) من سرابيل أهل النّار عُلّق بين السماء والأرض لمات أهل الأرض من ريحه ووهجه فبكى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبكى جبرئيل ، فبعث الله اليهما ملكاً فقال لهما : إنّ ربّكما يقرؤكما السلام ويقول : قد آمنتكما أن تُذنبا ذنباً اُعذّبكما عليه .
فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : فما رأى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جبرئيل مبتسماً بعد ذلك ثمّ قال : إنّ أهل النار يُعظّمون النّار وإنّ أهل الجنّة يعظّمون الجنّة والنّعيم وانّ أهل جهنم إذا دخلوها هَوَوْا
ص: 161
فيها مسيرة سبعين عاماً ، فإذا بلغوا أعلاها قُمِعوا بمقامع الحديد واعيدوا في دركها هذه حالهم ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) ثمّ تُبدّل جلودهم جُلوداً غير الجلود التي كانت عليهم .
فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : حسبُك يا أبا محمّد ؟
قلت : حسبي ، حسبي((1)) .
مجمع البيان : عن العلاء بن سيابة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أنّ الناس يتعجّبون منا إذا قلنا : يخرج قوم من جهنم فيدخلون الجنّة ، فيقولون لنا : فيكونون مع أولياء الله في الجنّة ؟!فقال : يا علاء ، إنّ الله يقول : (وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ) لا والله لا يكونون مع أولياء الله .
قلت : كانوا كافرين ؟
قال (عليه السّلام) : لا والله ، لو كانوا كافرين ما دخلوا الجنّة .
قلت : كانوا مؤمنين ؟
ص: 162
قال : لا والله ، لو كانوا مؤمنين ما دخلوا النار ، ولكن بين ذلك((1)) .
مجمع البيان : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ، فإن مات وفي بطنه شيء من ذلك كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة خبال وهو صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار فيصهر((2)) به ما في بطونهم والجلود .
رواه شعيب بن واقد ، عن الحسين بن زيد ، عن الصادق (عليه السّلام) ، عن آبائه (عليهم السّلام) عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)((3)) .
* * * * *
قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَب وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ) (23) .
ص: 163
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : جعلت فداك يابن رسول الله شوّقني .
فقال : يا أبا محمّد : انّ من أدنى نعيم الجنّة يوجد ريحها من مسيرة ألف عام من مسافة الدنيا ، وانّ أدنى أهل الجنّة منزلاً لو نزل به أهل الثقلين الجن والإنس لوسعهم طعاماً وشراباً ، ولا ينقُص ممّا عنده شيء ، وإنّ أيسر أهل الجنّة منزلة من يدخل الجنّة فيرفع له ثلاث حدائق ، فإذا دخل أدناهُنّ رأى فيها من الأزواج والخدم والأنهار والأثمار ما شاء الله ممّا يملأ عينه قرة ، وقلبه مسرّة ، فإذا شكر الله وحمده قيل له : ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الاُخرى .
فيقول : يا ربّ أعطني هذه .
فيقول الله تعالى : إن أعطيتك ايّاها سألتني غيرها .
فيقول : ربّ هذه هذه فإذا هو دخلها شكر الله وحمده .
قال : فيقال : افتحوا له باب الجنّة ويقال له : إرفع رأسك ، فإذا قد فتح له باب من الخُلد ويرى أضعاف ما كان فيما قبل .
فيقول عند تضاعف مسرّاته : ربّ لك الحمد الذي لا يُحصى إذ مننت عليّ بالجنان ونجيتني من النيران .
قال أبو بصير : فبكيت وقلت له : جعلت فداك زدني .
ص: 164
قال : يا أبا محمّد إنّ في الجنّة نهراً في حافّتيه جوار نابتات إذا مرّ المؤمن بجارية أعجبته قلعها وانبت الله مكانها اُخرى .
قلت : جعلت فداك زدني .
قال : المؤمن يُزوّج ثمانمائة عذراء ، وأربعة آلاف ثيّب وزوجتين من الحور العين .
قلت : جعلت فداك ثمانمائة عذراء ؟!
قال : نعم ، ما يفترش فيهن شيئاً إلاّ وجَدها كذلك((1)) .
قلت : جعلت فداك من أي شيء خلقت الحور العين ؟قال : من تربة الجنّة النّورانية ، ويُرى مخُ ساقيها من وراء سبعين حُلّة ، كبدها مرآته وكبده مرآتها .
قلت : جعلت فداك ألهن كلام يُكلّمن به أهل الجنّة ؟
قال : نعم ، كلام يتكلّمن به ، لم يسمع الخلائق بمثله .
قلت : ما هو ؟
قال : يقلن((2)) : نحن الخالدات فلا نموت ، ونحن الناعمات فلا نبوس((3)) ، ونحن المقيمات فلا نظعن((4)) ، ونحن الراضيات فلا نسخط،
ص: 165
طوبى لمن خُلق لنا ، وطُوبى لمن خُلقنا له ، نحن اللواتي لو أنّ قرنَ احدانا علّق في جوّ السماء لأغشى نوره الأبصار . فهاتان الآيتان تفسيرهما ردٌّ على من أنكر خلق الجنّة والنّار((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) (24) .
الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن اُورمة ، عن علي بن حسّان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) .
قال : ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذر والمقداد بن الأسود وعمّار ، هدوا إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام)((2)) .مناقب آل أبي طالب : أبو عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (وَهُدُوا
ص: 166
إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) قال : ذلك حمزة ... وذكر مثله((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءٌ الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَاد بِظُلْم نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم * وَإِذْ بَوَّأْنَا لاِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (25 - 26) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ معاوية أوّل من علّق على بابه مصراعين بمكة ، فمنع حاجَّ بيت الله ما قال الله (عزّوجلّ) : (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) وكان النّاس إذا قدِموا مكة نزل البادي على الحاضر حتى يقضي حجّه ، وكان معاوية صاحب السلسلة التي قال الله (سبحانه وتعالى) : (فِي سِلْسِلَة ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ)((2)) وكان فرعون هذه الاُمّة((3)) .
ص: 167
التهذيب : موسى بن القاسم ، عن صفوان بن يحيى ، عن الحسين ابن أبي العلاء قال : ذكر أبو عبدالله (عليه السّلام) هذه الآية (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) .فقال : كانت مكة ليس على شيء منها باب ، وكان أوّل من علّق على بابه المصراعين معاوية بن أبي سفيان - لعنه الله - وليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاجّ شيئاً من الدُّور ومنازلها((1)) .
الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّا ، عن أبان بن عثمان ، عن يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : لم يكن لدور مكة أبواب ، وكان أهل البلدان يأتون بقطرانهم((2)) فيدخلون فيضربون بها وكان أوّل من بوّبها معاوية((3)) .
من لا يحضره الفقيه : سُئل الصادق (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) ؟
فقال : لم يكن ينبغي أن يصنع على دور مكة أبواب لأنّ للحاج((4)) أن
ص: 168
ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدّار حتى يقضوا مناسكهم ، فإنّ((1)) أوّل من جعل لدور مكة أبواباً معاوية((2)) .
علل الشرايع : أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان الناب ، عن عبيدالله بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله((3)) .التهذيب : يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ليس ينبغي لأهل مكة أن يجعلوا على دورهم أبواباً ، وذلك أنّ الحاجّ ينزلون معهم في ساحة الدّار حتّى يقضوا حجّهم((4)) .
قرب الاسناد : الحسن بن ظريف ، عن الحسين بن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السّلام) : انّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نهى أهل مكة أن يؤاجروا دورهم ، وان يعلّقوا عليها أبواباً ، وقال : (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) .
قال : وفعل ذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (عليه السّلام) حتى كان في زمن معاوية((5)) .
قرب الاسناد : السندي بن محمّد البزّاز قال : حدثني أبو البختري ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السّلام) : انّه كره إجارة بيوت مكة ، وقرأ : (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ)((6)) .
ص: 169
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ومحمّد بن اسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، قال : اُتي أبو عبدالله (عليه السّلام) في المسجد فقيل له : إنّ سَبُعاً من سباع الطير على الكعبة ، ليس يمرّ به شيء من حمام الحرم إلاّ ضربه .
فقال : انصبوا له واقتلوه ، فإنّه قد ألحد((1)) .
من لا يحضره الفقيه : روى معاوية بن عمّار انه أتى أبو عبدالله (عليه السّلام) فقيل له : انّ سَبُعاً ... وذكر مثله((2)) .
ص: 170
علل الشرايع : حدّثنا محمّد بن الحسن قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ومعاوية بن حفص ، عن منصور جميعاً ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان أبو عبدالله (عليه السّلام) في المسجد الحرام فقيل له : انّ سَبُعاً ... وذكر مثله . وزاد في آخره : في الحرم((1)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن اسماعيل ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَاد بِظُلْم نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم) ؟
فقال : كلّ ظلم يظلمه الرّجل نفسه بمكّة من سرقة أو ظلم أحد ، أو شيء من الظُلم ، فإنّي أراه إلحاداً ولذلك كان يتقي أن يسكن الحرم((2)) .
علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا أحمد بن إدريس قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الفضل ، عن أبي الصباح الكناني نحوه((3)) .
ص: 171
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، ومحمّد بن اسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَاد بِظُلْم) ؟
قال : كلّ ظلم الحاد ، وضرب الخادم في غير ذنب من ذلك الألحاد((1)) .
من لا يحضره الفقيه : قال (معاوية بن عمّار) : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله((2)) .التهذيب : موسى بن القاسم ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَاد بِظُلْم نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم) ؟
فقال : كلّ الظلم فيه الحاد حتّى لو ضربت خادمك ظلماً خشيت أن يكون إلحاداً فلذلك كان الفقهاء يكرهون سكنى مكة((3)) .
الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن اُورمة وعلي بن عبدالله ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن يُرِدْ فِيهِ
ص: 172
بِإِلْحَاد بِظُلْم نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم) .
قال : نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين فألحدوا في البيت بظلمهم الرّسول ووليّه فبُعداً للقوم الظالمين((1)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاّد وغيره من أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَاد بِظُلْم) .
فقال : مَن عَبدَ فيه غير الله (عزّوجلّ) ، أو تولّى فيه غير أولياء الله ، فهو مُلحدُ بظلم وعلى الله (تبارك وتعالى) أن يُذيقَه من عذاب أليم((2)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبان ، عن حكيم قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن أدنى الإلحاد ؟
فقال : إنّ الكبر أدناه((3)) .
التهذيب : موسى بن القاسم ، عن محمّد بن عذافر ، عن عمر بن
ص: 173
يزيد قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج إلى سنتين ، فإذا جاوز سنتين كان قاطناً ، وليس له أن يتمتع((1)) .
التهذيب : موسى بن القاسم ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) لأهل مكة أن يتمتّعوا ؟
فقال : لا ، ليس لأهل مكة أن يتمتّعوا .
قال : قلت : فالقاطنون بها ؟
قال : إذا أقاموا سنة أو سنتين ، صنعوا كما يصنع أهل مكة ، فإذا أقاموا شهراً ، فإنّ لهم أن يتمتّعوا .
قلت : من أين ؟
قال : يخرجون من الحرم .
قلت : من أين يهلّون بالحجّ ؟
فقال : من مكّة نحواً ممّا يقول الناس((2)) .
التهذيب : موسى بن القاسم ، عن عبد الرحمن ، عن حمّاد ، عن
ص: 174
حريز قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الطّواف لغير أهل مكّة ممّن جاور بها أفضل أو الصلاة ؟
فقال : الطواف للمجاورين أفضل والصلاة لأهل مكّة والقاطنين بها أفضل من الطّواف((1)) .التهذيب : موسى بن القاسم ، عن عبد الرحمن ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وحمّاد وهشام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا قام الرّجل بمكّة سنة فالطّواف أفضل وإذا أقام سنتين خلط من هذا وهذا فإذا أقام ثلاث سنين فالصّلاة أفضل((2)) .
الكافي : حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ابن عثمان ، عن محمّد الحلبيّ ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (عزّوجلّ) يقول في كتابه : (طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)((3)) فينبغي للعبد أن لا يدخل مكّة إلاّ وهو طاهر قد غسل عرقه والأذى وتطهّر((4)).
ص: 175
التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن عمران الحلبي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) أتغتسل النساء إذا أتين البيت ؟
فقال : نعم إنّ الله تعالى يقول : (طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) وينبغي للعبد أن لا يدخل إلاّ وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى وتطهّر((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، ومحمّد بن اسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) حوّل الكعبة عشرين ومأة رحمة منها ستون للطّائفين وأربعون للمصلّين وعشرون للنّاظرين((2)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار قال : حدّثني اسماعيل بن جابر قال : كنت فيما بين مكة والمدينة أنا وصاحب لي فتذاكرنا الأنصار ، فقال أحدنا : هم نُزّاع من
ص: 176
قبائل ، وقال أحدنا : هم من أهل اليمن ، قال : فانتهينا إلى أبي عبدالله (عليه السّلام) وهو جالس في ظلّ شجرة فابتدأ الحديث ولم نسأله .
فقال : إنَّ تبّعاً لمّا أن جاء من قِبَل العراق وجاء معه العلماء وأبناء الأنبياء فلمّا انتهى إلى هذا الوادي لهذيل أتاه اُناس من بعض القبائل فقالوا : إنّك تأتي أهل بلدة قد لعبوا بالناس زماناً طويلاً حتّى اتَّخذوا بلادهم حرماً وبنيتهم ربّاً أو ربّة .
فقال : إن كان كما تقولون قتلت مقاتليهم وسُبيت ذرِّيتهم وهدمت بُنْيَتَهم .
قال : فسالت عيناه حتّى وقعتا على خدَّيه . قال : فدعا العلماء وأبناء الأنبياء فقال : انظروني وأخبروني لما أصابني هذا ؟
قال : فأبوا أن يخبروه حتّى عزم عليهم قالوا : حدِّثنا بأيّ شيء حدّثت نفسك ؟
قال : حدّثت نفسي أن أقتل مقاتليهم وأسبي ذريّتهم وأهدم بُنْيَتَهم .
فقالوا : إنّا لا نرى الّذي أصابك إلاّ لذلك .
قال : ولِمَ هذا ؟
قالوا : لأنّ البلد حرم الله والبيت بيت الله وسكّانه ذريّة إبراهيم خليل الرّحمن .
فقال : صدقتم فما مخرجي ممّا وقعت فيه ؟
ص: 177
قالوا : تحدّث نفسك بغير ذلك فعسى الله أن يردّ عليك .
قال : فحدّث نفسه بخير ، فرجعت حدقتاه حتى ثبتتا مكانهما .
قال : فدعى بالقوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم ثم أتى البيت وكساه وأطعم الطعام ثلاثين يوماً كلَّ يوم مائة جزور حتى حملت الجفان((1)) الى السباع في رؤوس الجبال ونثرت الأعلاف في الأودية للوحوش ثم انصرف من مكة إلى المدينة فأنزل بها قوماً من أهل اليمن من غسّان وهم الأنصار .في رواية اُخرى : كساه النطاع وطيّبه((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِر يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجّ عَمِيق) (27) .
مجمع البيان : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه قرأ : « يأتون » فعلى هذا يعود الضمير في « يأتون » الى الناس((3)) .
ص: 178
مجمع البيان : وفي الشواذ قراءة ابن عباس : « رُجّالا » بالتشديد والضم ، وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، والحسين بن محمّد ، عن عبدويه بن عامر ، ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن عقبة بن بشير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : إنّ الله (عزّوجلّ) أمر ابراهيم ببناء الكعبة وأن يرفع قواعدها ويرى الناس مناسكهم فبنى ابراهيم واسماعيل البيت كلّ يوم سافاً((2)) حتى انتهى إلى موضع الحجر الأسود .
قال أبو جعفر (عليه السّلام) : فنادى أبو قبيس ابراهيم : إنَّ لك عندي وديعة فأعطاه الحجر فوضعه موضعه ثم إنّ ابراهيم أذّن في الناس بالحج فقال : أيّها الناسإنّي ابراهيم خليل الله إنّ الله يأمركم أن تحجّوا هذا البيت فحجّوه ، فأجابه من يحجّ إلى يوم القيامة وكان أول من أجابه من أهل اليمن .
ص: 179
قال : وحجّ ابراهيم هو وأهله وولده فمن زعم أنّ الذبيح هو اسحاق فمن هاهنا كان ذبحه .
وذكر عن أبي بصير أنّه سمع أبا جعفر وأبا عبدالله (عليهما السّلام) يزعمان أنّه اسحاق فأمّا زرارة فزعم أنه اسماعيل((1)) .
أَقول : قال ابن منظور في (لسان العرب) : الزعم : القول ، زعم زعماً أي قال .
والمشهور في الروايات المعتبرة المرويّة عن أَهل البيت (عليهم السّلام) أَنّ الذبيح هو إسماعيل النبي لا إسحاق النبي والمشهور عند العامّة المخالفين لأَهل البيت (عليهم السّلام) انّ الذبيح هو إسحاق فتُحمل أحاديث كون الذبيح إسحاقاً على التقيّة . والله العالم .
علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثنا أحمد وعلي ابنا الحسن بن علي بن فضّال ، عن عمرو بن سعيد المدائني ، عن موسى بن قيس بن أخي عمّار بن موسى الساباطي ، عن مصدّق بن صدقة ، عن عمّار بن موسى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) .
ص: 180
أو عن عمّار ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أوحى الله تعالى إلى إبراهيم : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) أخذ الحَجَر الذي فيه أثر قدميه - وهو المقام - فوضعه بحذاء البيت ، لاصقاً بالبيت ، بحيال الموضع الذي هو فيه اليوم ، ثم قام عليه فنادى بأعلى صوته بما أمره الله تعالى به ، فلمّا تكلّم بالكلام لم يحتمله الحجر ، فغرقت رجلاه فيه فقلع ابراهيم رجليه من الحجر قلعاً ، فلمّا كثر الناسوصاروا إلى الشرّ والبلاء ، ازدحموا عليه فرأوا أن يضعوه في هذا الموضع الذي هو فيه اليوم ليخلوا المطاف لمن يطوف بالبيت .
فلمّا بعث الله تعالى محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ردّه إلى الموضع الذي وضعه فيه ابراهيم فما زال فيه حتى قُبض رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وفي زمن أبي بكر وأوّل ولاية عمر ، ثم قال عمر : قد ازدحم الناس على هذا المقام ، فأيّكم يعرف موضعه في الجاهلية ؟
فقال له رجل : أنا أخذت قدره بقدر .
قال : والقدر عندك ؟
قال : نعم .
قال : فأت به ، فجاء به ، فأمر بالمقام ، فحُمل ورُدّ إلى الموضع الذي هو فيه الساعة((1)) .
ص: 181
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، ومحمّد بن اسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج ، ثمّ أنزل الله (عزّوجلّ) عليه : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِر يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجّ عَمِيق)فأمر المؤذّنين أن يؤذّنوا بأعلى أصواتهم بأن((1)) رسول الله يحجّ في عامه((2))هذا ، فعلِم به من حضر المدينة وأهل العَوالي والأعراب واجتمعوا لحجّ((3))رسول الله وإنّما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون ويتبعونه((4)) أو يصنع شيئاً فيصنعونه .
فخرج رسول الله في أربع بقين من ذي القعدة فلمّا انتهى إلى ذي الحُليفة((5)) زالت الشّمس فاغتسل((6)) ثمّ خرج حتّى أتى المسجد الذي عند
ص: 182
الشّجرة فصلّى فيه الظهر وعزم بالحج مفرداً ، وخرج حتّى انتهى إلى البيداء((1)) عند الميل الأوّل ، فصُفّ له سماطان((2)) ، فلبّى بالحج مفرداً ، وساق الهدي ستّاً وستّين أو أربعاً وستّين ، حتّى انتهى إلى مكة في سلخ أربع من ذي الحجة ، فطاف بالبيت سبعة أشواط ، ثمّ صلّى((3)) ركعتين خلف مقام إبراهيم .
ثم عاد إلى الحجر فاستلمه وقد كان استلمه في أوّل طوافه ، ثمّ قال : إنّ الصفا والمروة من شعائر الله فأبدأ((4)) بما بدأ الله تعالى به ، وانّ المسلمين كانوا يظنون إنّ السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون ، فأنزل الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا)((5)) .
ثم أتى [الى] الصفا فصعد عليه ، واستقبل((6))
الرّكن اليماني فحمد الله
ص: 183
وأثنى عليه ، ودعا مِقدار ما يقرأ سورة البقرة مترسّلاً ، ثمّ انحدر الى المروة فوقف عليها كما وقف على الصفا ]ثم انحدر وعاد الى الصفا فوقف عليها ، ثمّ انحدر الى المروة حتّى فرغ من سعيه ، فلمّا فرغ من سعيه وهو على المروة[((1)) اقبل على النّاس بوجهه فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : انّ هذا جبرئيل - وأومأ بيده الى خلفه - يأمرني أن آمرمن لم يسق هدياً أن يحلّ ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت((2)) لصنعت مثل ما أمرتكم ، ولكنّي سقت الهدي ، ولا ينبغي لسايق الهدي أن يحلّ حتّى يبلغ الهدي محلّه .
قال : فقال((3)) له رجل من القوم : لنخرجن حجّاجاً [ورؤوسنا] وشُعورنا تقطر .
فقال له رسول الله : أما انّك لم تؤمن بهذا أبداً((4)) .
فقال له سراقة بن مالك بن جعشم الكناني : يا رسول الله علِّمنا ديننا
ص: 184
كأنّا((1)) خلقنا اليوم ، فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا ، أم لما يستقبل ؟
فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : بل هو للأبد إلى يوم القيامة ، ثمّ شبّك أصابعه((2)) وقال : دخلتِ العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة ، [قال :] وقَدِم علي من اليمن على رسول الله وهو بمكة فدخل على فاطمة وهي قد أحلّت فوجد ريحاً طيبة ووجد عليها ثياباً مصبوغة فقال : ما هذا يا فاطمة ؟
فقالت : أمرنا بهذا رسول الله ، فخرج علي إلى رسول الله مستفتياً فقال((3)) : يا رسول الله ، انّي رأيت فاطمة قد أحلّت ، وعليها ثياب مصبوغة ؟
فقال رسول الله : أنا أمرت النّاس بذلك فأنت - يا علي - بما أهللت ؟
قال : يا رسول الله((4)) إهلالاً كإهلال النبي .
فقال [له] رسول الله : قِرْ على((5)) إحرامك مثلي ، وأنت شريكي في هَديي .
قال : ونزل رسول الله بمكة بالبطحاء هو وأصحابه ولم ينزل الدور ،
ص: 185
فلمّا كان يوم التروية عند زوال الشّمس أمر النّاس أن يغتسلوا ويُهلّوا بالحجّ وهو قول الله(عزّوجلّ) الذي أُنزل((1)) على نبيّه : (فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ)أبيكم (إِبْرَاهِيمَ)((2)) فخرج النبي وأصحابه مُهلّين بالحجّ حتّى أتى((3)) منى ، فصلّى الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ، ثمّ غدا والنّاس معه ، وكانت قريش تُفيض من المزدلفة وهي جمع ويمنعون النّاس أن يَفيضوا منها ، فأقبل رسول الله وقريش ترجوا أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون ، فأنزل الله (عزّوجلّ) عليه((4)) : (ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ)((5)) يعني ابراهيم واسماعيل وإسحاق في إفاضتهم منها ، ومن كان بعدهم فلمّا رأت قريش أنّ قبّة((6)) رسول الله قد مضت كأنّه دخل في أنفسهم شيء للذي كانوا يَرجون من الإفاضة من مكانهم ، حتّى انتهى الى نمرة وهي بطن عرنة بحيال الأراك فضُربت((7)) قبته وضرب
ص: 186
الناس أخبيتهم عندها ، فلمّا زالت الشمس خرج رسول الله ومعه قريش((1))وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد فوعظ النّاس وأمرهم ونهاهم ثمّ صلّى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، ثمّ مضى إلى الموقف فوقف به فجعل النّاس يبتدرون اخفاف ناقته يقفون إلى جانبها((2))فنحّاهاففعلوا مثل ذلك فقال : أيّها الناس [أنّه ]ليس موضع اخفاف ناقتي بالموقف ، ولكن هذا كلّه - وأومأ((3))
بيده إلى الموقف - فتفرّق الناس وفعل مثل ذلك بالمزدلفة((4))فوقف [الناس ]حتى وقع القرص - قرص الشمس - ثمّ أفاض وأمر الناس بالدّعة حتى ]اذا[ انتهى إلىالمزدلفة ، وهو المشعر الحرام فصلّى المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد واقامتين ثمّ أَقام حتى صلّى فيها الفجر وعجّل ضُعفاء بني هاشم بليل((5)) وأمرهم أن لا يرموا الجمرة - جمرة العقبة - حتى تطلع الشّمس ، فلمّا أضاء له النهار أفاض حتى انتهى الى منى ، فرمى جمرة العقبة ، وكان الهدي الذي جاء به رسول الله أربعة وستين ، أو ستة وستين((6)) ،وجاء علي بأربعة وثلاثين أو ستة
ص: 187
وثلاثين((1)) ،فنحر رسول الله ستة وستين((2)) ونحر علي أربعة((3)) وثلاثين بدنة وأَمر رسول الله أن يؤخذ من كلّ بدنة منها جذوة من لحم ، ثمّ تُطرح في برمة((4)) ،ثمّ تطبخ فأكل رسول الله [منها] وعلي وحَسيا من مرقها ولم يُعطيا((5))الجزّارين جلودها ولا جلالها((6))ولا قلائدها وتصدّق به وحلق وزار البيت ورجع الى منى وأقام((7))بها حتى كان اليوم الثالث من آخر أيّام التشريق ثمّ رمى الجِمار ونفر حتّى انتهى إلى الأبطح ، فقالت له عائشة : يا رسول الله ترجع نساؤك بحجّة وعمرة معاً ، وأرجع بحجّة ؟ فأقام بالأبطح وبعث معها عبد الرحمن بن أبي بكر الى التنعيم ، فأهلّت بعُمرة ثمّ جائت وطافت((8))بالبيت وصلّت ركعتين عند مقام إبراهيم وسعت بين الصفا والمروة ، ثمّ أتت النبي فارتحل من يومه ولم يدخل المسجد [الحرام ]ولم يَطف بالبيت ودخل من أعلى مكة من عقبة المدنيين وخرج من
ص: 188
أسفل مكة من ذي طوى((1)) .
التهذيب : محمّد بن علي بن محبوب ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ومحمّد بن الحسين وعلي بن السندي والعباس كلّهم ، عن صفوان ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أقام بالمدينة ... وذكر مثله((2)) .
علل الشرايع : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبدالله بن عامر ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيدالله بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته لِمَ جعلت التلبية ؟
فقال : إنّ الله (عزّوجلّ) أوحى إلى إبراهيم : (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً) فنادى فأُجيب من كلّ فج عميق يُلبّون((3)) .
ص: 189
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا اُمر ابراهيم وإسماعيل ببناء البيت وتمَّ بناؤه قعد إبراهيم على ركن ثم نادى : هلمّ الحجّ هلمّ الحجّ ، فلو نادى : هلمّوا إلى الحجّ لم يحجّ إلاّ من كان يومئذ إنسياً مخلوقاً ، ولكنّه نادى : هلمّ الحجّ ، فلبّى الناس فيأصلاب الرّجال : لبّيك داعي الله ، لبّيك داعي الله (عزّوجلّ) فمن لبّى عشراً يحجّ((1)) عشراً ، ومن لبّى خمساً يحجّ خمساً ، ومن لبّى أكثر من ذلك فبعدد ذلك ، ومن لبّى واحداً حجّ واحداً ، ومن لم يلبّ لم يحجّ((2)) .
علل الشرايع : أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن عبدالله ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لمّا أمر الله (عزّوجلّ) ابراهيم واسماعيل ببنيان البيت ، وتمّ بناءه ، أمره أن يصعد ركناً ، ثم ينادي في الناس ، ألا هلمّ الحجّ هلمّ الحج ، فلو نادى ... وذكر مثله((3)) .
* * * * *
ص: 190
قوله تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّام مَّعْلُومَات عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الاَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (28) .
مجمع البيان : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : التكبير بمنى عقيب خمس عشرة صلاة أوّلها صلاة الظهر من يوم النحر يقول : « الله اكبر الله اكبر ، لا إله إلا الله ، والله اكبر ، الله اكبر ولله الحمد ، الله اكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أبلانا ، والله اكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام »((1)) .
عوالي اللئالي : روي عن الصادق (عليه السّلام) انّ الذكر في قوله تعالى : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ) هو التكبير عقيب خمس عشرة صلاة ، أولها ظهر العيد((2)) .
الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن
ص: 191
صفوان ، عن أبي المغرا ، عن سلمة بن مُحرز قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) إذ جاءه رجل يقال له : أبو الورد فقال لأبي عبدالله (عليه السّلام) : رحِمَك الله ، إنّك لو كنت أرحتَ بدنك من المحمل .
فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا أبا الورد إنّي اُحبُّ أن أشهد المنافع التي قال الله (تبارك وتعالى) : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) إنّه لا يشهدها أحد إلاّ نفعه الله ، أمّا أنتم فتَرجِعون مغفوراً لكم ، وأمّا غيركم فيُحفظون في أهاليهم وأموالهم((1)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن محمّد بن الفضيل ، عن الربيع بن خُثَيم قال : شهدت أبا عبدالله (عليه السّلام) وهو يُطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض فكان كلّما بلغ الرّكن اليماني أمرهم فوضعوه بالأرض فأخرج يده من كوّة المحمل حتّى يجرّها على الأرض ثمّ يقول : ارفعوني .
فلمّا فعل ذلك مراراً في كلّ شوط قلت له : جعلت فداك يابن رسول الله إنّ هذا يشقّ عليك .
فقال : إنّي سمعت الله (عزّوجلّ) يقول : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) .
فقلت : منافع الدنيا أو منافع الآخرة ؟
ص: 192
فقال : الكلّ((1)) .
التهذيب : العباس وعلي بن السندي جميعاً ، عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : قال علي (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّام مَّعْلُومَات) .
قال : أيّام العشر .
وقوله : (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّام مَّعْدُودَات)((2)) .
قال : أيّام التّشريق((3)) .
التهذيب : موسى بن القاسم ، عن عبد الرحمن ، عن حمّاد بن عيسى قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : قال أبي : قال علي (عليه السّلام) : اذكروا الله في أيّام معلومات قال : قال : عشر ذي الحجّة ، وأيّام معدودات قال : أيّام التشريق((4)) .
معاني الأخبار : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه
ص: 193
الله) قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : قال علي (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّام مَّعْلُومَات) قال : أيّام العشر((1)) .
معاني الأخبار : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّام مَّعْلُومَات) .
قال : هي أيّام التشريق((2)) .
معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن علي بن الصلت ، عن عبدالله بن الصلت ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن المفضّل بن صالح ، عن زيدالشحّام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّام مَّعْدُودَات)((3)) .
قال : المعلومات والمعدودات واحدة وهي أيّام التشريق((4)) .
ص: 194
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) .
قال : هو الزّمِن الذي لا يستطيع أن يخرج لزمانته((1)) .
الجعفريات : باسناده عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي ابن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) في قول الله (تبارك وتعالى) ... وذكر نحوه((2)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن عبدالله بن يحيى ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ)((3)) قال : الفقير الذي لا يسأل الناس ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم ... الى آخر الحديث((4)) .
* * * * *
ص: 195
قوله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (29) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، ومحمّد بن اسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، وابن أبي عمير جميعاً ، عن معاوية بن عمّار قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - : اتَّق المفاخرة ، وعليك بورع يحجِزُك عن معاصي الله ، فإنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من التّفث أن تتكلّم في إحرامك بكلام قبيح ، فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت وتكلّمت بكلام طيّب فكان ذلك كفارة ... الى آخر الحديث((1)) .
من لا يحضره الفقيه : روى معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : اتق المفاخرة ، وعليك بورع يحجزك عن معاصي الله (عزّوجلّ) ، فإنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) ومن التفث أن تتكلّم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة فطفت بالبيت [و]
ص: 196
تكلّمت بكلام طيّب وكان ذلك كفارة لذلك((1)) و((2)) .
معاني الأخبار : حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدّثنا ابراهيم بن علي ، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني ، عن الحسن بن محبوب ، عن معاوية ابن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) قال : هو الحفوف والشعث((3)) ، قال : ومن التفث ... وذكر مثله((4)) .الكافي : حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (جلّ ثناؤه) : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) .
فقال : هو ما يكون من الرّجل في إحرامه ، فإذا دخل مكة فتكلّم((5))بكلام طيّب ، كان ذلك كفّارة لذلك الذي كان منه((6)) .
ص: 197
من لا يحضره الفقيه : روى أبو بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) قال : ما يكون من الرّجل في حال إحرامه ... وذكر مثله((1)) .
معاني الأخبار : حدّثنا أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) ؟ فقال : ما يكون ... وذكر نحوه((2)) .
معاني الأخبار : حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي (رحمه الله) قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، عن حمدويه قال : حدّثنا محمّد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن عمرو بن حنظلة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن التفث ؟
قال : هو حفوف الرّأس((3)) .
التهذيب - الاستبصار : الحسين بن سعيد ، عن حمّاد ، عن ربعي ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قول الله
ص: 198
(عزّوجلّ) : (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) حفوف الرجل من الطيب((1)) .معاني الأخبار : حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي (رحمه الله) قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدّثنا محمّد ابن نصير قال : حدّثنا محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن التفث ؟
فقال : هو الحلق وما في جلد الإنسان((2)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن رجل نسي أن يقصّر من شعره وهو حاجّ حتى ارتحل من منى ؟
قال : ما يعجبني أن يلقى شعره إلاّ بمنى ، وقال : في قول الله (عزّوجلّ) : (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) قال : هو الحلق ، وما في جلد الانسان((3)) .
معاني الأخبار : حدّثنا أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن ابراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن الحسين ، عن النّضر بن
ص: 199
سويد ، عن ابن سنان قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) .
قال : هو الحلق وما في جلد الانسان((1)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن سليمان ، عن زياد القندي ، عن عبدالله بن سنان ، عن ذريح المحاربي قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الله أمرني في كتابه بأمر فأحبّ أن أعمله((2)) .
قال : وما ذاك ؟قلت : قول الله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) .
قال : (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) لقاء الامام (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) تلك المناسك .
قال عبدالله بن سنان : فأتيت أبا عبدالله (عليه السّلام) فقلت : جعلت فداك قول الله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) .
قال : أخذ الشارب وقصّ الأظفار وما أشبه ذلك .
ص: 200
قال : قلت : جعلت فداك إنّ((1)) ذريح المحاربي حدّثني عنك بأنّك((2))قلت له : (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) لقاء الإمام (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) تلك المناسك ؟
فقال : صدق ذريح وصدقتَ ]أنت[ إنّ للقرآن ظاهراً وباطناً ومن يحتمل ما يحتمل ذريح ؟!!((3)) .
معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن سهل بن زياد الآدمي ، عن علي بن سليمان مثله((4)) .
من لا يحضره الفقيه : روي عن عبدالله بن سنان قال : أتيت أبا عبدالله (عليه السّلام) فقلت له : جعلني الله فداك ما معنى قول الله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) ؟
قال : أخذ الشّارب ، وقصّ الأظفار ، وما أشبه ذلك .
قال : قلت : جعلت فداك فإنّ ذريحاً المحاربي حدّثني عنك إنّك قلت : (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) لقاء الامام (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) تلك المناسك ؟
قال : صدق ذريح وصدقت ، إنّ للقرآن ظاهراً وباطناً ، ومن يحتمل
ص: 201
ما يحتمل ذريح ؟((1))
من لا يحضره الفقيه : روى ذريح المحاربي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) .
قال : التفث : لقاء الامام (عليه السّلام)((2)) .تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا أحمد بن هوذة بإسناد يرفعه إلى عبدالله بن سنان ، عن ذريح المحاربي قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : قوله تعالى ... وذكر نحوه((3)) .
تأويل الآيات الظاهرة : روي عن (أبي عبدالله) صلوات الله عليه - وقد نظر الى الناس يطوفون بالبيت - فقال : طواف كطواف الجاهلية ، أما والله ما بهذا امروا ]ولكنّهم[ أمروا أن يطوفوا بهذه الأحجار ، ثمّ ينصرفوا إلينا ويعرّفونا مودّتهم ويعرضوا علينا نصرتهم وتلا هذه الآية (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) .
قال : التفث : الشّعث ، والنّذر : لقاء الإمام((4)) .
ص: 202
الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن بعض أصحابه ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) .
قال : طواف النساء((1)) .
التهذيب : محمّد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمّد مثله((2)) .
التهذيب : روى محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن اسماعيل ، عن محمّد بن يحيى الصيرفي ، عن حمّاد الناب قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) ؟قال : هو طواف النساء((3)) .
الخصال : حدّثنا محمّد بن علي بن الشاه قال : حدّثنا أبو حامد قال : حدّثنا أبو يزيد قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن صالح التميمي ، عن أبيه
ص: 203
قال : حدّثنا أنس بن محمّد أبو مالك ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال في وصيّته له : يا علي إنّ عبد المطلب سنّ في الجاهليّة خمس سنن أجراها الله له في الإسلام : حرَّم نساء الآباء على الأبناء (الى أن قال :) ولم يكن للطواف عدد عند قريش ، فسنَّ فيهم عبد المطلب سبعة أشواط ، فأجرى الله ذلك في الإسلام((1)) .
علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : لِمَ سُمّي البيت العتيق ؟
قال : إنّ الله (عزّوجلّ) أنزل الحجر الأسود لآدم من الجنّة ، وكان البيت درّة بيضاء ، فرفعه الله إلى السماء وبقي اُسّه ، فهو بحيال هذا البيت ، يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك ، لا يرجعون إليه أبداً فأمر الله ابراهيم وإسماعيل يبنيان ]البيت[ على القواعد ، وإنّما سُمّي البيت العتيق لأنّه
ص: 204
اُعتق من الغرق((1)) .علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن (أبيه) ، عن علي بن النعمان ، عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّما سُمّي((2)) البيت العتيق لأنّه اُعتق من الغرق ، وأعتق الحرم معه : كَفَّ عنه الماء((3)) .
المحاسن : البرقي ، عن أبيه ومحمّد بن علي ، عن علي بن النعمان مثله((4)) .
علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحسن الطويل ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ذريح بن يزيد المحاربي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ الله (عزّوجلّ) اغرق الأرض كلّها يوم نوح إلاّ البيت فيومئذ سُمّي العتيق لأنّه اُعتق يومئذ من الغرق .
فقلت له : أُصْعِدَ الى السماء ؟
فقال : لا ، لم يصل إليه الماء ورُفع عنه((5)) .
ص: 205
أَقول : لا تنافي بين هذا الحديث والذي سبقه ، فهناك ذُكر أَنّ بيت الله كان دُرَّة بيضاء رفعها الله (عزّوجلّ) وبقي الأساس وجاء الطوفان فأغرق الله الأَرض كلّها الاّ البيت فأُعتق من الغرق ولم يغمره الماء فسُمّي بالبيت العتيق .
وجاء نبي الله ابراهيم ومعه إِبنه اسماعيل بعد الطوفان بزمن طويل وبنيا البيت على تلك القواعد القديمة ، قال الله (عزّوجلّ) : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)((1)) .
فجواب الامام الصادق (عليه السّلام) هنا يُحمل على أنّه لم يُرفع اساس البيت وانّما رُفعت الدُّرَّة البيضاء فقط . والله العالم .تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن صفوان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : وإنّما سمّي البيت العتيق لأنّه اُعتق من الغرق((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ
رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الاَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الاَوْثَانِ
ص: 206
وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَان سَحِيق)(30 - 31) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجّار ، عن موسى ، عن أبيه جعفر (عليهما السّلام) في قوله تعالى : (وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ) .
قال : هي ثلاث حرمات واجبة ، فمن قطع منها حُرمة فقد أشرك بالله : الأولى : انتهاك حرمة الله في بيته الحرام ، والثانية : تعطيل الكتاب والعمل بغيره ، والثالثة : قطيعة ما أوجب الله من فرض مودّتنا وطاعتنا((1)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، والحسين بن سعيد جميعاً ، عن النّضر بن سويد ، عن درست ، عن
ص: 207
زيد الشحّام قال : سألت أباعبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) :(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الاَْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) ؟
فقال((1)) : الرّجس من الأوثان : الشطرنج ، وقول الزور : الغناء((2)) .
من لا يحضره الفقيه : سُئل الصادق (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : ... وذكر مثله((3)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الاَْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) .
قال : الرّجس من الأوثان هو الشطرنج وقول الزور : الغناء((4)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبدالله بن جبلة ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (تبارك وتعالى) : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الاَْوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) ؟
قال : الغناء((5)) .
ص: 208
معاني الأخبار : حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي (رحمه الله) قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدّثنا الحسين ابن اشكيب قال : حدّثنا محمّد بن السري ، عن الحسين بن سعيد ، عن أبي أحمد محمّد بن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن عبد الأعلى قال : سألت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الاَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) ؟
قال : الرّجس من الأوثان : الشطرنج ، وقول الزُّور : الغناء .قلت : قوله (عزّوجلّ) : (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ)((1)) ؟
قال : منه الغناء((2)) .
معاني الأخبار : حدّثنا أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن يحيى الخزّاز ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الزُّور ؟
قال : منه قول الرجل للذي يُغنّي : « أحسنت »((3)) .
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي
ص: 209
عبدالله (عليه السّلام) قال : (الرِّجْسَ مِنَ الاَوْثَانِ) الشطرنج و (قَوْلَ الزُّورِ) الغناء((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) (32) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّما يكون الجزاء مضاعفاً فيما دون البدنة حتى يبلغ البدنة فإذا بلغ البدنة فلا تُضاعَف لأنّه أعظم ما يكون ، قال الله (عزّوجلّ) : (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَل مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (33) .
ص: 210
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن اسماعيل ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَل مُّسَمًّى) .
قال : ان احتاج الى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها ، وان((1)) كان لها لبن حلبها حلاباً لا ينهكها((2)) .
التهذيب : محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن يحيى مثله((3))
من لا يحضره الفقيه : روى أبو بصير ، عنه - أي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في قول الله (عزّوجلّ) : (لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَل مُّسَمًّى) قال : ... وذكر مثله((4)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا
ص: 211
رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الاَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْم-ُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاَةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (34 - 35) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا محمّد بن همّام ، عن محمّد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود قال : قال موسى بن جعفر (عليه السّلام) : سألت أبي عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَبَشِّرِ الْم-ُخْبِتِينَ) الآية ؟
قال : نزلت فينا خاصّة((1)) .أقول : الإخبات بمعنى الخشوع والتواضع - كما في مجمع البحرين - وفسّر علماؤنا هذه الآية بتفاسير متعددة :
ففي تفسير علي بن ابراهيم جاءت بمعنى : العابدين((2)) .
وقال الطبرسي في مجمع البيان : أي المتواضعين المطمئنِّين الى الله((3)) .
ص: 212
وفي كنز الدقائق : أي المتواضعين أو المخلصين ، فانّ الاخبات صفتهم((1)) .
وذكر العلاّمة المجلسي عن بعض المفسرين : أن المقصود هو مولانا أمير المؤمنين (عليه السّلام) والصحابي الجليل سلمان الفارسي((2)) .
والظاهر أنّهما من أجلى المصاديق للمخبتين . والله العالِم .
* * * * *
قوله تعالى : (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (36) .
الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن يحيى ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ) .
قال : ذلك حين تَصُفُّ للنَّحر ، تَربِط يديها ما بين الخُفِّ الى الرّكبة
ص: 213
ووجوب جنوبها إذا وقعت على الأرض((1)) .التهذيب : محمّد بن يعقوب ، عن أبي علي الأشعري ، عن محمّد ابن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله((2)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ)قيل : هو أن تنحر وهي صافّة - أي قائمة - ربطت يديها ما بين الرُّسْغ والخفّ إلى الرّكبة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، ومحمّد بن اسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (جلّ ثناؤه) : (فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا
مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال : القانع [هو] الذي يقنع بما
ص: 214
أعطيته((1)) ، والمعتر الذي يعتريك ، والسّائل الذي يسألك في يديه ، والبائس [هو ]الفقير((2)) .
التهذيب : روى محمّد بن موسى بن القاسم ، عن النخعي ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا ذبحتَ أو نحرتَ فكُلْ وأطعِمْ كما قال الله تعالى : (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) فقال : القانع الذي ... وذكر مثله((3)) .من لا يحضره الفقيه : سُئل الصادق (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله - إلى قوله - : يعتريك((4)) .
الكافي : حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ابن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبدالله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا) .
قال : إذا وقعت على الأرض (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال : القانع الّذي يرضى بما أعطيته ، ولا يسخط ولا يكلح((5)) ولا
ص: 215
يلوي((1)) شدقه غضباً ، والمعترّ المارّ بك لتطعمه((2)) و((3)) .
معاني الأخبار : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن عليّ بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان مثله((4)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) قال أبو جعفر وأبو عبدالله (عليهما السّلام) : القانع الذي يقنع بما أعطيته ولا يسخط ولا يكلح ولا يلوي شدقه غضباً ، والمعتر المادّ يده لتطعمه((5)) .
مجمع البيان : في رواية الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : القانع الذي يسأل فيرضى بما اُعطي ، والمعتر الذي يعتري رحلك ممّن لا يسأل((6)) .
التهذيب : محمّد بن موسى بن القاسم ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف التمّار قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ سعد بن عبد الملك قدم حاجاً فلقي أبي فقال : إنّي سُقت هدياً فكيف أصنع ؟
ص: 216
فقال له أبي : أطعِم أهلك ثُلثاً ، وأطعم القانع والمعتر ثلثاً ، وأطعم المساكين ثُلثاً .
فقلت : المساكين هم السؤّال ؟
فقال : نعم ، وقال : القانع الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة((1)) فما فوقها ، والمعتر ينبغي له أكثر من ذلك وهو أغنى من القانع يعتريك فلا يسألك((2)) .
معاني الأخبار : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن سيف التمّار قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ سعيد بن عبد الملك ... وذكر نحوه((3)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا تصرم((4)) بالليل ، ولا تحصد بالليل ، ولا تضحّ بالليل ،
ص: 217
ولا تبذر بالليل ، فإنّك إن تفعل لم يأتك القانع والمعتر .
فقلت : ما القانع والمعتر ؟
قال : القانع : الّذي يقنع بما أعطيته ، والمعترّ : الذي يمرُّ بك فيسألك ... الى آخر الحديث((1)) .
عوالي اللآلي : روى معاوية بن عمّار ، عن الصادق (عليه السّلام) : إذا ذبحتَ أو نحرتَ فكُلْ وأطعِمْ ، كما قال (تعالى) : (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)((2)) .الجعفريات : باسناده عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي ابن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) في قوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا) ؟
قال : كلوا ثلاثة أرباعها واطعموا ربعاً((3)) .
الجعفريات : باسناده عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي ابن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو يقول في قوله تعالى : (وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) .
ص: 218
قال : القانع الذي يقنع في دخله والمعتر الذي يعتر من المسألة((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْم-ُحْسِنِينَ) (37) .
علل الشرايع : حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد (رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي الأسدي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : ما علّة الأضحيّة ؟
فقال : إنّه يغفر لصاحبها عند أوّل قطرة تقطر من دمها الى الأرض وليعلم الله تعالى من يتّقيه بالغيب قال الله تعالى : (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ) ثمّ قال : انظر كيف قبل الله قربان هابيل وردّ قربان قابيل((2)) .* * * * *
ص: 219
قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّان كَفُور) (38) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن الحسن بن علي قال : حدّثنا أبي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن اسحاق بن عمّار قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) ؟
قال : نحن (الذين آمنوا) والله يدافع عنّا ما اذاعت عنّا شيعتنا((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْض لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَْرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاُْمُورِ * وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ
ص: 220
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوح وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوط * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) (39 - 44) .
الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن بريد ، عن أبي عمرو الزّبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أخبرني عن الدّعاء إلى الله والجهاد في سبيله أهو لقوم لا يحلّ إلاّ لهم ، ولا يقوم به إلاّ من كانمنهم ، أم هو مباح لكلّ من وحّد الله (عزّوجلّ) وآمن برسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومن كان كذا ، فله أن يدعو إلى الله (عزّوجلّ) وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيله ؟
فقال : ذلك لقوم لا يحلّ إلاّ لهم ، ولا يقوم بذلك إلاّ من كان منهم .
قلت : من أُولئك ؟
قال : من قام بشرائط الله (عزّوجلّ) في القتال والجهاد على المجاهدين ، فهو المأذون له في الدُّعاء إلى الله (عزّوجلّ) ومن لم يكن قائماً بشرائط الله في الجهاد على المجاهدين ، فليس بمأذون له في الجهاد ، ولا الدّعاء إلى الله ، حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد .
ص: 221
قلت : فبيّن لي يرحمك الله .
قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) أخبر [نبيّه] في كتابه الدّعاء إليه ، ووصف الدُّعاة إليه ، فجعل ذلك لهم درجات يعرّف بعضها بعضاً ، ويُستدلّ ببعضها على بعض - إلى أن قال (عليه السّلام) : -
ثمّ أخبر (تبارك وتعالى) أنّه لم يأمر بالقتال إلاّ أصحاب هذه الشّروط ، فقال (عزّوجلّ) : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) .
وذلك أنّ جميع ما بين السّماء والأرض لله (عزّوجلّ) ولرسوله ولأتباعهما من المؤمنين من أهل هذه الصّفة ، فما كان من الدّنيا في أيدي المشركين والكفّار والظّلمة والفجّار ، من أهل الخلاف لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والمولّي عن طاعتهما ، ممّا كان في أيديهم ظلموا فيه المؤمنين من أهل هذه الصفات وغلبوهم عليه ممّا أفاء الله على رسوله ، فهو حقّهم أفاء الله عليهم ، وردّه إليهم .
وإنّما معنى الفيء كلُّ ما صار إلى المشركين ، ثمّ رجع ممّا كان قد غُلب عليه أو فيه فما رجع إلى مكانه - من قول أو فعل - فقد فاء ، مثل قول الله (عزّوجلّ) : (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُر فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) أي : رجعوا ، ثمّقال : (وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ
ص: 222
فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)((1)) . وقال : (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الاُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) أي : ترجع (فَإِن فَاءَتْ) أي : رجعت (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)((2)) يعني بقوله : (تَفِيءَ) ترجع . فذلك الدليل على أنّ الفيء كلّ راجع إلى مكان قد كان عليه أو فيه . ويقال للشّمس إذا زالت : قد فاءت الشّمس ، حين يفيء الفيء عند رجوع الشّمس إلى زوالها ، وكذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفّار ، فإنّما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم ، بعد ظلم الكفّار إيّاهم . فذلك قوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) ما كان المؤمنون أحقَّ به منهم .
وإنّما أُذن للمؤمنين الّذين قاموا بشرائط الإيمان الّتي وصفناها ، وذلك أنّه لا يكون مأذوناً له في القتال حتّى يكون مظلوماً ، ولا يكون مظلوماً حتّى يكون مؤمناً ، ولا يكون مؤمناً حتّى يكون قائماً بشرائط الإيمان الّتي اشترط الله (عزّوجلّ) على المؤمنين والمجاهدين ، فإذا تكاملت فيه شرائط الله (عزّوجلّ) كان مؤمناً ، وإذا كان مؤمناً كان مظلوماً ، وإذا كان مظلوماً كان مأذوناً له في الجهاد ، لقوله (عزّوجلّ) : (أُذِنَ لِلَّذِينَ
ص: 223
يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) وإن لم يكن مستكملاً لشرائط الإيمان ، فهو ظالم ممّن يبغي ، ويجب جهاده حتّى يتوب ، وليس مثله مأذوناً له في الجهاد والدّعاء إلى الله (عزّوجلّ) لأنّه ليس من المؤمنين المظلومين الّذين أُذن لهم في القرآن في القتال .
فلمّا نزلت هذه الآية : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) في المهاجرين الّذين أخرجهم أهل مكّة من ديارهم وأموالهم ، أُحلّ لهم جهادهم بظلمهم إيّاهم ، وأُذِن لهم في القتال .
فقلت : فهذه نزلت في المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم ، فما بالهم في قتالهم كسرى وقيصر ومن دونهم من مشركي قبائل العرب ؟فقال : لو كان إنّما اُذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكّة فقط ، لم يكن لهم إلى قتال جموع كسرى وقيصر وغير أهل مكّة من قبائل العرب سبيل ، لأنّ الّذين ظلموهم غيرهم ، وإنّما أُذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكّة لإخراجهم إيّاهم من ديارهم وأموالهم بغير حقّ ، ولو كانت الآية إنّما عنت المهاجرين الّذين ظلمهم أهل مكّة ، كانت الآية مرتفعة الفرض عمّن بعدهم ، إذ لم يبق من الظّالمين والمظلومين أحد ، وكان فرضها مرفوعاً عن النّاس بعدهم ، [إذا لم يبق من الظّالمين والمظلومين أحد] .
وليس كما ظننت ، ولا كما ذكرت ، ولكنّ المهاجرين ظُلِموا من جهتين : ظلمهم أهل مكّة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم ، فقاتلوهم
ص: 224
بإذن الله لهم في ذلك ، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم ، بما كان في أيديهم ، ممّا كان المؤمنون أحقَّ به منهم . فقد قاتلوهم بإذن الله (عزّوجلّ) لهم في ذلك .
وبحجّة هذه الآية يقاتل مؤمنوا كلّ زمان ، وإنّما أذن الله (عزّوجلّ) للمؤمنين الّذين قاموا بما وصف الله (عزّوجلّ) من الشّرائط الّتي شرطها الله على المؤمنين في الإيمان والجهاد ، ومن كان قائماً بتلك الشرائط ، فهو مؤمن ، وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى ، ومن كان على خلاف ذلك ، فهو ظالم وليس من المظلومين ، وليس بمأذون له في القتال ، ولا بالنّهي عن المنكر والأمر بالمعروف ، لأنّه ليس من أهل ذلك ، ولا مأذون له في الدّعاء إلى الله (عزّوجلّ) لأنّه ليس يجاهد مثله وأُمر بدعائه إلى الله ، ولا يكون مجاهداً من قد أُمر المؤمنون بجهاده ، وحظر الجهاد عليه ومنعه منه ، ولا يكون داعياً إلى الله (عزّوجلّ) من أُمر بدعاء مثله إلى التّوبة والحقّ والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، ولا يأمر بالمعروف من قد أُمر أن يؤمر به ، ولا ينهى عن المنكر من قد أُمر أن يُنهى عنه .
فمن كانت قد تمّت فيه شرائط الله (عزّوجلّ) الّتي وصف بها أهلها من أصحاب النّبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو مظلوم ، فهو مأذون له في الجهاد ، كما أذن لهم في الجهاد ، لأنّ حكم الله (عزّوجلّ) في الأوّلين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلاّ من علّة أو حادث يكون ، والأوّلون
ص: 225
والآخرون - أيضاً - في منع الحوادث شركاء ،والفرائض عليهم واحدة ، يُسأل الآخرون عن أداء الفرائض عمّا يُسأل عنه الأوّلون ، ويُحاسَبون عمّا به يُحاسَبون .
ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين ، فليس من أهل الجهاد ، وليس بمأذون له فيه حتّى يفيء بما شرط الله (عزّوجلّ) عليه فإذا تكاملت فيه شرائط الله (عزّوجلّ) على المؤمنين والمجاهدين ، فهو من المأذونين لهم في الجهاد .
فليتّق الله (عزّوجلّ) عبد ولا يغترّ بالأمانيّ التّي نهى الله (عزّوجلّ) عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله الّتي يكذّبها القرآن ، ويتبرّأُ منها ومن حملتها ورواتها ، ولا يقدم على الله (عزّوجلّ) بشبهة لا يُعذَر بها ، فإنّه ليس وراء المعترَض للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها ، وهي غاية الأعمال في عظم قدرها .
فليحكم امرؤ لنفسه ، وليرها كتاب الله (عزّوجلّ) ويعرضها عليه ، فإنّه لا أحد أعرف بالمرء من نفسه ، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد ، فليقدم على الجهاد ، وإن علم تقصيراً ، فليصلحها وليقمها على ما فرض الله عليها من الجهاد ، ثمّ ليقدم بها وهي طاهرة مطهّرة من كلّ دنس يحول بينها وبين جهادها .
ولسنا نقول لمن أراد الجهاد ، وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله (عزّوجلّ) على المؤمنين والمجاهدين : لا تجاهدوا ! ولكن
ص: 226
نقول : قد علّمناكم ما شرط الله (عزّوجلّ) على أهل الجهاد الّذين بايعهم ، واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان ، فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك وليعرضها على شرائط الله ، فإن رأى أنّه قد وفى بها وتكاملت فيه ، فإنّه ممّن أذن الله (عزّوجلّ) له في الجهاد ، فإن أبى أن لا يكون مجاهداً - على ما فيه من الإصرار على المعاصي والمحارم والإقدام على الجهاد بالتّخبيط والعمى ، والقدوم على الله (عزّوجلّ) بالجهل والرّوايات الكاذبة - فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل : أنّ الله (عزّوجلّ) ينصر هذا الدّين بأقوام لا خلاق لهم .فليتّق الله (عزّوجلّ) امرؤ ، وليحذر أن يكون منهم ، فقد بيّن لكم ، ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ، ولا قوّة إلاّ بالله وحسبنا الله ، عليه توكّلنا وإليه المصير((1)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود قال : حدّثنا موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهم السّلام) قال :
ص: 227
نزلت هذه الآية في آل محمّد (عليهم السّلام) خاصّة (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) ثمّ تلا إلى قوله : (وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاُْمُورِ)((1)) .
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) .
قال : انّ العامّة يقولون : نزلت في رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لما أخرجته قريش من مكة ، وإنّما هي للقائم إذا خرج يطلب بدم الحسين وهو قوله : نحن أولياء الدّم ، وطلاّب الدية ، ثمّ ذكر عبادة الأئمة وسيرتهم فقال : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاُمُورِ)((2)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا مولانا محمّد ابن همام ، عن محمّد بن اسماعيل ، عن عيسى بن داود النجّار قال : حدّثنا مولانا موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول الله تعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ) .
ص: 228
قال : نزلت فينا خاصّة ، في أمير المؤمنين وذريّته (عليهما السّلام) وما ارتُكب من [أمر] فاطمة (عليها السّلام)((1)) .
تفسير فرات الكوفي : قال : حدّثني علي بن محمّد بن عمر الزهري معنعناً عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) علي والحسن والحسين وجعفر وحمزة (عليهم السّلام)((2)) .
تفسير فرات الكوفي : قال : حدّثنا محمّد بن القاسم بن عبيد معنعناً ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ) قال : نزل في علي وجعفر وحمزة وجرت في الحسين بن علي (عليهم السّلام)((3)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العبّاس : حدّثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عيسى بن داود ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْض لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً) .
ص: 229
قال : هم الأئمّة (عليهم السّلام) وهم الأعلام ، ولو لا صبرهم وانتظارهم الأمر أن يأتيهم من الله لقُتلوا جميعاً ، قال الله (عزّوجلّ) : (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)((1)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن حصين بن مخارق ، عن الامام موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قوله تعالى : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَْرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ) .
قال : نحن هم((2)) .تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس : حدّثنا محمّد بن همّام ، عن محمّد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، عن الامام أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السّلام) قال : كنت عند أبي يوماً في المسجد إذ أتاه رجل فوقف امامه ، وقال : يابن رسول الله أعيت عليّ آية في كتاب الله (عزّوجلّ) سألت عنها جابر بن يزيد فأرشدني إليك .
فقال : وما هي ؟
قال : قوله (عزّوجلّ) : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ
ص: 230
وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاُمُورِ) .
فقال أبي : نعم فينا نزلت وذلك أنّ فلاناً وفلاناً وطائفة معهم - وسمّاهم - اجتمعوا الى النبي فقالوا : يا رسول الله إلى من يصير هذا الأمر بعدك ؟ فوالله لئن صار الى رجل من أهل بيتك إنّا لنخافهم على أنفسنا ولو صار إلى غيرهم لعلّ غيرهم أقرب وأرحم بنا منهم .
فغضب رسول الله من ذلك غضباً شديداً ، ثمّ قال : أما والله لو آمنتم بالله وبرسوله ما أَبغضتموهم لانّ بغضهم بغضي ، وبُغضي هو الكفر بالله ثمّ نعيتم إليّ نفسي فوالله لئن مكّنهم الله في الأرض ليقيموا الصلاة لوقتها وليؤتوا الزكاة لمحلّها وليأمرن بالمعروف ولينهن عن المنكر ، إنّما يرغم الله انوف رجال يبغضوني ، ويبغضون أهلَ بيتي وذريّتي ، فأنزل الله (عزّوجلّ) : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَْرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاُْمُورِ) فلم يقبل القوم ذلك فأنزل الله سبحانه : (وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوح وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوط * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ)((1)) .مجمع البيان : في قوله : (وَصَلَوَاتٌ) قرأ جعفر بن محمّد (عليه
ص: 231
السّلام) : وصلوات بضمّ الصّاد واللام((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَة أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْر مُّعَطَّلَة وَقَصْر مَّشِيد) (45) .
معاني الأخبار : حدّثنا محمّد بن ابراهيم بن أحمد بن يونس الليثي قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفيّ قال : حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن زياد قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَبِئْر مُّعَطَّلَة وَقَصْر مَّشِيد) ؟
قال : البئر المعطلة : الامام الصّامت ، والقَصر المشيد : الامام الناطق((2)) .
معاني الأخبار : حدّثنا أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا أحمد بن ادريس ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن عليّ بن السندي ، عن
ص: 232
محمّد بن عمرو ، عن بعض أصحابنا ، عن نصر بن قابوس قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله((1)) .
كمال الدّين : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((2)) .بصائر الدرجات : حدّثنا علي بن اسماعيل ، عن محمّد بن عمرو ابن سعيد ، عن بعض أصحابنا ، عن نصر بن قابوس مثله((3)) .
مختصر بصائر الدرجات : علي بن اسماعيل بن عيسى ، عن محمّد ابن عمرو بن سعيد الزيّات ، عن بعض أصحابه ، عن نصر بن قابوس مثله((4)) .
مناقب آل أبي طالب : احمد بن حميد الهاشمي قال : وجد (في كتاب الجامع) جعفر الصادق (عليه السّلام) في قوله تعالى : (وَبِئْر مُّعَطَّلَة وَقَصْر مَّشِيد) انّه قال : رسول الله : القصر المشيد ، والبئر المعطّلة :
ص: 233
علي((1)) .
تفسير فرات الكوفي : قال : حدّثنا فرات معنعناً ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) في قول الله : (وَبِئْر مُّعَطَّلَة وَقَصْر مَّشِيد) قال : رسول الله ... وذكر مثله((2)) .
تأويل الآيات الظاهرة : روى أبو عبدالله الحسين بن جبير (رحمه الله) في كتابه (نخب المناقب) حديثاً يرفعه الى الصادق (عليه السّلام) في تفسير قوله تعالى : (وَبِئْر مُّعَطَّلَة وَقَصْر مَّشِيد) انّه قال : قال رسول الله : أنا القصر المشيد ، والبئر المعطّلة : علي (عليه السّلام)((3)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العبّاس : حدّثنا الحسين بن عامر ، عن محمّد بن الحسين ، عن الربيع بن محمّد ، عن صالح بن سهل قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : قوله (عزّوجلّ) : (وَبِئْر مُّعَطَّلَة وَقَصْر مَّشِيد) أمير المؤمنين : القصر المشيد ، والبئر المعطَّلة : فاطمة ووُلدها مُعطّلون من الملك((4)) .
أَقول : معنى الحديث : انّ الظالمين الغاصبين تربّعوا على كرسي
ص: 234
الحكم بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وسلبوا حقوق السيدة فاطمة وأولادها الطاهرين (عليهم الصلاة والسّلام) فهم الأَئمة الهداة القادة الولاة .
* * * * *
قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الاَْرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الاَْبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (46) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : تاه من جهل ، واهتدى من أبصر وعقل ، إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الاَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) وكيف يهتدي من لم يبصر ؟! وكيف يبصر من لم يتدبّر ؟! اتّبعوا رسول الله وأهل بيته وأقرّوا بما نزل من عندالله واتَّبعوا آثار الهدى فإنّهم علامات الأمانة والتّقى ... الى آخر الحديث((1))
ص: 235
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن عبدالله بن عبدالرحمن ، عن عبدالله بن القاسم ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : إنّما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين : عينان في الرأس وعينان في القلب ألا والخلائق كلّهم كذلك ، ألا انّ الله (عزّوجلّ) فتح أبصاركم ، وأعمى أبصارهم((1)) .
الكافي : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد الكندي ، عن أحمد ابن عديس ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي الصّباح قال : سمعت كلاماً يُروى عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعن علي (عليه السّلام) وعن ابن مسعود فعرضته على أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال : هذا قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أعرفه ، قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : الشقيّ من شقي في بطن اُمّه والسعيد من وعظ بغيره وأكيس الكيس التقيّ وأحمق الحمق الفجور وشرّ الرَّوي رويّ
ص: 236
الكذب وشرّ الأُمور محدَثاتها ، وأعمى العمى عمى القلب ... الى آخر الحديث((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَة مِّمَّا تَعُدُّونَ) (47) .
معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن جعفر بن محمّد بن عقبة ، عمّن رواه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً)((2))قال : الأحقاب ثمانية أحقاب ، والحُقبة ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوماً ، واليوم كألف سنة ممّا تعدّون((3)) .
* * * * *
قوله تعالى : (فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)(50 و51) .
ص: 237
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود ، عن الامام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) .
قال : أُولئك آل محمّد (وَالَّذِينَ سَعَوْا) في قطع مودّة آل محمّد (مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) قال : هم الأربعة نفر : التيمي والعدوي والأمويَين((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُول وَلاَ نَبِيّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاق بَعِيد * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاط مُّسْتَقِيم) (52 - 54) .
ص: 238
تفسير القمي : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّ رسول الله أصابه خصاصة((1)) فجاء إلى رجل من الأنصار ، فقال له : هل عندك من طعام ؟
فقال : نعم يا رسول الله وذبح له عناقاً((2)) وشواه فلمّا أدناه منه تمنّى رسول الله أن يكون معه علي وفاطمة والحسن والحسين .
فجاء منافقان . ثمّ جاء علي (عليه السّلام) بعدَهما ، فأنزل الله في ذلك : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُول وَلاَ نَبِيّ) ولا محدث (إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ)يعني فلاناً وفلاناً (فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ) يعني لمّا جاء علي بعدهما (ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ) يعني ينصر أمير المؤمنين((3)) .
تأويل الآيات الظاهرة : علي بن ابراهيم (رحمه الله) قال : وروي ]عن[ الخاص ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّ رسول الله أصابته ... وذكر نحوه((4)) .
ص: 239
الكافي : أحمد بن محمّد ، ومحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن علي بن حسّان ، عن ابن فضّال ، عن علي بن يعقوب الهاشمي ، عن مروان بن مسلم ، عن بريد ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُول وَلاَ نَبِيّ) (ولا محدَّث) . قلت : جعلت فداك ليست هذه قرائتنا فما الرّسول والنبي والمحدَّث ؟
قال : الرّسول : الذي يظهر له المَلَك فيكلّمه ، والنبي : هو الذي يرى في منامه ، وربّما اجتمعت النبوّة والرّسالة لواحد ، والمحدَّث : الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة .
قال : قلت : أصلحك الله ، كيف يعلم أنّ الذي رأى في النوم حقّ ، وأنّه من المَلَك ؟
قال : يوفّق لذلك حتّى يعرفه ، لقد ختم الله بكتابكم الكُتب ، وختم بنبيّكم الأنبياء((1)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور عنه قال : قال أبو
ص: 240
عبدالله (عليه السّلام) : الأنبياء والمرسلون على أربع طبقات : فنبيٌّ منبأ في نفسه لا يعدو غيرها ، ونبيٌّ يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة ، ولم يبعث إلى أحد وعليه إمام مثل ماكان ابراهيم على لوط ، ونبيٌّ يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك ، وقد أرسل الى طائفة قلّوا أو كثروا ، كيونس قال الله ليونس : (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْف أَوْ يَزِيدُونَ)((1)) قال : يزيدون ثلاثين ألفاً وعليه إمام ، والذي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعين في اليقظة وهو إمام مثل اُولي العزم ، وقد كان ابراهيم نبيّاً وليس بإمام حتى قال الله : (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)((2)) من عبد صنماً أو وثناً لا يكون إماماً((3)) .
الكافي : محمّد بن الحسن ، عمّن ذكره ، عن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن سنان ، عن زيد الشحّام قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنَّ الله (تبارك وتعالى) اتخذ ابراهيم عبداً قبل أن يتخذه نبياً وإنّ الله اتَّخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً وإنَّ الله اتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً وانّ الله اتخذه خليلاً قبل أن يجعله إماماً ، فلمّا جمع له الأشياء قال : (إِنِّي
ص: 241
جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً) قال : فمن عظمها في عين إبراهيم قال : (وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) قال : لا يكون السفيه إمام التقيّ((1)) .
الاختصاص : ابراهيم بن محمّد الثقفي قال : حدّثني اسماعيل بن يسار ، عن علي بن جعفر الحضرمي ، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قوله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُول وَلاَ نَبِيّ) (ولا محدَّث) ؟
فقال : الرسول الذي يأتيه جبرئيل قُبُلاً فيكلّمه فيراه كما يرى الرّجل صاحبه ، وأمّا النبي فهو الذي يُؤتى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ونحو ما كان يرى محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ومنهم من يجتمع له الرّسالة والنبوّة وكان محمّد ممّن جُمعت له الرسالة والنبوّة ، وأمّا المحدّث فهو الذي يسمَع كلام المَلَك ولا يراه ، ولا يأتيه في المنام((2)) .بصائر الدرجات : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن القاسم بن عروة ، عن بريد العجلي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الرّسول والنبيّ والمحدّث ؟
قال : الرسول الذي تأتيه الملائكة ويعاينهم وتبلّغه عن الله (تبارك
ص: 242
وتعالى) والنبيّ الذي يرى في منامه فهو كما رأى ، والمحدَّث الذي يسمع كلام الملائكة وينقر في اُذنه وينكت في قلبه((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن رجل ، عن محمّد بن مسلم قال : ذُكر المحدَّث عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال : انّه يسمع الصّوت ولا يرى الشخص .
فقلت له : جعلت فداك كيف يعلم أنّه كلام المَلَك ؟
قال : إنّه يعطى السّكينة والوقار حتّى يعلم أنّه كلام ملَك((2)) .
بصائر الدرجات : حدّثنا أبو طالب ، عن عثمان بن عيسى قال : كنت أنا وأبو بصير ومحمّد بن عمران مولى أبي جعفر بمنزله مكة قال : فقال محمّد بن عمران : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : نحن اثنا عشر محدَّثاً .
فقال له أبو بصير : والله لسمعتَ من أبي عبدالله ؟ قال : فحلّفه مرّة واثنتين انّه سمعتَ ؟
قال : فقال أبو بصير : كذا سمعت أبا جعفر يقول((3)) .
ص: 243
بصائر الدرجات : حدّثنا الحسن بن علي قال : حدّثني عبيس بن هشام قال : حدّثنا كرام بن عمرو الخثعمي ، عن عبدالله بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : انّا نقول : انّ علياً لينكت في قلبه أو يُنقر في صدره وأُذنه .
قال : انّ علياً كان مُحدَّثاً .
قال : فلمّا اكثرت عليه ، قال : إنّ علياً كان يوم بني قريظة وبني النُضير كان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يُحدّثانه((1)) .
بصائر الدرجات : حدّثنا محمّد بن الحسين ، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن ابن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّا نقول : انّ علياً (عليه السّلام) كان يُنكت في قلبه أو صدره أو في اذنه .
فقال : انّ علياً كان محدَّثاً .
قلت : فيكم مثله ؟
قال : إنّ علياً كان محدَّثاً . فلمّا ان كررت عليه قال : إنّ علياً كان يوم بني قريظة والنضير كان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره
ص: 244
يحدّثانه((1)) .
بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن العباس بن معروف والحسين بن سعيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان علي محدّثاً وكان سلمان محدَّثاً .
قال : قلت : فما آية المحدَّث ؟
قال : يأتيه ملك فينكت في قلبه كيت وكيت((2)) .
بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول : كان علي والله محدَّثاً .
قال : قلت له : اشرح لي ذلك أصلحك الله .قال : يبعث الله مَلَكاً ينقر في أُذنه كيت وكيت وكيت((3)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن
ص: 245
يحيى الخثعمي ، عن هشام ، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : سادة النبيّين والمرسلين خمسة وهم أولوا العزم من الرّسل وعليهم دارت الرّحى : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلى جميع الأنبياء)((1)) .
بصائر الدرجات : حدّثنا علي بن اسماعيل ، عن محمّد بن عمر وعن يونس بن يعقوب ، عن عبد الأعلى ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ما من نبيّ نُبئ ولا من رسول اُرسل إلاّ بولايتنا وبفضلنا عمّن سوانا((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ * ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (58 - 60) .
ص: 246
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل ، عن عيسى بن داود قال : حدّثنا الامام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا) الى قوله : (وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ) .
قال : نزلت في أمير المؤمنين (عليه السّلام) خاصّة((1)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل ، عن عيسى بن داود ، عن الامام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : سمعت أبي محمّد بن علي كثيراً ما يردّد هذه الآية (وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ) .
فقلت : يا أبت جعلت فداك أحسب هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين (عليه السّلام) خاصّة ؟
[قال : نعم]((2)) .
* * * * *
ص: 247
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الاَْرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الاَْرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (65) .
كمال الدين : حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) - عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديث ذكر فيه الائمة الاثني عشر (صلوات الله عليهم أجمعين) بأسمائهم وفي آخره قال - :من أطاعهم فقد أطاعني ، ومن عصاهم فقد عصاني ، ومن انكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني ، بهم يُمسِك الله (عزّوجلّ) السّماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه ، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها((1)) .
كمال الدين : حدّثنا محمّد بن أحمد الشيباني (رضي الله عنه) قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطّان قال : حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال : حدّثنا الفضل بن صقر العبدي قال : حدّثنا أبو معاوية ، عن
ص: 248
سليمان بن مهران الأعمش ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السّلام) قال : نحن أئمّة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ، وسادة المؤمنين ، وقادة الغرّ المحجّلين ، وموالي المؤمنين ، ونحن أمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء ، ونحن الّذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها وبنا يُنزِل الغيث وتُنشَر الرّحمة وتخرج بركات الأرض ... الى آخر الحديث((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي الاَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيم * وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالاَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَاب إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (67 - 70) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا
ص: 249
محمد بن همام ، عن محمد بن اسماعيل ، عن عيسى بن داود ، قال : حدّثنا الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : لمّا نزلت هذه الآية (لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَامَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ) جمعهم رسول الله ثمّ قال : يا معاشر المهاجرين والأنصار إنّ الله (تعالى) يقول : (لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ)والمنسك هو الامام لكلّ أمّة بعد نبيّها ، حتّى يدركه نبي ، ألا وإنّ لزوم الامام وطاعته هو الدين وهوالمنسك وهو علي بن أبي طالب امامكم بعدي ، فإنّي أدعوكم إلى هداه وانّه على هدىً مستقيم . فقام القوم يتعجبون من ذلك ويقولون : والله إذن لننازعن الأمر ، ولا نرضى طاعته أبداً ، وان كان رسول الله المفتون به . فأنزل الله (عزّوجلّ) : (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيم * وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالاَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَاب إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِير * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَات
ص: 250
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (71 و 72) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العبّاس (رحمه الله) : حدّثنا محمد بن همام ، عن محمد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود قال : حدّثنا الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَات تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا) الآية .قال : كان القوم إذا نزلت في أمير المؤمنين (عليه السّلام) آية في كتاب الله ، فيها فرض طاعته أو فضيلة فيه أو في أهله سَخِطوا ذلك وكرهوا حتى همّوا به وأرادوا به العظيم ، وأرادوا برسول الله إيضاً ليلة العقبة غيظاً وغضباً وحسداً حتّى نزلت هذه الآية((1)) .
أَقول : قوله (عليه السّلام) : « وأرادوا برسول الله ... » اشارة إلى ما فعله المنافقون ليلة العقبة من دحرجة الدباب كما روى علي بن ابراهيم
ص: 251
- أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا قال في مسجد الخيف في أمير المؤمنين (عليه السّلام) ما قال ونصبه يوم الغدير - قال أصحابه الذين ارتدّوا بعده : قد قال محمّد في مسجد الخيف ما قال ، وقال هاهنا ما قال ، وإن رجع إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له ، فاجتمعوا أربعة عشر نفراً وتآمروا على قتل رسول الله ، وقعدوا له في العقبة - وهي عقبة ارشى بين الجحفة والابواء - فقعدوا سبعة عن يمين العقبة ، وسبعة عن يسارها ، لينفروا ناقة رسول الله ، فلما جنَّ اللّيل تقدَّم رسول الله في تلك اللّيلة العسكر ، فأقبل ينعس على ناقته ، فلما دنى من العقبة ناداه جبرئيل يا محمّد إن فلاناً وفلاناً قد قعدوا لك ، فنظر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : من هذا خلفى ؟
فقال حذيفة اليماني : أنا يا رسول الله ، حذيفة بن اليمان .
قال : سمعت ما سمعت ؟
قال : بلى .
قال : فاكتم ، ثم دنى رسول الله منهم ، فناداهم بأسمائهم فلمّا سمعوا نداء رسول الله فرّوا ودخلوا في غمار الناس وقد كانوا عقلوا رواحلهم فتركوها ولحق الناس برسول الله وطلبوهم ، وانتهى رسول الله إلى رواحلهم فعرفهم ، فلمّا نزل قال : ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن مات محمّد أو قتل أن لا يردّوا هذا الامر في أهل بيته أبداً .
ص: 252
فجاؤا إلى رسول الله فحلفوا أنّهم لم يقولوا من ذلك شيئاً ، ولم يريدوه ، ولم يكتموا شيئاً من رسول الله ، فأنزل الله : (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ) أن لا يردّوا هذا الأمر في أهلبيت رسول الله (وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ) من قتل رسول الله (وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِير)((1)) و((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (73) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن بعض أصحابه ، عن العبّاس بن عامر ، عن أحمد بن رزق الغشاني ، عن عبد الرحمن بن الأَشل بيّاع
ص: 253
الانماط ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كانت قريش تُلطّخ الأصنام التي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر ، وكان يغوث قبال الباب ، وكان يعوق عن يمين الكعبة ، وكان نسر عن يسارها وكانوا إذا دخلوا خرّوا سجّداً ليغوث ، ولا ينحنون ثمّ يستديرون بحيالهم إلى يعوق ثمّ يستديرون بحيالهم إلى نسر ، ثمّ يلبّون فيقولون : « لبّيك اللهم لبّيك ، لبّيك لا شريك لك إلاّ شريك هو لك تملكه وما مَلَك » قال : فبعث الله ذباباً أخضر ، له أربعة أجنحة ، فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئاً إلاّ أكله ، وأنزل الله (تعالى) : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)((1)) .
تفسير فرات الكوفي : قال : حدّثني علي بن محمد معنعناً ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) .
قال : علي بن أبي طالب (عليه السّلام) (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ
ص: 254
اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً)((1)) .
أقول : قال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (أي ضُرب هذا المثل لأمير المؤمنين (عليه السّلام) ومَن غصب حقّه ، فإنّ من أقرّ بإمامته وتبعه فقد دعا الله بالجهة التي أمره بها ، ومَن أنكر إمامته وتبع غيره فقد أعرض عن عونه تعالى وفضله ، واتّكل على دعوة الذين لن يخلقوا ذباباً ، فهم لا يقدرون على نصره وانقاذه من عذاب الله) .
* * * * *
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (77 - 78) .
التهذيب : محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ، عن
ص: 255
الحسين ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته عن الرّكوع والسجود هل نزل في القرآن؟
فقال : نعم قول الله (عزّوجلّ) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) .
فقلت : كيف حدّ الرّكوع والسجود ؟فقال : امّا ما يجزيك من الرّكوع فثلاث تسبيحات تقول : سبحان الله سبحان الله ثلاثاً ومن كان يقوى على أن يطوّل الرّكوع والسجود فليطوّل ما استطاع يكون ذلك في تسبيح الله وتحميده وتمجيده والدُّعاء والتضرع ، فإنّ أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد ، فأمّا الامام فإنّه إذا قام بالنّاس فلا ينبغي أن يطوّل بهم فانّ في الناس الضعيف ومن له الحاجة ، فإنّ رسول الله كان إذا صلّى بالناس خف بهم((1)) .
الاستبصار : روى محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسن ، عن الحسين مثله إلى قوله : سبحان الله سبحان الله سبحان الله ثلاثاً((2)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم
ص: 256
ابن بريد قال : حدّثنا أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث طويل - قال : وفرض على الوجه السّجود له بالليل والنّهار في مواقيت الصَّلاة ، فقال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين .
وقال في موضع آخر : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً)((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمّد القاساني جميعاً ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص ابن غياث ، عن أبي عبدالله(عليه السّلام) قال : سمعته يقول : جُعل الخير كلّه في بيت ، وجُعِل مفتاحه الزُّهد في الدُّنيا ... الى آخر الحديث((2)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا
ص: 257
محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود قال : حدّثنا الامام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) - الى آخرها - امركم بالرّكوع والسّجود وعبادة الله وقد افترضها عليكم ، وأمّا فعل الخير فهو طاعة الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد رسول الله (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ) يا شيعة آل محمد (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)قال : من ضيق (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ) يا آل محمّد يا من قد استودعكم المسلمين وافترض طاعتكم عليهم (وَتَكُونُواْ)انتم (شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) بما قطعوا من رحمكم وضيّعوا من حقّكم ومزّقوا من كتاب الله وعدلوا حكم غيركم بكم ، فالزموا الأرض وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله يا آل محمّد وأهل بيته (هُوَ مَوْلاَكُمْ)أنتم وشيعتكم (فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)((1)) .
قرب الاسناد : هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد قال : حدّثني
ص: 258
جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : ممّا أعطى الله أمّتي وفضّلهم به على سائر الأمم ، أعطاهم ثلاث خصال لم يعطها إلاّ نبي :وذلك انّ الله (تبارك وتعالى) كان إذا بعث نبياً قال له : اجتهد في دينك ولا حرج عليك ، وإنّ الله (تبارك وتعالى) اعطى ذلك اُمّتي حيث يقول : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) يقول : من ضيق .
وكان إذا بعث نبياً قال له : إذا أحزنك أمر تكرهه فادعني استجب لك ، وان الله أعطى اُمّتي ذلك حيث يقول : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)((1)) .
وكان إذا بعث نبيّاً جعله شهيداً على قومه ، وإنّ الله (تبارك وتعالى) جعل اُمّتي شهداء على الخلق ، حيث يقول : (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ)((2)) .
الخصال : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمّد الإصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن فضيل بن عياض ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الجهاد
ص: 259
أسنّة هو أم فريضة ؟
فقال : الجهاد على أربعة أوجه : فجهادان فرض ، وجهاد سنّة لا يقام إلاّ مع فرض ، وجهاد سنّة .
فأمّا أحد الفرضين فمجاهدة الرّجل نفسه عن معاصي الله (عزّوجلّ) ، وهو من أعظم الجهاد ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض .
وأمّا الجهاد الذي هو سنّة لا يقام إلاّ مع فرض : فإنّ مجاهدة العدو فرض على جميع الأمّة ولو تركوا الجهاد لأتاهم العذاب ، وهذا هو من عذاب الأمة وهو سنّة على الإمام أن يأتي العدو مع الاُمّة فيجاهدهم .
وأمّا الجهاد الذي هو سنّة فكلّ سنّة أقامها الرّجل وجاهد في إقامتها وبلوغها وإحيائها فالعمل والسعي فيها من أفضل الأعمال لأنّه أحيى سنّة .قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : « من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينتقص من اُجورهم شيء »((1)) .
الإستبصار : أخبرني أبو الحسين بن أبي جيّد القمي ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد والحسين بن
ص: 260
الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن الجُنُب يجعل الركوة أو التور((1)) فيدخل اصبعه فيه ؟
قال : ان كانت يده قذرة فاهرقه ، وإن كان لم يصبها قذر فليغتسل منه ، هذا ممّا قال الله تعالى : (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)((2)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن مسكان قال : حدّثني محمّد بن الميسّر قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الرّجل الجُنُب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان ؟
قال : يضع يده ويتوضّأ ثم يغتسل ، هذا ممّا قال الله (عزّوجلّ) : (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)((3)) .
الاستبصار : الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسين
ص: 261
ابن عثمان ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّا نسافر فربّما بلينا بالغدير من المطر يكون إلى جانب القرية فتكون فيه العذرة ويبول فيه الصبيّ وتبول فيه الدابّة وتروث ؟
فقال : ان عرض في قلبك منه شيء فافعل هكذا ، يعني افرج الماء بيدك ثمّ توضأ فإن الدين ليس بمضيّق فإنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج)((1)) .
الكافي : عدّة من اصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن عليّ بن الحسن بن رباط ، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء ؟
قال : يُعرف هذا وأشباهه من كتاب الله [قال الله] (عزّوجلّ) : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) امسح عليه((2)) .
التهذيب - الاستبصار : أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب مثله((3)) .
ص: 262
الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن عليّ الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد العجلي - في حديث - قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : قول الله (عزّوجلّ) : (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) .قال : إيّانا عنى خاصّة (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ) في الكتب التي مضت (وَفِي هَذَا) القرآن (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ)فرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الشهيد علينا بما بلّغنا عن الله (عزّوجلّ) ، ونحن الشُّهداء على الناس فمن صدّق صدّقناه يوم القيامة ومن كذّب كذّبناه يوم القيامة((1)) .
ص: 263
ثواب الأعمال : حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدّثني محمّد بن يحيى قال : حدّثني محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسان ، عن اسماعيل بن مهران قال : حدّثني الحسن ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قرأ سورة المؤمنون ختم الله له بالسعادة ، ]و[ إذا كان يدمن قراءتها في كلّ جمعة كان منزله في الفردوس الأعلى مع النبيّين والمرسلين((1)) .
مجمع البيان : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من قرأ ... وذكر مثله((2)) .
تفسير البرهان : من كتاب (خواصّ القرآن) قال الصادق (عليه
ص: 264
السّلام) : من كتبها ليلاً في خرقة بيضاء ، وعلّقها على من يشرب النبيذ لم يشربه أبداً ، ويبغض الشّراب بإذن الله((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىوَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لاَِمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (1 - 11) .
أمالي الطوسي : حدّثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي (رضي الله عنه) قال : أخبرنا ابو الحسن محمّد بن احمد بن الحسن بن شاذان قال : حدّثني أحمد بن محمّد بن أيّوب قال : حدّثنا عمر بن ا لحسن القاضي قال : حدّثنا عبدالله بن محمّد قال : حدّثني
ص: 265
أبو حبيبة قال : حدّثني سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عائشة .
قال محمّد بن أحمد بن شاذان : وحدّثني سهل بن أحمد قال : حدّثنا أحمد بن عمر الربيعي قال : حدّثنا زكريا بن يحيى قال : حدّثنا أبو داود قال : حدّثنا شعبة عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن العباس بن عبد المطلّب .
قال ابن شاذان : وحدّثني ابراهيم بن علي باسناده عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : كان العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم الى فريق عبد العزّى بأزاء بيت الله الحرام ، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أُمّ امير المؤمنين وكانت حاملة بأمير المؤمنين لتسعة أشهر ، وكان يوم التمام قال : فوقفت بأزاء البيت الحرام ، وقد أخذَها الطلق ، فرمت بطرفها نحو السّماء وقالت : أي ربّ إنّي مؤمنة بك ، وبما جاء به من عندك الرَّسول ، وبكلّ نبيّ من أنبيائك ، وبكلّ كتاب أنزلته ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي ابراهيم الخليل ، وإنّه بنى بيتَك العتيق ، فأسألك بحقّ هذا البيت ومن بناه ، وبهذا المولود الذي في أحشائي ، الذي يُكلّمني ويُؤنسني بحديثه ، وأنا موقنة أنّه احدى آياتك ودلائلك لما يسّرت عليّ ولادتي .
قال العباس بن عبد المطلب ويزيد بن قعنب : لمّا تكلّمت فاطمة
ص: 266
بنت أسد ودعتْ بهذا الدُّعاء ، رأينا البيت قد انفتح من ظهره ، ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا ، ثمّ عادت الفتحة والتزَقت بإذن الله تعالى ، فرمنا أن نفتح الباب ليصل اليها بعض نسائنا ، فلم ينفَتح الباب فعلمنا أنّ ذلك أمر من أمر الله تعالى ، وبقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام ، قال : وأهل مكّة يتحدّثون بذلك في أفواه السكك ، وتتحدّث المخدّرات في خدورهن .
قال : فلمّا كان بعد ثلاثة أيّام انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه ، فخرجت فاطمة وعلي على يديها ، ثمّ قالت : معاشر الناس انّ الله (عزّوجلّ) اختارني من خلقه ، وفضّلني على المختارات ممّن مضى قبلي ، وقد اختار الله آسية بنت مزاحم فإنّها عبدت الله سرّاً في موضع لا يحبّ أن يُعبد الله فيه الاّ اضطراراً ، ومريم بنت عمران حيث اختارها الله ويسّر عليها ولادة عيسى ، فهزّت الجذع اليابس من النخلة في فلاة من الأرض حتى تساقط عليها رطباً جنياً ، وإنّ الله تعالى اختارني وفضّلني عليهما((1)) ، وعلى كلّ من مضى قبلي من نساء العالمين لأَنّي
ص: 267
وَلدت في بيته العتيق ، وبقيتُ فيه ثلاثة أيّام ، آكل من ثمار الجنّة وأوراقها ، فلمّا أردت أن أخرج وولدي على يدي هتف بي هاتف وقال : يا فاطمة سمّيه علياً ، فأنا العليُّ الأعلى ، وإنّي خلقتُه من قدرتي وعِزّ جلالي وقسط عدلي ، واشتققتُ اسمه من اسمي ، وأدّبته بأدبي وفوضت إليه أمري ووقفته على غامض علمي ، ووُلد في بيتي وهو أوّل من يؤذّن فوق بيتي ويكسر الاصنام ويرميها على وجهها ، ويعظّمني ويمجّدني ويهلّلني ، وهو الامام بعد حبيبي ونبيِّي ، وخيرتي من خلقي محمّد رسولي ووصيّه ، فطوبى لمن أحبّه ونصَره ، والويل لمن عصاه وخذله وجحد حقّه .قال : فلمّا رآه أبو طالب سرّه وقال علي : السلام عليك يا أبة ، ورحمة الله وبركاته .
قال : ثمّ دخل رسول الله فلمّا دخل اهتزَّ له أمير المؤمنين وضحك في وجهه وقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته .
قال : ثمّ تنحنح بإذن الله تعالى وقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ) الى آخر الآيات .
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : قد أفلحوا بك ، وقرأ تمام الآيات إلى قوله : (أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ
ص: 268
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) فقال رسول الله : أنت والله أميرُهم ، تميرهم من علومك فيمتارون((1)) ، وأنت والله دليلهم ، وبك يهتدون .
ثمّ قال رسول الله لفاطمة : اذهبي إلى عمّه حمزة فبشريه به .
فقالت : فإذا خرجت أنا فمن يرويه ؟
قال : أنا أرويه .
فقالت فاطمة : أنت ترويه ؟
قال : نعم فوضع رسول الله لسانه في فيه فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً . قال : فسمّي ذلك اليوم يوم التروية ، فلمّا أن رجعت فاطمة بنت أسد رأت نوراً قد ارتفع من علي إلى عنان السماء ، قال : ثمّ شدّته وقمّطته بقماط فبتر القماط ، قال : فأخذتْ فاطمة قماطاً جيّداً فشدّته به فبتَر القماط ثمّ جعلته قماطين فبترهما فجعلته ثلاثة ، فبترها فجعلته أربعة أقمطة من رقّ((2)) مصر لصلابته ، فبترها فجعلته خمسة أقمطة ديباج لصلابته ، فبترها كلّها ، فجعَلته ستة من ديباج وواحداً من الادم فتمطّى فيها ، فقطعها كلّها بإذن الله . ثمّ قال بعد ذلك : يا أُمَّه لا تشدّي يدي ، فإنّي أحتاج إلى أن اُبصبص((3)) لربّي باصبعي .
ص: 269
قال : فقال أبو طالب عند ذلك : انه سيكون له شأن ونبأ .
قال : فلما كان من غد دخل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على فاطمة ، فلمّا بصر علي برسول الله سلّم عليه وضحك في وجهه ، وأشار اليه أن خُذني اليك واسقني ممّا سقيتني بالأمس .
قال : فأخذه رسول الله ، فقالت فاطمة : عرَفه وربّ الكعبة .
قال : فلكلام فاطمة ، سُمّي ذلك اليوم يوم عرفة - يعني أنّ أمير المؤمنين عرف رسول الله - فلمّا كان اليوم الثالث ، وكان العاشر من ذي الحجّة ، أذّن أبو طالب في الناس أذاناً جامعاً ، وقال : هلموا إلى وَليمة ابني علي .
قال : ونَحَر ثلاثمائة من الإبل ، وألف رأس من البقر والغنم ، واتَّخذ وليمة عظيمة ، وقال : (معاشر الناس ، ألا من أراد من طعام عليّ ولدي ، فهلمّوا وطوفوا بالبيت سبعاً وادخلوا وسلّموا على ولدي علي فإنّ الله شرّفه) ، ولفعل أبي طالب شُرّف يوم النحر((1)) .
أَقول : لقد ذكر جملة من المؤرّخين أن ولادة الامام أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) في الكعبة كانت في اليوم الثالث عشر من شهر رجب المرجَّب ، وهو المشهور بين الشيعة قديماً وحديثاً ، وتقام الاحتفالات البهيجة بهذه المناسبة السعيدة في هذا اليوم وعلى نطاق واسع في
ص: 270
مختلف البلاد التي يسكنها الشيعة .
وقال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : ويمكن حمله على النسيء الذي كانت قريش ابتدعوه في الجاهليّة بأن يكون ولادته (عليه السّلام) في رجب أو شعبان وهم أوقعوا الحجّ في تلك السنة في احدهما ، والله يعلم((1)) .
مناقب آل أبي طالب : في رواية الحسن بن محبوب ، عن الصادق (عليه السّلام) والحديث مختصر : انّه انفتح البيت من ظهره ودخلت فاطمة فيه ثمّ عادت الفتحةوالتصقت وبقيت فيه ثلاثة أيام ، فأكلت من ثمار الجنّة فلمّا خرجت قال علي (عليه السّلام) : السلام عليك يا أبة ورحمة الله وبركاته ، ثمّ تنحنح وقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) الآيات .
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : قد أفلحوا بك ، أنت والله أميرهم ، تميرهم من علمك فيمتارون وأنت والله دليلهم وبك والله يهتدون ، ووضع رسول الله لسانه في فيه فانفجرت اثنتا عشر عيناً ، قال : فسمّى ذلك اليوم يوم التروية ، فلما كان من غده وبصر علي برسول الله سلّم عليه وضحك في وجهه وجعل يشير اليه فأخذه رسول الله فقالت فاطمة : عرفه ، فسمّى ذلك اليوم عرفة ، فلمّا كان اليوم الثالث وكان يوم
ص: 271
العاشر من ذي الحجّة أذّن أبو طالب في الناس أذاناً جامعاً وقال : هلمّوا إلى وليمة ابني علي ونحر ثلاثمائة من الإبل ، وألف رأس من البقر والغنم واتّخذوا وليمة وقال : هلمّوا وطوفوا بالبيت سبعاً وادخلوا وسلّموا على عليّ ولَدي ، ففعل الناس من ذلك وجرت به السُّنة ، ووضعته أُمَّه بين يدي النبي ففتح فاه بلسانه وحنكه وأذّن في أُذنه اليمنى وأقام في اُذنه اليُسرى ، فعرف الشهادتين وولد على الفطرة((1)) .
تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : لمّا خلق الله الجنة ، قال لها : تكلّمي .
فقالت : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)((2)) .
مختصر بصائر الدرجات : أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد الجوهري ، عن سلمة بن حنان ،
ص: 272
عن أبي الصباح الكناني قال :كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال : يا أبا الصباح (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) قالها ثلاثاً ، وقلتها ثلاثاً ، فقال : إنّ المُسلّمين هم المنتجبون((1)) يوم القيامة ، هم اصحاب النجايب((2)) .
بصائر الدرجات : حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن سلمة بن حنان ، عن أبي الصباح الكناني قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال : يا أبا الصباح (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : قد أفلح المسَلِّمون ، قالها ثلاثاً وقلتها ثلاثاً ، ثم قال : ان المُسلّمين هم المنتجبون يوم القيامة هم أصحاب الحديث((3)) .
مختصر بصائر الدرجات : حدثني أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد وغيره عمّن حدّثه ، عن الحسين بن أحمد المنقري ، عن يونس ابن ظبيان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان يقول لي كثيراً : يا يونس ، سلّم تسلم .
فقلت له : تفسير هذه الآية : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) .
ص: 273
قال : تفسيرها قد أفلح المسلِّمون انّ المُسلّمين هم النّجباء يوم القيامة((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا كنت دخلت في صلاتك فعليك بالتخشّع والاقبال على صلاتك فإنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ)((2)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العبّاس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عيسى بن داود ، عن الامام موسى بن جعفر ]عن أبيه[ (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ) الى قوله : (الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .
ص: 274
قال : نزلت في رسول الله ، وفي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم أجمعين)((1)) .
مجمع البيان : روي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) هو أن يتقوّل((2)) الرّجل عليك بالباطل أو يأتيك بما ليس فيك فتعرض عنه لله((3)) .
تفسير القمي : (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) قال الصادق (عليه السّلام) : من منع قيراطاً من الزكاة فليس هو بمؤمن ولا مسلم ولا كرامة له((4)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن اسماعيل بن مرّار ، عن
ص: 275
يونس ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من منعقيراطاً من الزكاة ، فليس بمؤمن ولا مسلم ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ)((1)) .
وفي رواية اخرى : ولا تُقبل له صلاة((2)) .
من لا يحضره الفقيه : في رواية أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من منع قيراطاً ... وذكر مثله((3)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن العباس بن موسى ، عن اسحاق ، عن أبي سارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عنها - يعني المتعة - ؟
فقال لي : حلال ، فلا تتزوّج الاّ عفيفة ، إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) فلا تضَع فَرْجَك حيث لا تأمن على درهمك((4)) .
ص: 276
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما خلق الله خلقاً الاّ جعل له في الجنّة منزلاً وفي النار منزلاً ، فإذا دخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار نادى مناد : يا أهل الجنّة اشرفوا فيُشرفون على أهل النار ، وترفع لهم منازلهم فيها ، ثمّ يقال لهم : هذه منازلكم التي لو عصيتم الله لدخلتموها يعني النّار .
قال : فلو أنّ أحداً مات فرحاً ، لمات أهل الجنّة في ذلك اليوم فرحاً ، لما صُرف عنهم من العذاب .ثمّ ينادي مناد : يا أهل النار ارفعوا رؤوسكم ، فيرفعون رؤوسهم فينظرون ]إلى[ منازلهم في الجنّة ، وما فيها من النّعيم ، فيقال لهم : هذه منازلكم التي لو أطعتم ربّكم لدخلتموها .
قال : فلو أنّ أحداً مات حزناً ، لمات أهل النار حزناً ، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء ، ويورث هؤلاء منازل هؤلاء ، وذلك قول الله : (أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)((1)) .
عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) : حدّثنا محمّد بن عمر الحافظ
ص: 277
قال : حدّثنا الحسن بن عبدالله التميمي قال : حدّثني أبي قال : حدّثني سيدي علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر ابن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن علي (عليهم السّلام) قال في قوله تعالى : (أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) : فيَّ نزلت((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الاِنسَانَ مِن سُلاَلَة مِّن طِين * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَار مَّكِين * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (12 - 14) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن بن شمّون ، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال : جعل دية الجنين مائة دينار ، وجعل منيّ الرجل إلى أن يكون جنيناً خمسة
ص: 278
أجزاء ، فإذا كان جنيناً قبل أن تلجه الرُّوح مائة دينار ، وذلك انّالله (عزّوجلّ) خلق الانسان من سلالة وهي النطفة فهذا جزء ، ثمّ علقة فهو جزءان ، ثمّ مضغة فهو ثلاثة أجزاء ، ثمّ عظماً فهو أربعة أجزاء ، ثمّ يُكسى لحماً فحينئذ تمّ جنيناً ، فكملت له خمسة أجزاء مائة دينار .
والمائة دينار خمسة أجزاء ، فجعل للنطفة خمس المائة عشرين((1))ديناراً ، وللعلقة خمسي المائة أربعين ديناراً ، وللمُضغة ثلاثة أخماس المائة ستين ديناراً ، وللعَظْم أربعة أخماس المائة ثمانين ديناراً ، فإذا كسي اللّحم كانت له مائة دينار كاملة ، فإذا نشأ فيه خلق آخر وهو الرّوح فهو حينئذ نفس فيه الف دينار دية كاملة إن كان ذكراً وإن كان اُنثى خمسمائة دينار .
وان قُتلت امرأة وهي حُبلى فتمّ فلم يسقط ولدها ولم يعلم أذكر هو أم اُنثى ، ولم يعلم أبعدها مات أو قبلها فديته نصفان ، نصف دِية الذكر ونصف دية الاُنثى ، ودية المرأة كاملة بعد ذلك ، وذلك ستة أجزاء من الجنين ، وأفتى (عليه السّلام) في منيّ الرّجل يفرغ((2)) من عرسه فيعزل عنها الماء ولم يرد ذلك نصف خمس المائة عشرة دنانير ، وإذا أفرغ فيها عشرين ديناراً ، وقضى في ديّة جراح الجنين من حساب المائة على ما
ص: 279
يكون من جراح الذكر والاُنثى الرّجل والمرأة كاملة وجعل له في قصاص جراحته ومعقلته على قدر ديّته وهي مائة دينار((1)) .
تفسير القمي : حدثني أبي ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت : فان خرج في النطفة قطرة دم ؟
قال : في القَطرة عُشر النطفة ففيها اثنان وعشرون ديناراً .
قلت : قطرتان ؟
قال : أربعة وعشرون ديناراً .قلت : فثلاث ؟
قال : ستة وعشرون ديناراً .
قلت : فأربع ؟
قال : ثمانية وعشرون ديناراً .
قلت : فخمس ؟
قال : ثلاثون ديناراً ومازاد على النّصف فعلى هذا الحساب ، حتى تصير علقة فيكون فيها أربعون ديناراً .
قلت : فان خرجت النطفة متخضخضة بالدم((2)) ؟
ص: 280
قال : قد علقت ان كان دماً صافياً أربعون ديناراً ، وإن كان دماً اسود فذلك من الجوف فلا شيء عليه الاّ التعزير ، لأَنَّه ما كان من دم صاف فذلك الولد ، وما كان من دم أسود فهو من الجوف .
قال : فقال أبو شبل : فإنّ العلقة إذا صارت فيها شبيه العروق واللحم ؟
قال : اثنان وأربعون ديناراً العُشر .
قال : قلت : فإن عشر الأربعين أربعة ؟
قال : لا ، إنّما عشر المضغة إنّما ذهب عشرها فكلّما ازدادت زِيدَ حتى تبلغ الستين .
قلت : فإن رأت في المضغة مثل عقدة عظم يابس ؟
قال : إنّ ذلك عظم ، أوّل ما يبتدىء ففيه أربعة دنانير فإن زاد فزاد أربعة دنانير ، حتى تبلغ مائة .
قلت : فإن كسي العظم لحماً ؟
قال : كذلك إلى مائة .
قلت : فإن ركزها فسقط الصبي لا يدري أحياً كان أو ميتاً ؟
قال : هيهات - يا أبا شبل - إذا بلغ أربعة أشهر فقد صارت فيه الحياة ، وقد استوجب الديّة((1)) .
ص: 281
علل الشرايع : أبي (رحمه الله) قال : حدّثني محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سهام المواريث من ستّة أسهم لا تزيد عليها .
فقيل له : يابن رسول الله ولِمَ صارت ستّة أسهم ؟
قال : لأنّ الإنسان خلق من ستة أشياء وهو قول الله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ مِن سُلاَلَة مِّن طِين * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَار مَّكِين * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً)((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَر فَأَسْكَنَّاهُ فِي الاَْرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَاب بِهِ لَقَادِرُونَ) (18) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن العباس بن
ص: 282
معروف ، عن النوفلي ، عن اليعقوبي ، عن عيسى بن عبدالله ، عن سليمان ابن جعفر قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَر فَأَسْكَنَّاهُ فِي الاَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَاب بِهِ لَقَادِرُونَ) .
فقال : يعني ماء العقيق((1)) .أَقول : لعلّ ماء العقيق من مصاديق هذه الآية فقد أنزل الله (عزّوجلّ) الماء وأسكنه وادي العقيق وهو ميقات أهل العراق في طريق الحج ففيه يُحرِمون وبذلك الماء الموجود في آباره وغدرانه كانوا يغتسلون للإحرام .
وهناك إحتمال آخر وهو انّ ماء السماء ينزل في بعض الأَراضي ويختلط ببعض المواد الموجودة فيها فيتكوَّن العقيق . والله العالم .
* * * * *
قوله تعالى : (وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ) (29) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن
ص: 283
اسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : هل للشكر حدّ إذا فعله العبد كان شاكراً ؟
قال : نعم .
قلت : ما هو ؟
قال : يحمد الله على كلّ نعمة عليه في أهل ومال وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حقّ أدّاه ومنه قوله تعالى : (رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ)((1)) .
الخصال : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثني محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ، ومحمّد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : حدّثني أبي ،عن جدّي ، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) علّم أصحابه في مجلس واحد أربع مأة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه .
قال (عليه السّلام) : ... وإذا نزلتم منزلاً فقولوا : « اللهمّ أنزلنا مُنزَلاً
ص: 284
مباركاً وأنتَ خيرُ المُنزلينَ » ... الى آخر الحديث((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَاتِ قَرَار وَمَعِين) (50) .
كمال الدين : حدّثنا علي بن أحمد بن موسى - رحمه الله - قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن يحيى ابن أبي القاسم ، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) يعني حُجةً((2)) .
التهذيب : أبو القاسم جعفر بن محمّد ، عن علي بن الحسين بن موسى ،
ص: 285
عن علي بن الحكم ، عن سليمان بن نهيك ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَاتِ قَرَار وَمَعِين) .
قال : الرَّبوة : نجف الكوفة ، والمعين : الفرات((1)) .كامل الزيارات : حدّثني علي بن الحسين بن موسى ، عن علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن الحكم ، عن سليمان بن نهيك مثله((2)) .
مجمع البيان : عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) الربّوة : هي حيرة الكوفة وسوادها ، والقرار : مسجد الكوفة ، والمعين : الفرات((3)) .
* * * * *
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (51) .
أمالي الطوسي : حدّثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي ابن الحسن الطوسي (رضي الله عنه) قال : أخبرنا أحمد بن عبدون ، عن ابن الزبير ، عن عليّ بن الحسن بن فضّال ، عن العباس ، عن علي بن
ص: 286
معمّر الخزّاز ، عن رجل من جُعفَى قال : كنّا عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فقال رجل : اللهم إنّي أسألك رزقاً طيباً .
قال : فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : هيهات هيهات هذا قوت الأنبياء ، ولكن سل ربّك رزقاً لا يُعذّبك عليه يوم القيامة هيهات إنّ الله يقول : (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً)((1)) .
تفسير فرات الكوفي : قال : حدّثني جعفر بن محمّد بن سعيد معنعناً ، عن أبي مريم قال : سمعت أبان بن تغلب قال : سألت جعفر بن محمّد (عليه السّلام) عن قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ) ؟
قال : الرزق الحلال((2)) .
إختيار معرفة الرجال : محمّد بن مسعود قال : حدّثني الحسين بن اشكيب قال : حدّثني محمّد بن اورمة ، عن محمّد بن خالد البرقي ، عن أبي طالب القمي ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّ قوماً يزعمون أنّكم آلهة ، يتلون علينا بذلك قرآناً : (يَا
ص: 287
أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) .
قال : يا سدير ، سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء برآء ، برأ الله منهم ورسوله ، ما هؤلاء على ديني ودين آبائي ، والله لا يجمعني وإيّاهم يوم القيامة إلاّ وهو عليهم ساخط .
قال : قلت : فما أنتم جعلت فداك ؟
قال : خزّان علم الله وتراجمة وحي الله ونحن قوم معصومون ، أمر الله بطاعتنا ونهى عن معصيتنا ، نحن الحجّة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض .
قال الحسين بن اشكيب : وسمعت من أبي طالب عن سدير ان شاء الله((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّال وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ) (55 و56) .
مجمع البيان : روى السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن
ص: 288
أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إنّ الله تعالى يقول : يحزن عبدي المؤمن إذا اقترت عليه شيئاً من الدّنيا وذلك أقرب له منّي ، ويفرح إذابسطت له الدنيا وذلك أبعد له منّي ثمّ تلا هذه الآية إلى قوله : (بَل لاَّ يَشْعُرُونَ) ثمّ قال : إنّ ذلك فتنة لهم((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) (57 - 61) .
تأويل الآيات الظاهرة : محمّد بن العباس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل ، عن عيسى بن داود قال : حدّثنا الامام موسى بن جعفر [عن أبيه] (عليهما السّلام) قال : نزلت في
أمير المؤمنين ووُلده (عليهم السّلام) (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ
ص: 289
يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ] وعلي ابن محمّد ، عن القاسم بن محمّد [ عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال : إن قدرتم أن لا تُعرَفوا فافعلوا وما عليك إن لم يثنالنّاس عليك ؟! وما عليك أن تكون مذموماً عند الناس إذا كنت محموداً عند الله (تبارك وتعالى) ؟! .
إنّ أمير المؤمنين كان يقول : لا خير في الدنيا إلاّ لأحد رجلين : رجل يزداد فيها كلّ يوم إحساناً ، ورجل يتدارك منيّته بالتوبة ، وأنّى له بالتوبة ؟ فوالله أن لو سجد حتّى ينقطع عنقه ، ما قبل الله (عزّوجلّ) منه عملاً إلاّ بولايتنا أهل البيت ، أَلا ومَن عَرف حَقّنا أو رجا الثواب بنا ، ورَضي بقُوته نصف مُدٍّ كلّ يوم ، وما يستر به عورته وما أكَنَّ به رأسه وهم مع ذلك والله خائفون وجلون ، ودّوا أنّه حظّهم من الدنيا ، وكذلك وصفَهم الله (عزّوجلّ) حيث يقول : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ
ص: 290
وَجِلَةٌ) ما الذي أتوا به ؟ أتوا والله بالطاعة مع المحبّة والولاية وهم في ذلك خائفون أن لا يقبل منهم وليس والله خوفهم خوف شكّ في ما هم فيه من اصابة الدين ، ولكنّهم خافوا أن يكونوا مقصّرين في محبّتنا وطاعتنا .
ثمّ قال : إن قدرتَ أن لا تخرج من بيتك فافعل فإنّ عليك في خروجك أن لا تغتاب ، ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع ولا تداهن .
ثمّ قال : نعم صومعة المسلم بيته ، يكفّ فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه ، انّ من عرف نعمة الله بقلبه استوجب المزيد من الله (عزّوجلّ) قبل أن يُظهر شكرها على لسانه ، ومن ذهب يرى انّ له على الآخر فضلاً فهو من المستكبرين .
فقلت له : إنّما يرى انّ له عليه فضلاً بالعافية إذا رآه مرتكباً للمعاصي ؟
فقال : هيهات هيهات فلعلّه أن يكون قد غُفر له ما أتى وأنت موقوف محاسب ، أما تلوت قصّة سحرة موسى ؟
ثمّ قال : كم من مغرور بما قد أنعم الله عليه ، وكم من مستدرج بستر الله عليه ، وكم من مفتون بثناء الناس عليه .
ثمّ قال : إنّي لأرجو النجاة لمن عرف حقّنا من هذه الأمّة إلاّ لأحد
ص: 291
ثلاثة : صاحب سلطان جائر ، وصاحب هوى ، والفاسق المعلِن .ثمّ تلا (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ)((1)) ثمّ قال : يا حَفص الحبُّ أفضَل من الخوف ، ثمّ قال : والله ما أحبّ الله من أحبّ الدنيا ووَالى غيرنا ، ومن عرف حقّنا وأحبّنا فقد أحبّ الله (تبارك وتعالى) ، فبكى رجل فقال : أتبكي ؟ لو أنّ أهل السماوات والأرض كلّهم اجتمعوا يتضرّعون الى الله (عزّوجلّ) أن يُنجّيك من النار ويُدخِلَك الجنّة لم يُشفَّعوا فيك ] ثمّ كان لك قلب حي لكنت أخوف الناس لله (عزّوجلّ) في تلك الحال [ ثمّ قال له : يا حفص كن ذَنَباً ولا تكن رأساً ، يا حفص قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من خاف الله كَلَّ لسانه((2)) .
ثمّ قال : بينا موسى بن عمران يعِظ أصحابه ، إذ قام رجل فشقّ قميصه ، فأوحى الله (عزّوجلّ) إليه : يا موسى قل له : لا تشق قميصك ، ولكن اشرح لي عن قلبك((3)) .
ص: 292
ثم قال : مرّ موسى بن عمران برجل من أصحابه وهو ساجد ، فانصرف من حاجته وهو ساجد على حاله ، فقال له موسى : لو كانت حاجتك بيدي لقضَيتها لك ، فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبلته حتّى يتحوّل عمّا أَكره إلى ما أُحبّ((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمّد القاساني جميعاً ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان المنقري ، عن حفص بن غياث قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إن قدرت أن لا تُعرف فافعل ، وما عليك الاّ يثني عليك الناس ، وما عليك أن تكون مذموماً عند الناس إذا كنت محموداً عند الله .ثمّ قال : قال أبي علي بن أبي طالب : لا خير في العيش الاّ لرجلين : رجل يزداد كلّ يوم خيراً ورجل يتدارك منيّته بالتوبة وأنّى له بالتوبة والله لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبل الله (تبارك وتعالى) منه الاّ بولايتنا أهل البيت ، ألا ومن عرف حقّنا ورجا الثواب فينا ورضي بقوته نصف مدّ في كلّ يوم وما ستر عورته وما أكنّ رأسه وهم والله في ذلك خائفون وجلون ودّوا أنّه حظّهم من الدنيا وكذلك وصفهم الله (عزّوجلّ) فقال : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)ثمّ قال : ما الذي آتوا ؟ آتوا والله مع الطاعة المحبّة والولاية وهم في ذلك خائفون ليس
ص: 293
خوفهم خوف شك ولكنّهم خافوا أن يكونوا مقصّرين في محبّتنا وطاعتنا((1)) .
الكافي : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد ، عن وهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) ؟
قال : هي شفاعتهم((2)) ورجاؤهم يخافون أن تُردَّ عليهم أعمالُهم إن لم يُطيعوا الله (عزّوجلّ) ، ويرجون أَن يُقبَل منهم((3)) .
أمالي المفيد : حدّثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي (رحمه الله) قال : حدّثني أحمد بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن الحسن بن الوليد القمي ، عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن القاسم بن محمّد ، عن علي قال : سألت أبا عبدالله جعفر بن محمّد (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) ؟
ص: 294
قال : من شفقتهم ورَجائهم ، يخافون أن تُردّ إليهم أعمالهم إذا لم يطيعوا وهم يرجون أن يتقبَّل منهم((1)) .
كتاب الزهد : القاسم ، عن علي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) ؟ قال : من شفقتهم .... وذكر نحوه((2)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن حديد ، عن منصور بن يونس ، عن الحارث بن المغيرة ، أو أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : ما كان في وصيّة لقمان ؟
قال : كان فيها الأعاجيب وكان أعجب ما كان فيها أَن قال لابنه : خَفِ الله (عزّوجلّ) خيفة لو جئته ببرّ الثقلين لعذّبك ، واْرجُ الله رجاءً لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك .
ثمّ قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : كان أبي يقول : إنه ليس من عبد مؤمن الاّ ]و[ في قلبه نوران : نور خيفة ونور رجاء ، لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا((3)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن
ص: 295
النعمان ، عن حمزة بن حمران قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : إنّ ممّا حُفظ من خطب النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال : يا أيّها الناس إنّ لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم وإنّ لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ، ألا إنّ المؤمن يعمل بين مخافتين : بين أجَل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه ، وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه ، فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه ، ومن دنياه لآخرته ، وفي الشيبة قبل الكِبَر ، وفي الحياة قبلالممات ، فوالذي نفس محمّد بيده ما بعد الدُّنيا من مستعتب وما بعدها من دار إلاّ الجنّة أو النار((1)) .
المحاسن : البرقي ، عن ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمّد الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (تعالى) : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) .
قال : يعملون ما عملوا من عمل ، وهم يعلَمون أنّهم يُثابون عليه((2)) .
كتاب الزهد : عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، والنّضر ، عن عاصم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) .
ص: 296
قال : يعمَلون ، ويعلَمون أنّهم سيُثابون عليه((1)) .
المحاسن : روى عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : يعملون ... وذكر مثله((2)) .
كتاب الزهد : فضالة ، عن أبي المعزا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) .
قال : يأتي ما أتى الناس وهو خاش راج((3)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) .
قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : معناه : خائفة أن لا يقبل منهم .
وفي رواية اُخرى : يؤتى ما آتى وهو خائف راج((4)) .
* * * * *قوله تعالى : (وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) (62) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن
ص: 297
الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابنا ، عن عبيد بن زرارة قال : حدثني حمزة بن حمران قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الاستطاعة ، فلم يُجبني ، فدخلت عليه دخلة اُخرى فقلت : أصلحك الله انّه قد وقع في قلبي منها شيء لا يُخرجُه إلاّ شيء أسمَعُه منك .
قال : فإنّه لا يضرّك ما كان في قلبك .
قلت : أصلحك الله إنّي أقول : إنّ الله (تبارك وتعالى) لم يُكلّف العباد ما لا يستطيعون ، ولم يكلّفهم إلاّ ما يُطيقون ، وإنّهم لا يصنعون شيئاً من ذلك إلاّ بإرادة الله ومشيئته وقضائه وقَدَره ؟
قال : فقال : هذا دين الله الذي أنا عليه وآبائي أو كما قال((1)) .
التوحيد : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، ومحمّد بن عبد الحميد ، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا يكون العبد فاعلاً ولا متحرِّكاً إلاّ والاستطاعة معه من الله (عزّوجلّ) ، وإنّما وقع التكليف من الله بعد الاستطاعة ، فلا يكون مُكلّفاً للفعل إلاّ مُستطيعاً((2)) .
ص: 298
التوحيد : حدّثنا أبي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما كلّف الله العباد كلفة فعل ، ولا نهاهم عنشيء حتّى جعل لهم الاستطاعة ، ثمّ أمرهم ونهاهم فلا يكون العبد آخذاً ولا تاركاً إلاّ باستطاعة متقدمة قبل الأمر والنهي ، وقبل الأخذِ والترك وقبل القبض والبسط((1)) .
التوحيد : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : لا يكون من العبد قبض ولا بسط ، إلاّ باستطاعة متقدِّمة للقبض والبسط((2)) .
التوحيد : حدّثنا أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، عن أبي شعيب المحاملي ، وصفوان بن يحيى ، عن عبدالله بن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سمعته يقول وعنده قوم يتناظَرون في الأفاعيل والحركات ، فقال : الاستطاعة قبل الفعل ، لم يأمر الله (عزّوجلّ) بقَبض ولا بسط الاّ والعبد
ص: 299
لذلك مستطيع((1)) .
الكافي : محمّد بن أبي عبدالله ، عن سهل بن زياد ، وعلي بن ابراهيم ، عن أحمد بن محمّد ، ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن علي بن الحكم ، عن صالح النيليّ قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) هل للعباد من الاستطاعة شيء ؟
قال : فقال لي : اذا فعلوا الفعل ، كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم .
قال : قلت : وما هي ؟
قال : الآلة مثل الزاني إذا زنى ، كان مستطيعاً للزنا حين زَنى ، ولو أنّه ترك الزنا ولم يزنِ كان مستطيعاً لتركه إذا ترك .قال : ثم قال : ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل ولا كثير ، ولكن مع الفعل والترك كان مستطيعاً .
قلت : فعلى ماذا يعذّبه ؟
قال : بالحُجّة البالغة ، والآلة التي ركّب فيها ، إنّ الله لم يجبر أحداً
ص: 300
على معصيته ، ولا أراد - إرادة حتم - الكفر من أحد ، ولكن حين كفر كان في إرادة الله أن يكفر ، وهم في إرادة الله وفي علمه أن لا يصيروا إلى شيء من الخير .
قلت : أراد منهم أن يكفروا ؟
قال : ليس هكذا أقول ولكنّي أقول : علم أنّهم سيكفرون ، فأراد الكفر لعلمه فيهم وليست هي إرادة حتم إنّما هي إرادة إختيار((1)) .
الكافي : محمّد بن يحيى وعلي بن ابراهيم جميعاً ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، وعبدالله بن يزيد جميعاً ، عن رجل من أهل البصرة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الاستطاعة ؟
فقال : أتستطيع أن تعمل ما لم يكوّن ؟
قال : لا .
قال : فتستطيع أن تنتهي عمّا قد كوّن ؟
قال : لا .
قال : فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : فمتى أنت مستطيع ؟
قال : لا أدري .
ص: 301
قال : فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ الله خلق خلقاً فجعل فيهم آلة الاستطاعة ثمّ لم يفوّض إليهم ، فهم مستطيعون للفعل وقت الفعل مع الفعل إذا فعلواذلك الفعل فإذا لم يفعلوه في ملكه لم يكونوا مستطيعين أن يفعلوا فعلاً لم يفعلوه ، لأنّ الله (عزّوجلّ) اعزّ من أن يضادّه في ملكه أحد .
قال البصريّ : فالنّاس مجبورون ؟
قال : لو كانوا مجبورين كانوا معذورين .
قال : ففوّض إليهم ؟
قال : لا .
قال : فما هم ؟
قال : علم منهم فعلاً فجعل فيهم آلة الفعل فإذا فعلوا كانوا مع الفعل مستطيعين .
قال البصري : أشهد أنّه الحقّ وأنّكم أهل بيت النبوّة والرسالة((1)) .
الخصال - التوحيد : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار (رضي
ص: 302
الله عنه) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز بن عبدالله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : رُفع عن اُمّتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون ، وما اضطروا إليه والحسد ، والطيرة ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَإِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ) (74) .
تأويل الآيات الظاهرة : محمد بن العباس (رحمه الله ) : حدثنا أحمد بن الفضل الأهوازي ، عن بكر بن محمد بن ابراهيم غلام الخليل قال : حدثنا زيد بن موسى ، عن أبيه موسى ، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه علي بن أبي طالب ( عليه السلام) في قول الله (عزوجل): (وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ )
ص: 303
قال : عن ولايتنا أهل البيت((1)) .
الكافي : الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن عبدالله بن عبد الرحمن ، عن الهيثم بن واقد ، عن مقرن قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول (في حديث) : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : إنّ الله (تبارك وتعالى) لو شاء لعرّف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه فمن عدل عن ولايتنا أو فضّل علينا غيرنا فإنّهم عن الصراط لناكبون((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) (76) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا
ص: 304
يَتَضَرَّعُونَ) .
قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : الإستكانة : الدعاء ، والتضرّع : رفع اليد في الصلاة((1)) .معاني الأخبار : حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي (رضي الله عنه) قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدّثنا محمّد بن نصير قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) .
قال : التضرّع : رفع اليدين((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (92) .
معاني الأخبار : حدّثنا أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن ثعلبة
ص: 305
ابن ميمون ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) .
فقال : الغيب : ما لم يكن ، والشهادة : ما قد كان((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ) (96) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما أكل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) متكئاً منذ بعثه الله (عزّوجلّ) الى أن قبضه تواضعاً لله (عزّوجلّ) ، وما رأى ركبتيه((2)) أمام جليسه في مجلس قطّ ، ولا صافح رسول الله رجلاً قطّ ، فنزع يده من يده حتّى يكون الرّجل هو الذي ينزع يده ، ولا كافأ رسول الله بسيّئة قطّ ، قال الله تعالى له : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) ففعل وما منع سائلاً قطّ ، إن كان عنده أعطى والاّ قال : يأتي الله به ، ولا أعطى على الله (عزّوجلّ) شيئاً قطّ إلاّ أجازه الله
ص: 306
ان كان ليعطي الجنّة ، فيجيز الله (عزّوجلّ) له ذلك .
قال : وكان أخوه من بعده - والّذي ذهب بنفسه - ما أكل من الدنيا حراماً قطّ حتّى خرج منها ، والله انْ كان ليعرض له الأمران ، كلاهما لله (عزّوجلّ) طاعة فيأخذ بأشدّهما على بدنه ، والله لقد أعتَق ألف مملوك لوجه الله (عزّوجلّ) دبرت((1)) فيهم يداه ، والله ما أطاق عمل رسول الله من بعده أحد غيره ، والله ما نزلت برسول الله نازلة قط إلاّ قدّمه فيها ثقةً منه به ، وإن كان رسول الله ليبعثه برايته فيقاتل جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، ثمّ ما يرجع حتى يفتح الله (عزّوجلّ) له((2)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر ، عن حمّاد بن عثمان ، عن زيد بن الحسن قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : كان عليّ (عليه السّلام) أشبه الناس طعمة وسيرةً برسول الله (صلّى الله عليه وآله) وكان يأكل الخبز والزّيت ويطعم الناس الخبز واللّحم ، قال : وكان علي يستَقي ويحتطِب وكانت فاطمة
ص: 307
تطحن وتعجِن وتخبز وترقَع((1)) وكانت من أحسن الناس وجهاً ، كأنَّ وجنَتَيها وَردتان((2)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : بعث أمير المؤمنين إلى بشر بن عطارد التميمي في كلام بَلَغه فمرّ به رسول أمير المؤمنين في بني أسد وأخذه فقام إليه نعيم بن دجاجة الأسدي فأفلته فبعث إليه أمير المؤمنين فأتوه به وأمر به أن يُضرب ، فقال له نعيم : أما والله إنّ المقام معك لذُلّ وإنّ فراقك لكفر .
قال : فلمّا سمع ذلك منه قال له : يا نعيم قد عفونا عنك إن الله (عزّوجلّ) يقول : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) أمّا قولك : إنّ المقام معك لذلّ فسيّئة اكتسبتها وأمّا قولك : إنّ فراقك لكفر فحسنة اكتسبتها فهذه بهذه ثمّ أمر أن يخلّى عنه((3)) .
ص: 308
اختيار معرفة الرجال : حدّثنا حمدويه بن نصير قال : حدّثنا محمّد ابن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : بعث علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (99 و100) .
الكافي : أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحسين((2)) ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : من منع الزكاة سأل الرّجعةعند الموت ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ)((3)) .
ثواب الأعمال : ذكر أحمد بن أبي عبدالله أنّ في رواية أبي بصير قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : من منع الزكاة ... وذكر مثله((4)) .
ص: 309
من لا يحضره الفقيه : روى أبو بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) انّه قال : من منع قيراطاً من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم وسأل الرجعة عند الموت ، وهو قول الله (عزّوجلّ) : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ)((1)) .
الكافي : عليّ بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن اسماعيل بن مرّار ، عن يونس ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من منع قيراطاً من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم وهو قوله (عزّوجلّ) : (رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) .
وفي رواية أخرى : لا تقبل له صلاة((2)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) .
قال الصادق (عليه السّلام) : انه في مانع الزكاة يسأل الرّجعة عند الموت ، ثم قال سبحانه في الجواب عن سؤالهم((3)) .
أمالي الصدوق : أخبرني علي بن حاتم القزويني قال : حدّثنا علي
ص: 310
ابن الحسين النحوي قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه محمّد بن خالد ، عن أبيأيوب سليمان بن مقبل المديني ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) أنّه قال - في حديث - : إذا مات الكافر شيّعه سبعون ألفاً من الزّبانية إلى قبره ، وانّه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كلّ شيء إلاّ الثقلان ويقول : لو أنّ لي كرّة فأكون من المؤمنين ، ويقول : (ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) فتجيبه الزَّبانية كلاّ إنّها كلمة أنت قائلها ، ويناديهم ملك : لو ردّ لعاد لما نهي عنه ... الى آخر الحديث((1)) .
تفسير القمي : حدّثني أبي ، عن خالد ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما من ذي مال ، ذهب ولا فضة يمنع زكاة ماله أو خُمسه إلاّ حبسه الله يوم القيامة بقاع قفر ، وسلّط عليه سباعاً تريده وتحيد عنه (فيه - خ ل) ، فإذا علم انّه لا محيص له أمكنه من يده ، فقضمها كما يقضم الفجل ، وما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله ، إلاّ حبسه الله يوم القيامة بقاع قفر ، ينطحه كلّ ذات قرن بقرنها وكلّ
ص: 311
ذي ظلف بظلفها ، وما من ذي مال نخل أو زرع أو كرم يمنع زكاة ماله إلاّ طوّقه الله إلى يوم القيامة ورفع أرضه إلى سبع أرضين يقلده إيّاه((1)) .
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد الرحمن بن حمّاد ، عن عمرو بن يزيد((2)) قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : إنّي سمعتُك وأنت تقول : كلّ شيعتنا في الجنّة على ما كان فيهم ؟!قال : صدقتُك كلّهم والله في الجنّة .
قال : قلت : جعلت فداك إنّ الذنوب كثيرة كبار ؟!
فقال : أمّا في القيامة فكلّكم في الجنّة ، بشفاعة النبيِّ المُطاع أو وصيِّ النبي (صلوات الله عليهم) ولكنّي - والله - أتخوّف عليكم في البرزخ .
قلت : وما البرزخ ؟
قال : القَبر منذ حين موته إلى يوم القيامة((3)) .
ص: 312
تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : والله ما أخاف عليكم إلاّ البرزخ فامّا إذا صار الأمر إلينا ، فنحن أولى بكم((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ)(101 - 103) .
تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : لا يتقدّم يوم القيامة احد الاّ بالأعمال ، والدليل على ذلك قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : يا أيّها الناس إنّ العربيَّة ليست بأب وجَدّ ، وإنّما هو لسان ناطق ، فمن تكلّم به فهو عربي ، أَلا انّكم وُلد آدم وآدم من تراب ، والله لَعَبد حَبشيّ حين أطاع الله خيرٌ من سيّد قرشيّ عصى الله ، وإنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ، والدليل على ذلك ، قوله (عزّوجلّ) : (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) يعني بالأعمال
ص: 313
الحسنة (فَأُوْلَئِكَ هُمُالْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) قال : من الأعمال الحسنة (فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ)((1)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العبّاس (رحمه الله) : حدّثنا محمّد بن همام ، عن محمّد بن اسماعيل ، عن عيسى بن داود قال : حدّثنا أبو الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليهم السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ؟
قال : نزَلت فينا((2)) .
الاحتجاج : من سؤال الزنديق الذي سأل أبا عبدالله (عليه السّلام) من مسائل كثيرة (في حديث) قال : أو ليس تُوزَن الأعمال ؟
قال (عليه السّلام) : لا ، انّ الأعمال ليست بأجسام ، وإنّما هي صفة
ص: 314
ما عملوا ، وإنّما يحتاج إلى وَزن الشيء من جَهِل عدد الأشياء ، ولا يعرف ثقلها أو خفّتها ، وإنّ الله لا يخفى عليه شيء .
قال : فما معنى الميزان ؟
قال (عليه السّلام) : العدل .
قال : فما معناه في كتابه : (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) ؟
قال (عليه السّلام) : فمن رجُح عَمُله((1)) .
* * * * *قوله تعالى : (أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ)(105) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمّد بن العبّاس : حدّثنا محمّد بن همّام ، عن محمّد بن اسماعيل ، عن عيسى بن داود قال : حدّثنا الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليهم السّلام) قال : في قول الله (عزّوجلّ) : (أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ) في علي (فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ)((2)) .
* * * * *
ص: 315
قوله تعالى : (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ) (106) .
التوحيد : حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن علي بن أسباط ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا) .
قال : بأعمالهم شَقَوا((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ) (115) .
علل الشرایع : حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني (رضي
ص: 316
الله عنه )قال : حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال : حدثنا محمد بن زكريا الجوهري قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه قال: سألت الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) فقلت له : لِمَ خلق الله الخلق ؟
فقال : إنّ الله (تبارك وتعالى) لم يخلق خلقه عبثاً ولم يتركهم سدى بل خلقهم لإظهار قدرته وليكلّفهم طاعته فليستوجبوا بذلك رضوانه ، وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ولا ليدفع بهم مضرّة بل خلقهم لينفعهم ويوصلهم الى نعيم الأبد((1)) .
علل الشرايع : حدّثنا أبي (رحمه الله) قال : حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد قال : قال رجل لجعفر بن محمّد : يا أبا عبدالله إنّا خُلقنا للعجب ؟
قال : وما ذاك لله أنت .
قال : خُلقنا للفناء ؟
فقال : مه يابن أخ ، خُلقنا للبقاء وكيف تفنى جنّة لا تبيد ، ونار لا تخمد ؟! ولكن قل : إنّما نتحوّل من دار إلى دار((2)) .
ص: 317
ثواب الأعمال : حدّثني محمّد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) قال : حدّثني محمّد بن يحيى قال : حدّثني محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن اسماعيل بن مهران ، عن الحسن ، عن أبي عبدالله المؤمن ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : حَصّنوا أموالكم وفروجَكم بتلاوة سورة النور ، وحصّنوا بها نساءكم ، فإنّ من أدمن قراءتها في كلّ يوم أو في كلِّ ليلة ، لم يزن أحد من أهل بيته أبداً حتّى يموت((1)) ، فإذا هو مات شيّعه إلى قبره سبعون ألف ملك ، كلّهم يدعون ويستغفرون الله له حتّى يدخل في قبره((2)) .
مجمع البيان : روى عبدالله بن مسكان ، عن أبي عبدالله (عليه
ص: 318
السّلام) قال : حصّنوا ... وذكر نحوه((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : لا تُنزلوا النساء بالغرف ولا تعلّموهن الكتابة وعلّموهن المغزل وسورة النور((2)) .
تفسير البرهان : من كتاب (خواصّ القرآن) قال الصادق (عليه السّلام) : من كتبها وجعَلها في كسائه ، أو فراشه الذي ينام عليه ، لم يحتلم أبداً ، وان كتبَها بماءزمزم لم يجامع ، ولم ينقطع عنه أبداً ، وان جامع لم يكن له لذّة تامّة ، ولا يكون إلاّ منكسر القوّة((3)) .
* * * * *
ص: 319
قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَة وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) (2) .
التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) ، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَلاَ تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ) .
قال : في إقامة الحدود .
وفي قوله (تعالى) : (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) .
قال : الطائفة واحد وقال : لا يُستَحْلَف صاحب الحدّ((1)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن حميد بن زياد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا زنى العبد ضرب خمسين فإن عاد ضرب خمسين فإن عاد ضرب خمسين إلى ثماني مرّات فإن زنى ثماني مرّات
ص: 320
قتل وأدّى الإمام قيمته إلى مولاه((1)) من بيت المال((2)) .التهذيب : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن جميل ، عن بريد ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا ... وذكر مثله((3)) .
* * * * *
قوله تعالى : (الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَان أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (3) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن زرارة قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) ؟
قال : هنّ نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، شهروا وعرفوا به ، والنّاس اليوم بذلك المنزل ، فمن أُقيم عليه حدّ الزنا أو متَّهم بالزّنا ، لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتّى يعرف منه التوبة((4)) .
ص: 321
الكافي : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) ؟
فقال : كنّ نسوة مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا ، قد عُرفوا بذلك، والناس اليوم بتلك المنزلة ، فمن أُقيم عليه حدُّ الزنا أو شُهِر به ، لم ينبغ لأحد أن يُناكِحَه حتّى يعرف منه التوبة((1)) .
مجمع البيان : في قوله (تعالى) : (الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَان أَوْ مُشْرِكٌ) روي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) أنّهما قالا : هم رجال ونساء كانوا على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مشهورين بالزنا ،فنهى الله عن أولئك الرجال والنساء ، والناس على تلك المنزلة فمن شُهر بشيء من ذلك وأقيم عليه الحدّ ، فلا تزوّجوه حتّى تُعرَف توبته((2)) .
الكافي : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان ، عن حكم بن حكيم ، عن أَبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ
ص: 322
زَان أَوْ مُشْرِكٌ) .
قال : إنّما ذلك في الجهر ، ثمّ قال : لو أنّ إنساناً زنى ثمّ تاب ، تزوّج حيث شاء((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ
شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَات بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ
إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَات بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(4 - 9) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في الرجل يقذف الرجل بالزنا .
ص: 323
قال : يُجلد هو في كتاب الله (عزّوجلّ) وسنّة نبيه (صلّى الله عليه وآله) .
قال : وسألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الرجل يقذف الجارية الصغيرة ؟فقال : لا يُجلد الاّ أن تكون قد أدركت ، أو قاربت((1)) .
التهذيب : سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران مثله((2)) .
تفسير القمي : حدثني أبي ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : القاذف يُجلَد ثمانين جلدة ، ولا تُقبل له شهادة أبداً إلاّ بعد التوبة ، أو يُكذّب نفسه فإن شهد له ثلاثة وأبى واحد ، يُجلَد الثلاثة ، ولا يقبل شهادتهم حتّى يقول أربعة : رأينا مثل الميل في المكحلة ومن شهد على نفسه أنّه زنى لم تقبل شهادته حتّى يعيدها أربع مرّات((3)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن حمران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن رجل
ص: 324
افترى على قوم جماعة ؟
قال : فقال : إن أتوا به مجتمعين ضُرب حدّاً واحداً وإن أتوا به متفرّقين ضرب لكلّ رجل حدّاً .
عنه ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((1)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ابن درّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن رجل افترى على قوم جماعة ؟
قال((2)) : إن أتوا به مجتمعين ضُرب حدّاً واحداً وإن أتوا به متفرّقين ضرب لكلّ واحد ] منهم [ حدّاً((3)) .التهذيب - الاستبصار : الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن رجل ... وذكر مثله((4)) .
التهذيب - الاستبصار : الحسين بن سعيد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن محمد بن حمران ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((5)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن
ص: 325
الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن العطّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : رجل قذف قوماً ؟
قال : قال((1)) : بكلمة واحدة ؟
قلت : نعم .
قال : يضرب حدّاً واحداً فان((2)) فرّق بينهم في القذف ضرب لكلّ واحد((3)) منهم حدّاً((4)) .
التهذيب - الاستبصار : الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان مثله((5)) .
التهذيب - الاستبصار : الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السّلام) في رجل افترى على نفر جميعاً فجلده حدّاً واحداً((6)) .
التهذيب - الاستبصار : محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن
ص: 326
الحسين ، عن صفوان ، عن حريز ، عن بكير ، عن أحدهما (عليهما السّلام) أنّه قال : من افترى على مسلم ضُرب ثمانين يهودياً كان أو نصرانياً أو عبداً((1)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال في الرجل إذا قذف ] المحصنة [ قال : يُجلد ثمانين ، حرّاً كان أو مملوكاً((2)) .
التهذيب : يونس بن عبد الرحمن ، عن زرعة مثله((3)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته عن المملوك يفتري على الحُرّ ؟
قال : يجلد ثمانين .
قلت : فإنّه زنى ؟
ص: 327
قال : يجلد خمسين((1)) .
التهذيب - الاستبصار : أحمد بن محمّد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : سألته عن المملوك يفتري على الحر ؟
قال : عليه ثمانون .
قلت : فاذا زنى ؟قال : يجلد خمسين((2)) .
الكافي - التهذيب - الاستبصار : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا قذف العبد الحرّ جُلد ثمانين وقال : هذا من حقوق الناس((3)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن عبد مملوك قذف حرّاً ؟
قال((4)) : يُجلد ثمانين ، هذا من حقوق الناس((5)) فأمّا ما كان من حقوق
ص: 328
الله (عزّوجلّ) فإنّه يضرب نصف الحد .
قلت : الذي من حقوق الله (عزّوجلّ) ما هو ؟
قال : إذا زنى أو شرب خمراً((1)) فهذا من الحقوق التي يضرب فيها نصف الحد((2)) .
ص: 329
التهذيب - الاستبصار : أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب مثله((1)) .
التهذيب - الاستبصار : محمد بن علي بن محبوب ، عن الحسن بن محبوب ، عن سيف بن عميرة ، عن ابن بكير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن عبد مملوك قذف حرّاً ؟
قال : يجلد ثمانين هذا من حقوق الناس فأمّا ما كان من حقوق الله فإنّه يضرب نصف الحدّ .
قلت : الذي يضرب فيه نصف الحدّ ما هو ؟قال : إذا زنى أو شرب خمراً فهذا من حقوق الله التي يضرب فيها نصف الحدّ((2)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : في الرجل يقذف الصبيّة يجلد ؟
قال : لا حتى تبلغ((3)) .
التهذيب - الاستبصار : سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر ، عن عاصم ابن حميد مثله((4)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، وحمّاد ، عن القاسم بن سليمان قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الرّجل يقذف الرّجل فيجلد حدّاً ثمّ يتوب ولا يعلم منه إلاّ خيراً أتجوز شهادته ؟
قال : نعم ، ما يقال عندكم ؟
ص: 330
قلت : يقولون : توبته فيما بينه وبين الله ولا تقبل شهادته أبداً .
فقال : بئس ما قالوا ، كان أبي يقول : إذا تاب ولم يعلم منه إلاّ خيراً جازت شهادته((1)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة (عن أبي عبدالله (عليه السّلام)) قال : سألته عن شهود الزُّور ؟
قال : فقال : يجلدون حدّاً ليس له وقت ، وذلك إلى الإمام ويُطاف بهم حتّى يعرفَهم النّاس .
وأمّا قول الله (عزّوجلّ) : (وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا) .
قال : قلت : كيف تُعرف توبته ؟
قال : يُكذّب نفسه على رؤوس الناس حتّى يُضرَب ، ويستغفر ربّه ، وإذا فعل ذلك فقد ظهَرت توبته((2)) .
ص: 331
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن القاذف بعدما يقام عليه الحدّ ما توبته ؟
قال : يكذّب نفسه .
قلت : أرأيت إن أكذب نفسه وتاب أتقبل توبته ؟
قال : نعم((1)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر ، عن المثنّى ، عن زرارة قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ) ؟ قال : هو القاذف الذي يقذف امرأته ، فإذا قذفها ثمّ أقرّ أنّه كذب عليها ، جلد الحدّ وردّت إليه امرأته ، وان أبى إلاّ أن يمضي فيشهد عليها أربع شهادات بالله إنّه لمن الصادقين ، والخامسة يلعن فيها نفسه إن
ص: 332
كان من الكاذبين ، فإن ارادت أن تدفع عن نفسها العذاب - والعذاب هو الرّجم - شهدت أربع شهادات بالله إنّه لمن الكاذبين والخامسة أنَّ غضب الله عليها إن كان من الصَّادقين ، فإن لم تفعل رجمت ، وإن فعلت درَأت عن نفسها الحدّ ، ثمّ لا تحلُّ له إلى يوم القيامة .
قلت : أرأيت ان فرّق بينهما ولها ولد فمات ؟
قال : ترثه اُمّه وان ماتت اُمّه ورثه أخواله ، ومن قال : انّه ولد زناً جلد الحدّ .
قلت : يردّ إليه الولد إذا أقرّ به ؟
قال : لا ، ولا كرامة ، ولا يرث الابن ، ويرثه الابن((1)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر ، عن مثنّى الحنّاط ، عن زرارة قال : سُئل أبو عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ؟
قال : هو الذي يقذف إمرأته فإذا قذفها ثمّ أقرّ بأنّه كذّب عليها جُلد الحد وردّت إليه إمرأته ، وإن أبى إلاّ أن يمضي فشهد عليها أربع شهادات بالله إنّه لمن الصادقين والخامسة يلعن فيها نفسه إن كان من الكاذبين ، وإن أرادت أن تدرأ عن نفسها العذاب والعذاب هو الرّجم شهدت أربع
ص: 333
شهادات بالله إنّه لمن الكاذبين والخامسة أنّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، وإن لم تفعل رُجمت فإن فعلت درأت عن نفسها الحدّ ثمّ لا تحلّ له إلى يوم القيامة((1)) .الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال : سألته عن الرجل يفتري على امرأته ؟
قال : يُجلد ثمّ يخلّى بينهما ولا يلاعنها حتّى يقول : أشهد أنّني رأيتك تفعلين كذا وكذا((2)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قال في الرجل يقذف امرأته : يجلد ثمّ يخلّى بينهما ولا يلاعنها حتّى يقول : إنّه قد رأى من يفجر بها بين رجليها((3)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : انّ عبّاد البصري سأل أبا عبدالله (عليه السّلام)
ص: 334
وأنا حاضر : كيف يلاعن الرّجل المرأة ؟
فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّ رجلاً من المسلمين أتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال : يا رسول الله ، أرأيت لو أنّ رجلاً دخل منزله فوجد مع امرأته رجلاً يجامعها ما كان يصنع ؟
قال : فأعرض عنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وانصرف ذلك الرجل((1)) ، وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلى بذلك من امرأته ، قال : فنزل [ عليه ] الوحي من عند الله تعالى بالحكم فيهما((2)) ، فأرسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى ذلك الرجل فدعاه ، فقال [له ] : أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلاً ؟
فقال : نعم .فقال له : انطلق فأتني بإمرأتك ، فإنّ الله (تعالى) قد أنزل الحكم فيك وفيها .
[قال :] فأحضرها زوجها فأوقفهما((3)) رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ثمّ قال للزوج : اشهد أربع شهادات بالله أنّك لمن الصادقين فيما رميتها به .
قال : فشَهد .
ص: 335
[قال :] ثمّ قال له : اتّق الله فإنّ لعنة الله شديدة ، ثمّ قال له : اشهد الخامسة أنّ لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين .
قال : فشهد ، ثمّ أمر به((1)) فنحّي ، ثمّ قال للمرأة : اشهدي أربع شهادات بالله أنّ زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به .
قال : فشهدت ، ثمّ قال لها : أمسكي فوعَظها وقال((2)) لها : اتق الله فإنَّ((3))غضب الله شديد ، ثمّ قال لها : اشهدي الخامسة أنّ غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين((4)) فيما رماك به ، قال : فشهدت . قال : ففرّق بينهما وقال لهما : لا تجتمعا] ن [ بنكاح أبداً بعدما تلاعنتما((5)) .
التهذيب : الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال : إنّ عبّاداً البصري ... وذكر مثله((6)) .
من لا يحضره الفقيه : روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن ابن الحجّاج قال : إنّ عبّاد البصري سأل أبا عبدالله (عليه السّلام) وأنا [عنده] حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة ؟
ص: 336
فقال (عليه السّلام) : إنّ رجلاً من المسلمين أتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال : يا رسول الله أرأيت لو أنّ رجلاً دخل منزله فرأى مع امرأته رجلاً يجامعها ما كان يصنع فيهما ؟
قال : فأعرض عنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فانصرف الرّجل وكان ذلك الرّجل هو الذي اُبتلي بذلك من امرأته .
قال : فنزل الوحي من عند الله (عزّوجلّ) بالحكم فيهما ، قال : فأرسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى ذلك الرجل فدعاه فقال : أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلاً ؟
فقال : نعم .
فقال له : انطلق فأتني بامرأتك فإنّ الله (عزّوجلّ) قد أنزل الحكم فيك وفيها .
قال : فأحضرها زوجها فوقفها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقال للزوج : اشهد أربع شهادات بالله إنّك لمن الصادقين فيما رميتها به .
قال : فشهد .
قال : ثمّ قال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : أمسك ووعظه ثمّ قال له : اتق الله فإنّ لعنة الله شديدة ، ثمّ قال : إشهد الخامسة أنّ لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين .
قال : فشهد ، فأمر به فنُحّي ، ثمّ قال (صلّى الله عليه وآله) للمرأة :
ص: 337
اشهدي أربع شهادات بالله انّ زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به .
قال : فشهدت . قال : ثمّ قال لها : أمسكي ووعظها ثمّ قال لها : اتقي الله فإنّ غضب الله شديد ، ثمّ قال لها : اشهدي الخامسة أنّ غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به . قال : فشهدت ، قال : ففرّق بينهما وقال لهما : لا تجتمعا بنكاح أبداً بعدما تلاعنتما((1)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد ابن محمد بن عيسى جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن عبّاد بن صهيب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في رجل أوقفه الإمام للّعان فشهد شهادتين ثمّ نكل واكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللّعان .
قال : يُجلَد حدّ القاذف ولا يفرّق بينه وبين المرأة((2)) .
تفسير القمي : حدثني أبي ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن
ص: 338
عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّه جاء رجل إلى أمير المؤمنين فقال له : يا أمير المؤمنين إنّي زنَيت فطهِّرني .
فقال أمير المؤمنين : أبِكَ جِنَّة ؟
فقال : لا .
قال : أفتقرأ من القرآن شيئاً ؟
قال : نعم .
فقال له : ممّن أنت ؟
فقال : أنا من مُزَينَة - أو جُهَينة - .
قال : اذهب حتّى اسأل عنك فسأل عنه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين هذا رجل صحيح العقل مسلم ، ثمّ رجع إليه فقال : يا أمير المؤمنين إنّي زَنَيت فطهّرني .
فقال : ويحك ألك زوجة ؟
قال : نعم .
قال : فكنت حاضِرها أو غائباً عنها ؟
قال : بل كنت حاضرها .قال : اذهب حتّى ننظر في أمرك ، فجاء إليه الثالثة فذكر له ذلك ، فأعاد عليه أمير المؤمنين (عليه السّلام) فذهب ، ثمّ رجع في الرابعة فقال : انّي زنيت ، فطهّرني .
ص: 339
فأمر أمير المؤمنين بحبسه ، ثمّ نادى أمير المؤمنين : أيّها الناس ، إنّ هذا الرجل يحتاج أن نقيم عليه حدّ الله ، فاخرجوا متنكّرين ، لا يعرف بعضكم بعضاً ، ومعكم أحجاركم ، فلمّا كان من الغد أخرجه أمير المؤمنين بالغلس((1)) وصلّى ركعتين ثمّ حفر حفيرة ووضعه فيها ، ثمّ نادى : أيّها الناس إنّ هذه حقوق الله لا يطلبها من كان عنده لله حقّ مثله ، فمن كان لله عليه حقّ مثله فلينصرف ، فانّه لا يُقيم الحدّ من الله مَن لله عليه الحد ، فانصرف الناس فأخذ أمير المؤمنين حجراً ، فكبّر أربع تكبيرات فرماه ، ثمّ أخذ الحسن مثله ، ثمّ فعل الحسين مثله ، فلمّا مات أخرجه أمير المؤمنين وصلّى عليه .
فقالوا : يا أمير المؤمنين ، ألا تغسّله ؟
قال : قد اغتسل بما هو منها طاهر إلى يوم القيامة ، ثمّ قال أمير المؤمنين : أيّها الناس مَن أتى هذه القاذورة((2)) فليتب إلى الله فيما بينه وبين الله ، فوالله لتوبة إلى الله في السرّ لأفضل من أن يفضح نفسه ويهتك ستره((3)) .
أقول : الظاهر انّه حصل للرجل نزيفٌ في رأسه أدّى به الى الموت .
ص: 340
مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ، انّ الاستثناء يرجع إلى الأمرين فإذا تاب قبلت شهادته حدّاً ولم يُحَد . قول أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام)((1)) .
* * * * *قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (19) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قال في مؤمن ما رأته عيناه ، وسمعته أذناه ، فهو من الذين قال الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)((2)) .
أمالي الصدوق : حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال : حدّثنا محمد بن الحسن الصفّار قال : حدثنا أيوب بن نوح قال : حدثنا
ص: 341
محمد بن أبي عمير قال : حدثني محمد بن حمران ، عن الصادق جعفر ابن محمد (عليه السّلام) قال : من قال في أخيه المؤمن ما رأته عيناه ، وسمعته أذناه ، فهو ممّن((1)) قال الله (عزّوجلّ) : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ)((2)) .
الاختصاص : قال الصادق (عليه السّلام) : من قال في مؤمن ... وذكر مثله((3)) .
تفسير القمي : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من قال ... وذكر نحوه((4)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن اسماعيل بن عمّار ، عن اسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من أذاع فاحشة كان كمبتدئها ومن عيّر مؤمناً بشيء لم يمت حتّى يركبه((5)) .
ص: 342
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من بهت مؤمناً أو مؤمنة بما ليس فيه ، بعثه الله في طينة خبال حتّى يخرج ممّا قال .
قلت : وما طينة الخبال ؟
قال : صديد يخرج من فروج المومسات((1)) .
معاني الأخبار : أبي (رحمه الله) قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، بهذا الاسناد نحوه((2)) .
أمالي الصدوق - معاني الاخبار : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكّل قال : حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن
ص: 343
عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال : إنّ منالغيبة أن تقول في أخيك ما ستَره الله عليه ، وإنّ البُهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (26) .
الكافي : أحمد بن محمد بن أحمد ، عن علي بن الحسن التيمي ، عن محمد بن عبد الله ، عن زرارة((2)) ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - يقول لرجل من الشيعة : أنتم الطيّبون ونساؤكم الطيّبات ، كلّ مؤمنة حوراء عيناء وكلّ مؤمن صدِّيق((3)) .
ص: 344
مجمع البيان : في قوله تعالى : (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) الخبيثات من النِّساء للخبيثين من الرجال ، و الخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء ، والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ، والطيّبون من الرجال للطيّبات من النساء ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) قالا : هي مثل قوله : (الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) الآية إنّ أناساً هَمّوا أن يتزوّجوا منهنّ ، فنهاهم الله عن ذلك وكره ذلك لهم((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (27) .
معاني الأخبار : حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، ومحسن بن أحمد ، عن أبان الأحمر ، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا) ؟
ص: 345
قال : الاستيناس : وقع النّعل ، والتسليم((1)) .
تفسير القمي : حدثني علي بن الحسين قال : حدثني أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبدالله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : الاستيناس .. وذكر مثله((2)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن هارون بن الجهم ، عن جعفر بن عمر ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يدخل الرّجال على النساء إلاّ بإذنهنّ .
وبهذا الإسناد أن يدخل داخل على النّساء إلاّ بإذن أوليائهنّ((3)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيّوب الخزّاز ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : يستأذن الرّجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن الأب على الإبن . قال : ويستأذن الرّجل على ابنته وأُخته إذا كانتا متزوّجتين((4)) .
ص: 346
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمد بن علي الحلبي قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : الرّجل يستأذن على أبيه ؟
قال : نعم ، فقد كنت أستأذن على أبي وليست أمّي عنده إنّما هي امرأة أبي ، توفّيت اُمّي وأنا غلام وقد يكون من خلوتهما ما لا أحبّ أن أفجأهما عليه ولا يحبّان ذلك منّي والسلام أصوب وأحسن((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَة فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ) (29) .
تفسير القمي : قال الصادق (عليه السّلام) : هي الحمامات ، والخانات ، والأرحية تدخلها بغير إذن((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا
ص: 347
فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الاِْرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (30 و31) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم ابن بريد ، قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) - في حديث - قال : وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرّم الله عليه ، وأن يُعرض عمّا نهى الله عنه ممّا لا يحل له ، وهو عمله وهو من الإيمان فقال (تبارك وتعالى) : (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) فنَهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم ، وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ، ويَحفَظ فَرجَه أن يُنظَر إليه ، وقال : (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) من أن تنظر أحداهنّ إلى فرج أختها ،
ص: 348
وتحفَظ فَرجَها من أن يُنظر إليها .
وقال : كلّ شيء في القرآن من حِفظ الفرج فهو من الزنا ، إلاّ هذه الآية ، فإنّها من النظر ... الى آخر الحديث((1)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) كلّ موضع في القرآن ذكر فيه حفظ الفروج فهو عن الزنا إلاّ في هذا الموضع فإنّ المراد به الستر حتّى لا ينظر إليها أحد ، وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : فلا يحلّ للرجل أن ينظر إلى فرج أخيه ، ولا يحلّ للمرأة أن تنظر إلى فرج اُختها((2)) .
من لا يحضره الفقيه : سُئل الصادق (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ) ؟
فقال : كلُّ ما كان في كتاب الله تعالى من ذكر حفظ الفرج فهو من الزّنا إلاّ في هذا الموضع فإنّه للحفظ من أن ينظر إليه((3)) .تفسير القمّي : حدّثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كلّ آية في القرآن في ذكر
ص: 349
الفروج فهي من الزنا ، إلاّ هذه الآية فإنّها من النظر ، فلا يحِلّ لرجل مؤمن أن ينظر إلى فرج أخيه ، ولا يحلّ للمرأة أن تنظر إلى فرج اُختها((1)) .
الخصال : حدثنا جعفر بن علي بن الحسن الكوفي (رضي الله عنه) عن الحسن بن علي ، عن جدّه عبدالله بن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ ثلاث أعين : عين بكت من خشية الله ، وعين غضّت عن محارم الله ، وعين باتت ساهرة في سبيل الله((2)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن مروك بن عبيد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : ما يحِلّ للرّجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن مَحرَماً ؟
قال : الوجه ، والكفّان ، والقدمان((3)) .
ص: 350
الخصال : حدّثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدّثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمد ، عن مروك بن عبيد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((1)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن يونس بن عمّار ويونس بن يعقوب جميعاً ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا يحلّ للمرأة أن ينظر عبدها إلى شيء من جسدها إلاّ إلى شعرها غير مُتعمّد لذلك .
وفي رواية أخرى : لا بأس أن ينظر إلى شَعرها إذا كان مأموناً((2)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن عبدالله وأحمد ابني محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن المملوك يرى شعر مولاته ؟
قال : لا بأس((3)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن
ص: 351
الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : المملوك يرى شعر مولاته وساقها ؟
قال : لا بأس((1)) .
مجمع البيان : لا يحلّ للعبد أن ينظر إلى شعر مولاته وقيل معناه : العبيد والإماء ، روي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((2)) .
أقول : اختلف الفقهاء في حكم نظر المملوك الى شعر مولاته أو ساقها ، فذهب أكثرهم الى حرمة النظر وحملوا أخبار الجواز على التقيّة ، وقال بعضهم بالجواز ، والتفصيل في الكتب الفقهيّة المفصّلة .
الكافي : الحسين بن محمد ، عن أحمد بن اسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) ؟
قال : الخاتم والمَسَكة : وهي القُلْب((3)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة ، عن عبدالله بن
ص: 352
بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (تبارك وتعالى) : (إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) .
قال : الزينة الظاهرة : الكحل والخاتم((1)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن درّاج ، عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن الذراعين من المرأة ، أهما من الزّينة التي قال الله (تبارك وتعالى) : (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ) ؟
قال : نعم وما دون الخِمار من الزّينة ، وما دون السِّوارين((2)) .
الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، وعلي بن ابراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبدالله بن ميمون القدّاح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : كان بالمدينة رجلان : يسمّى أحدهما : هيت ، والآخر : مانع ، فقالا لرجل ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) يسمع : إذا افتَتَحْتُم الطائفَ إن شاء الله فعليك بابنة غيلان الثقفية فإنّها شَمُوع((3))
ص: 353
بخلاء((1)) مُبَتَّلة((2)) هَيْفَاء((3)) شَنْبَاء((4)) ، إذا جلست تثنّت((5)) ، وإذا تكلّمت غنّت ، تُقبِل بأربع وتُدْبِر بثَمان ، بين رجليها مثل القدح .
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : لا اُريكما من اُولي الإربة من الرّجال ، فأمر بهما رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فغرّب بهما إلى مكان يقال له : العرايا وكانا يتسوّقان في كلّ جمعة((6)) .
الكافي : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال : سألته عن اُولي الإربة من الرّجال ؟
قال : الأحمق الموَلّى عليه ، الذي لا يأتي النساء((7)) .
التهذيب : الصفّار ، عن السندي بن محمد ، عن صفوان بن يحيى ،
ص: 354
عن ابن مسكان ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : سألته عن اُولي الإربة من الرجال ؟
قال : هو الأحمق الذي لا يأتي النساء((1)) .
معاني الأخبار : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال : حدّثنا محمد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشّاء ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن (التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الاِْرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) ؟
قال : هو الأبله المولّى عليه الذي لا يأتي النساء((2)) .مجمع البيان : في قوله تعالى : (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الاِْرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) قيل : التابع الذي يتبعك لينال من طعامك ولا حاجة له في النساء وهو الأبله المولّى عليه ، وهو المروي عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((3)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن
ص: 355
أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : لا حرمة لنساء أهل الذمّة أن يُنظَر إلى شعورهنّ وأيديهنّ((1)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عبّاد بن صهيب قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : لا بأس بالنظر إلى رؤوس أهل التهامة والأعراب((2)) وأهل السواد والعلوج((3)) لأنّهم إذا نهوا لا ينتهون ، قال : والمجنونة والمغلوبة على عقلها ولا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك((4)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن الفضل ، عن أبيه ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قلت له : أينظر الرّجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظر إلى شعرها ومحاسنها ؟
ص: 356
قال : لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذّذاً((1)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وحمّاد بن عثمان وحفص بن البختري كلّهم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوّجها((2)) .
من لا يحضره الفقيه : روى حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : لا ينبغي للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهوديّة والنصرانية فإنّهنّ يصفن ذلك لأزواجهن((3)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَأَنكِحُوا الاَْيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (32) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد
ص: 357
ابن علي ، عن حمدويه بن عمران ، عن ابن أبي ليلى قال : حدّثني عاصم ابن حميد قال : كنت عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فأتاه رجل فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج ، قال : فاشتدت به الحاجة ، فأتى أبا عبدالله (عليه السّلام) فسأله عن حاله .
فقال له : اشتدّت بي الحاجة .
فقال : ففارق ، ثمّ أتاه فسأله عن حاله ، فقال : أثريت وحَسُن حالي .فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : إنّي أمرتك بأمرين أمَر الله بهما ، قال الله (عزّوجلّ) : (وَأَنكِحُوا الاَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ)إلى قوله : (وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) وقال : (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ)((1)) و((2)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبي عبدالله ، عن الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن المؤمن ، عن اسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السّلام) : الحديث الذّي يرويه الناس حقّ أنَّ رجلاً أتى النبي (صلّى الله عليه وآله) فشكا إليه الحاجة فأمره بالتزويج ففعل ، ثمَّ أتاه فشكا اليه الحاجة فأمره بالتزويج حتّى أمره ثلاث مرّات ؟
ص: 358
فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : [نعم ] هو حقّ ، ثمّ قال : الرّزق مع النساء والعيال((1)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : جاء رجل إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) فشكا إليه الحاجة فقال : تزوّج ، فتزوّج فوسّع عليه((2)) .
الكافي : عليّ بن إبراهيم ] عن أبيه [ عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : أتى رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) شاب من الأنصار فشكا إليه الحاجة ، فقال له : تزوّج .فقال الشابّ : إنّي لأستحيي أن أعود إلى رسول الله ، فلحقه رجل من الأنصار فقال : إنّ لي بنتاً وسيمة((3)) فزوَّجها إيّاه .
قال : فوسّع الله عليه [قال :] فأتى الشابُّ النبي (صلّى الله عليه وآله)
ص: 359
فأخبره فقال رسول الله : يا معشر الشّباب عليكم بالباه((1)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن محمد بن يوسف التميمي ، عن محمد بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء ظنّه بالله (عزّوجلّ) ، إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)((2)) .
مجمع البيان : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظنّ بربّه لقوله سبحانه : (إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)((3)) .
من لا يحضره الفقيه : روي عن محمد بن أبي عمير ، عن حريز ، عن الوليد قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : من ترك التزويج مخافة الفقر ، فقد أساء الظنّ بالله (عزّوجلّ) إنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ
ص: 360
اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)((1)) .
الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن حريز ، عن وليد بن صبيح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء بالله الظنّ((2)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضّال ، عن ابن القّداح قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ركعتان يصلِّيهما المتزوّج أفضل من سبعين ركعة يصلّيها أعزب .
عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((3)) .
الكافي : علي بن محمد بن بندار وغيره ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن ابن فضّال وجعفر بن محمد ، عن ابن القدّاح ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : جاء رجل إلى أبي فقال له : هل لك من زوجة ؟
ص: 361
فقال : لا .
فقال أبي : وما أُحبّ أنّ لي الدُّنيا وما فيها وإنّي بتّ ليلة وليست لي زوجة ، ثمَّ قال : الرّكعتان يصلّيهما رجل متزوّج أفضل من رجل أعزب يقوم ليله ويصوم نهاره ، ثمّ أعطاه أبي سبعة دنانير ثمّ قال له : تزوّج بهذه ، ثمّ قال أبي : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم((1)) .
الكافي : علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن كليب بن معاوية الأسدي ، عنأبي عبدالله (عليه السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : من تزوّج أحرز نصف دينه . وفي حديث آخر : فليتّق الله في النصف الآخر . أو الباقي((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ
ص: 362
مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (33) .
الكافي : أبو علي الأشعري ، عن بعض أصحابه ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) .
قال : يتزوّجوا حتّى يُغنيهم من فضله((1)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) [قال : ] في قول الله (عزّوجلّ) : (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ
ص: 363
اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) .
قال : تضع عنه في نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه منها ، ولا تزيد((1)) فوق ما في نفسك .فقلت : كم ؟
فقال((2)) : وضع أبو جعفر (عليه السّلام) عن مملوكه((3)) ألفاً من ستة آلاف((4)) .
التهذيب : محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد مثله((5)) .
من لا يحضره الفقيه : روى محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال : إن علمتم لهم مالاً . قال : قلت : (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) ؟ قال : تضع عنه من نجومه ... وذكر مثله((6)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
ص: 364
الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال : سألته (عليه السّلام) عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أنّه لا يملك قليلاً وكثيراً ؟
قال : يكاتبه ولو كان يسأل النّاس ولا يمنعه المكاتبة من أجل أن ليس له مال فإنّ الله يرزق بعضهم من بعض والمؤمن معان ويقال : والمحسن معان((1)) .
الجعفريات : باسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه علي ابن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) : إنّ رجلاً سأله عن قوله تعالى : (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) ؟
قال (عليه السّلام) : يعني قوله لأداء المال .
قال (عليه السّلام) : وقوله تعالى : (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) أي يحطّ عنه عند الكتابة الرّبع((2)) .
الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) .
قال : إن علمتم لهم مالاً وديناً((3)) .
التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) .
ص: 365
قال : إن علمتم لهم ديناً ومالاً((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : في المكاتَب إذا أَدى بعض مكاتبته فقال : إنّ الناس كانوا لا يشترطون وهم اليوم يشترطون ، والمسلمون عند شروطهم فإن كان شرط عليه إنّه إن عجَز رجع((2)) ، وإن لم يشترط عليه لم يرجع .
وفي قول الله (عزّوجلّ) : (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) قال : كاتبوهم ان علمتم ] انَّ [ لهم مالاً ، قال : وقال : في المكاتب يشترط عليه مولاه أن لا يتزوّج الاّ باذن منه حتّى يؤدّي مكاتبته ، قال : ينبغي له أن لا يتزوّج إلاّ بإذن منه فإنّ له شرطه((3)) .
التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن
ص: 366
الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في المكاتب يؤدّي بعض مكاتبته ... وذكر مثله إلى قوله : أن لهم مالاً((1)) .الاستبصار : الحسين بن سعيد بهذا الاسناد مثل التهذيب إلى قوله : لم يرجع((2)) .
من لا يحضره الفقيه : روى العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) .
قال : الخير أني أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ويكون بيده عمل يكتسب به ، أو يكون له حرفة((3)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان بن
ص: 367
يحيى ، عن العلا بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) ؟
قال : الذي أضمَرت أن تكاتِبه عليه ، لا تقول أكاتبه بخمسة آلاف ، وأترك له ألفاً ولكن انظر إلى الذي اضمرتَ عليه فاعطِه((1)) .
وعن قول الله (عزّوجلّ) : (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) ؟
قال : الخير ان عَلِمت أنّ عنده مالاً((2)) .التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن العلا وحمّاد ، عن حريز جميعاً ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال : سألته عن قول الله (عزّوجلّ) ... وذكر مثله إلى قوله : اضمرت عليه فأعطه((3)) .
من لا يحضره الفقيه : (القاسم بن سليمان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام)) قال : وسألته عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) ؟
قال : سمعت أبي (عليه السّلام) يقول : لا يكاتبه على الذي أراد أن
ص: 368
يُكاتبه ثمّ يزيد عليه ، ثمّ يضع عنه ولكنّه يضع عنه ممّا نوى أن يكاتبه عليه((1)) .
مجمع البيان : في الشواذ قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير : من بعد إكراههن لهن غفورٌ رحيم ، وروي ذلك عن أبي عبدالله (عليه السّلام)((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَة الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَارَكَة زَيْتُونَة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُور يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الاَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ * فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالاْصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالاَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ
ص: 369
بِغَيْرِ حِسَاب * وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَاب بِقِيعَة يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ* أَوْ كَظُلُمَات فِي بَحْر لُّجِّيّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّور) (35 - 40) .
الكافي : علي بن محمد ، ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمّون ، عن عبدالله بن عبد الرحمن الاصمّ ، عن عبدالله بن القاسم ، عن صالح بن سهل الهمداني قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : في قول الله تعالى : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة) فاطمة (فِيهَا مِصْبَاحٌ) الحسن (الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَة)الحسين (الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) فاطمة كوكب درِّي بين نساء أهل الدُّنيا (يُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَارَكَة) ابراهيم (زَيْتُونَة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة) لا يهوديَّة ولا نصرانيَّة (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) يكاد العلم ينفجر بها (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُور)إمام منها بعد إمام (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ) يهدي الله للأئمّة من يشاء (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الاَمْثَالَ لِلنَّاسِ) .
ص: 370
قلت : (أَوْ كَظُلُمَات) ؟
قال : الأوّل وصاحبه (يَغْشَاهُ مَوْجٌ) الثالث (مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ)ظلمات الثاني (بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض) معاوية وفتن بني أُميّة (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ) المؤمن في ظُلمة فتنتهم (لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً) إماماً من وُلد فاطمة (فَمَا لَهُ مِن نُّور) إمام يوم القيامة ... إلى آخر الحديث((1)) .
تفسير القمي : حدثنا محمد بن همام قال : حدثنا جعفر بن محمد قال : حدثنا محمد بن الحسن الصايغ قال : حدثنا الحسن بن علي ، عن صالح بن سهل الهمداني قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول في قول الله (عزّوجلّ) : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة)المشكاة :
فاطمة (فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ) الحسن والحسين(فِي زُجَاجَة الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) كأن فاطمة كوكب درّي بين نساء أهل الأرض (يُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَارَكَة)يوقد من ابراهيم (لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة) يعني لا يهوديَّة ولا نصرانيَّة (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) يكاد العلم يتفجّر منها (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُور) إمام منها بعد إمام (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ) يهدي الله للأئمّة من يَشاء أن يُدخِله في نور ولايتهم مُخلصاً (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الاَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْء
ص: 371
عَلِيمٌ)((1)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العبّاس : حدّثنا العبّاس بن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزيّات قال : حدثنا أبي ، عن موسى ابن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم بإسناده إلى صالح بن سهل الهمداني قال : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : في قول الله (عزّوجلّ) : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة فِيهَا مِصْبَاحٌ) قال : الحسن (الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَة) الحسين (الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) فاطمة كوكب درِّيٌّ بين نساء أهل الجنّة (يُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَارَكَة) ابراهيم (زَيْتُونَة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة) لا يهوديّة ولا نصرانيّة (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) أي يكاد العلم ينفجر منها (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُور)إمام منها بعد إمام (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ) يهدي الله للائمّة من يَشاء (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الاَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ)((2)) .
تفسير فرات الكوفي : قال : حدّثني جعفر بن محمد الفزاري معنعناً ، عن أبي عبدالله في قوله : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة فِيهَا مِصْبَاحٌ) الحسن مصباح ، والحسين في زجاجة (كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) فاطمة كوكب درِّي من نساء العالمين (يُوقَدُ مِن شَجَرَة
ص: 372
مُّبَارَكَة)ابراهيم (لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة) يعني : لا يهودية ولا نصرانية (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ) يكاد العلم ينبع منها((1)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا جعفر بن محمد الحسني ، عن ادريس بن زياد الحنّاط ، عن أبي عبدالله أحمد بن عبدالله الخراساني ، عن يزيد بن ابراهيم ، عن أبي حبيب النباجي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) ، عنأبيه ، عن علي بن الحسين (عليهما السّلام) انّه قال : مَثَلنا في كتاب الله كمَثَل مشكاة ، فنحن المشكاة ، والمشكاة : الكوّة (فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَة) محمد (صلى الله عليه وآله) كأنّه (كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَارَكَة) قال : علي (زَيْتُونَة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُور) القرآن (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ) يهدي لولايتنا من أحب((2)) .
التوحيد : حدثنا ابراهيم بن هارون الهيتي قال : حدّثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال : حدثنا الحسين بن أيّوب ، عن محمد بن غالب ، عن علي بن الحسين ، عن الحسن بن أيوب ، عن الحسين بن سليمان ، عن محمد بن مروان الذهلي ، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي
ص: 373
عبدالله الصادق (عليه السّلام) : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ) ؟
قال : كذلك الله (عزّوجلّ) .
قال : قلت : (مَثَلُ نُورِهِ) ؟
قال : محمد .
قلت : (كَمِشْكَاة) ؟
قال : صدر محمد .
قال : قلت : (فِيهَا مِصْبَاحٌ) ؟
قال : فيه نور العلم ، يعني النبوّة .
قلت : (الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَة) ؟
قال : عِلم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) صَدَر إلى قلب عليّ .
قلت : (كَأَنَّهَا) ؟
قال : لأيّ شيء تقرأ كأنّها ؟
فقلت : فكيف ، جعلت فداك ؟
قال : كأنّه كوكب درّي .
قلت : (يُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَارَكَة زَيْتُونَة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة) ؟قال : ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لا يهوديّ ولا نصرانيّ .
قلت : (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) ؟
قال : يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمّد من قبل أن
ص: 374
ينطق به .
قلت : (نُّورٌ عَلَى نُور) ؟
قال : الإمام في أثر الإمام((1)) .
التوحيد : روي عن الصادق (عليه السّلام) انّه سُئل عن قول الله (عزّوجلّ) : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاة فِيهَا مِصْبَاحٌ) ؟
فقال : هو مَثَل ضربَه الله لنا ، فالنبي والائمّة من دلالات الله وآياته التي يُهتدى بها إلى التوحيد ومصالح الدّين وشرايع الإسلام والفرائض والسنن ، ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم((2)) .
تفسير القمي : حدثنا حميد بن زياد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه
ص: 375
(عليهما السّلام) في هذه الآية : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ)
قال : بدأ بنور نفسه تعالى (مَثَلُ نُورِهِ) مَثل هداه في قلب المؤمن (كَمِشْكَاة فِيهَا مِصْبَاحٌ) المصباح والمشكاة : جوف المؤمن ، والقنديل : قلبه ، والمصباح : النور الذي جعَله الله في قلبه (يُوقَدُ مِن شَجَرَة مُّبَارَكَة) قال : الشجرة : المؤمن (زَيْتُونَة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة) قال : على سواء الجبل ، لا غربيَّة : أي لا شرق لها ، ولا شرقيَّة : أي لا غرب لها ، إذا طَلعت الشّمس طلَعت عليها وإذاغربت الشمس غربت عليها (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ)يكاد النُّور الذي جعله الله في قلبه يُضيء وان لم يتكلّم (نُّورٌ عَلَى نُور)فريضة على فريضة ، وسنّة على سنّة (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ)يهدي الله لفرائضه وسننه من يشاء (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الاَْمْثَالَ لِلنَّاسِ) فهذا مثَل ضربه الله للمؤمن ، قال : فالمؤمن يتقلّب في خمسة من النّور : مدخله نور ، ومخرجه نور ، وعِلمه نور ، وكلامه نور ، ومصيره يوم القيامة إلى الجنّة نور .
قلت لجعفر بن محمد (عليهما السّلام) : جعلت فداك يا سيدي إنّهم يقولون : مَثل نور الربّ ؟
قال : سبحان الله ليس لله مَثَل ، قال الله : (فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ
ص: 376
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن اسحاق بن جرير قال : سألتني إمرأة منّا أن أُدخلها على أبي عبدالله (عليه السّلام) فاستأذنتُ لها فأذن لها فدخلتْ ومعها مولاة لها فقالت له : يا أبا عبدالله قوله (تعالى) : (زَيْتُونَة لاَّ شَرْقِيَّة وَلاَ غَرْبِيَّة) ما عنى بهذا ؟
فقال لها : أيَّتها المرأة إنّ الله تعالى لم يضرب الأمثال للشجر] ة [ إنّما ضرب الأمثال لبني آدم ... الى آخر الحديث((3)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عليّ بن الحكم ، عن إسحاق بن جرير قال : سألتني امرأة أن استأذن لها على أبي عبدالله (عليه السّلام) فأذن لها ... وذكر مثله((4)) .
أمالي الصدوق : حدثنا علي بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي قال : حدثني أبي ، عن جدّه أحمد بن أبي عبدالله البرقي
ص: 377
قال : حدثني جعفر بن عبدالله النما (الناونجي) ، عن عبد الجبّار بن محمد ، عن داود الشعيري ، عن الرّبيع صاحب المنصور قال : بعث المنصور إلى الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) يستقدمه لشيء بلغه عنه (إلى أن قال :) فقال الصادق (عليه السّلام) : أنا فرع من فروع الزيتونة وقنديل من قناديل بيت النبوّة وأديب السَفَرة((1)) وربيب الكرام البررة ومصباح من مصابيح المشكاة الّتي فيها نور النّور وصفو الكلمة الباقية في عقب المصطفَين إلى يوم الحشر((2)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس : حدثنا محمد بن همّام ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عيسى بن داود قال : حدثنا الإمام موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالاْصَالِ) .
ص: 378
قال : بيوت آل محمد بيت علي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر (عليهم السّلام) .
قلت : (بِالْغُدُوِّ وَالاْصَالِ) ؟
قال : الصلاة في أوقاتها ] قال : [ ثمّ وصَفهم الله (عزّوجلّ) وقال : (رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِالْقُلُوبُ وَالاَْبْصَارُ) قال : هم الرجال لم يخلط الله معهم غيرهم ، ثمّ قال : (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ) قال : ما اختصهم به من المودّة والطاعة المفروضة ، وصيّر مأواهم الجنة (وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب)((1)) .
الكافي : حميد بن زياد ، عن أبي العباس عبيد الله بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري ، عن محمد بن زياد بيّاع السابري ، عن أبان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ) ؟
قال : هي بيوت النبي (صلّى الله عليه وآله)((2)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أبي
ص: 379
عبدالله (عليه السّلام) قال : - في حديث - (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِد)((1)) والتمسوا البيوت الّتي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه فإنّه أخبركم أنّهم (رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالاَْبْصَارُ)((2)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أسباط بن سالم قال : دخلت على أبي عبدالله (عليه السّلام) فسألنا عن عمر بن مسلم ما فعل ؟
فقلت : صالح ولكنّه قد ترك التجارة .
فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : عمل الشيطان - ثلاثاً - أما علم أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) اشترى عيراً أتت من الشام ، فاستفضل((3))فيها
ما قضى دَينه ، وقسّم في قرابته ؟! يقول الله (عزّوجلّ) : (رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ)إلى آخر الآية . يقول القصّاص : ان القوم لم يكونوا يتّجرون ، كذبوا ولكنّهم لم يكونوا يَدَعون الصلاة في
ص: 380
ميقاتها ، وهو أفضل ممّن حضر الصلاة ولم يتّجر((1)) .
أقول : قال العلاّمة المجلسي (طاب ثراه) : (قوله (عليه السلام) : « يقول القصَّاص » أي : المفسرون من العامّة ورواتهم ، وأشار (عليه السلام) الى أنهم كذّابون ، والمراد بالقوم أصحاب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولعلّهم - أي رواة العامة - كانوا يأوّلون الآية بترك التجارة ، لئلا تلهيهم عن الصلاة والذكر ، ولا يخفى بعده)((2)) .
من لا يحضره الفقيه : روي عن روح بن عبد الرّحيم ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ) .
قال : كانوا أصحاب تجارة فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وانطلقوا إلى الصلاة وهم أعظم أجراً ممّن لم يتّجر((3)) .
مجمع البيان : روي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام) أنّهم قوم إذا حضرت الصلاة ... وذكر مثله((4)) .
ص: 381
الاختصاص : عن سماعة قال : سأل رجل أبا حنيفة عن الشيء وعن لا شيء ، وعن الذي لا يقبل الله غيره ، فأخبر عن الشيء وعجز عن لا شيء .فقال : اذهب بهذه البغلة إلى امام الرّافضة فبعها منه بلا شيء واقبض الثمن فأخذ بعذارها((1)) وأتى بها أبا عبدالله (عليه السّلام) فقال له أبو عبدالله (عليه السّلام) : استأمر أبا حنيفة في بَيع هذه البغلة .
قال : قد أمرني ببيعها .
قال : بكم ؟
قال : بلا شيء .
قال له : ما تقول .
قال : الحقّ أقول .
فقال : قد اشتريتها منك بلا شيء . قال : وأمر غلامه أن يُدخله المربط .
قال : فبقي محمد بن الحسن ساعة ينتظر الثمن ، فلمّا أبطأه الثمن قال : جعلت فداك ، الثمن .
قال : الميعاد إذا كان الغداة ، فرجع إلى أبي حنيفة فأخبره ، فسرّ بذلك فرضيه منه ، فلمّا كان من الغد وافى أبو حنيفة ، فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : جئت لتقبِض ثمن البغلة لا شيء ؟
ص: 382
قال : نعم ولا شيء ثمنها ؟
قال : نعم فركب أبو عبدالله (عليه السّلام) البغلة ، وركب أبو حنيفة بعض الدّواب فتصحرا جميعاً ، فلمّا ارتفع النهار نظر أبو عبدالله (عليه السّلام) إلى السّراب يجري قد ارتفع كأنّه الماء الجاري ، فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : يا أبا حنيفة ماذا عند الميل((1)) كأنّه يجري ؟
قال : ذاك الماء يابن رسول الله فلمّا وافيا الميل وجَداه أمامَهُما فتباعد فقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : اقبض ثمن البغلة ، قال الله (تعالى) : (كَسَرَاب بِقِيعَة يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ) .
قال : فخرج أبو حنيفة إلى أصحابه كئيباً حزيناً فقالوا له : مالك يا أبا حنيفة ؟قال : ذهبت البَغلة هَدراً ، وكان قد أُعطي بالبغلة عشرة آلاف درهم((2)) .
تفسير القمي : حدثنا محمد بن همام ، عن (جعفر بن - ط) محمد ابن مالك ، عن محمد بن الحسين الصايغ ، عن الحسن بن علي ، عن صالح بن سهل قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول في قول الله :
ص: 383
(أَوْ كَظُلُمَات) فلان وفلان (فِي بَحْر لُّجِّيّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ) يعني نعثل (مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ) طلحة وزبير (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض) معاوية ويزيد وفتَن بني أمية (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ) في ظلمة فتنتهم((1)) (لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّور) يعني إماماً من ولد فاطمة (فَمَا لَهُ مِن نُّور) فما له من إمام يوم القيامة يمشي بنوره يعني كما في قوله : (يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم)((2)) قال : إنّما المؤمنون يوم القيامة نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتّى ينزلوا منازلهم من الجنان((3)) .
تأويل الآيات الظاهرة : عن محمد بن جمهور ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن الحكم بن حمران((4)) قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قوله (عزّوجلّ) : (أَوْ كَظُلُمَات فِي بَحْر لُّجِّيّ) .
قال : فلان وفلان (يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ) قال : أصحاب الجمل ، وصفين ، والنهروان (مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْض)
قال : بنو اُميّة (إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ) يعني أمير المؤمنين (عليه
ص: 384
السّلام) في ظلماتهم (لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا) أي إذا نطق بالحكمة بينهم ، لم يقبلها منه أحد إلاّ من أقرّ بولايته ثمّ بإمامته (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُمِن نُّور) أي من لم يجعل الله له إماماً في الدّنيا فما له في الآخرة من نور امام يُرشده ، ويتبعه الى الجنّة((1)) .
من لا يحضره الفقيه : روي عن أبي جميلة ، عن عبدالله بن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : اكتب للآبق في ورقة أو في قرطاس : « بسم الله الرحمن الرحيم يد فلان مغلولة إلى عنقه إذا أخرجها لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور » ثمّ لفّها ثمّ اجعلها بين عودين ثمّ ألقها في كوّة بيت مظلم في الموضع الّذي كان يأوي فيه((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّات كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) (41) .
ص: 385
الكافي : أبو عبدالله العاصمي ، عن علي بن الحسن الميثمي ، عن علي بن أسباط ، عن أبيه أسباط بن سالم ، عن سالم مولى أبان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ما من طير يصاد إلاّ بتركِه التسبيح ، وما من مال يُصاب إلاّ بتَرك الزكاة((1)) .
تفسير القمي : أخبرنا أحمد بن ادريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن علي الوشّا ، عن صديق ابن عبدالله ، عن اسحاق بنعمّار ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ما من طير يُصاد في البرّ ولا في البحر ولا يُصاد شيء من الوحش إلاّ بتضييعه التسبيح((2)) .
الكافي : أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحسن ، عن علي بن النعمان ، عن اسحاق قال : حدثني من سمع أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ما ضاع مال في بَرّ ولا بحر الاّ بتضييع الزكاة ، ولا يصاد من الطير الاّ ما ضيّع تسبيحه((3)) .
ص: 386
من لا يحضره الفقيه : قال الصادق (عليه السّلام) : ما ضاع مال في بَرّ ... وذكر مثله((1)) .
التوحيد : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا أحمد بن ادريس ، عن محمد بن أحمد ، عن السيّاري ، عن عبدالله بن حمّاد ، عن جميل بن درّاج قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) هل في السماء بحار ؟
قال : نعم أخبرَني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه (عليهم السّلام) قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إنّ في السماوات السّبع لبحاراً ، عمق أحدها مسيرة خمسمائة عام فيها ملائكة قيام منذ خلَقهم الله (عزّوجلّ) ، والماء إلى رُكَبهم ، ليس فيهم ملك إلاّ وله ألف وأربعمائة جناح ، في كلّ جناح أربعة وجوه ، في كلّ وجه أربعة ألسن ، ليس فيها جناح ولا وجه ، ولا لسان ، ولا فم إلاّ وهو يسبّح الله (عزّوجلّ) بتسبيح لا يشبه منه صاحبه((2)) .
ص: 387
التوحيد : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطّار (رضي الله عنه) قال : حدثنا أبي قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن اُورمة ، عن زياد القندي ، عن درست ، عن رجل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إنّ لله (تبارك وتعالى) ملكاً بُعد ما بين شَحمَةِ أُذنه إلى عنقه مسيرة خمسمائة عام خفَقان الطير((1)) .
التوحيد : حدثنا أبي (رحمه الله) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب ، عن عمرو بن مروان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : انّ لله (تبارك وتعالى) ملائكة ، أنصافهم من بَرَد وانصافهم من نار ، يقولون : يا مؤلِّفاً بين البَرَد والنار ، ثبّت قلوبَنا على طاعتك((2)) .
الخصال : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال : حدثنا سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمد الاصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث النخعي قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : ان حَمَلة العرش ثمانية ، لكلّ واحد منهم
ص: 388
ثَمانية أعين ، كلّ عين طباق الدُّنيا((1)) و((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَال فِيهَا مِن بَرَد فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالاَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لاُوْلِي الاَبْصَارِ)(43 و44) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : كان علي (عليه السّلام) يقوم في المطر أوّل ما يمطر حتّى يبتلّ رأسه ولحيته وثيابه ، فقيل له : يا أمير المؤمنين الكنَّ الكنَّ .
فقال : إنّ هذا ماء قريب عهد بالعرش ، ثمّ أنشأ يُحدّث ، فقال : انّ تحت العرش بحراً فيه ماء ، ينبت أرزاق الحيوانات ، فإذا أراد الله (عزّ ذكره) أن ينبت به ما يشاء لهم رحمة منه لهم أوحى الله اليه فمطر ما شاء
ص: 389
من سماء الى سماء حتّى يصير إلى سماء الدُّنيا - فيما أظنُّ((1)) - فيلقيه إلى السَّحاب والسَّحاب بمنزلة الغربال ، ثمّ يوحى الله إلى الرّيح : أن أطحنيه وأذيبيه ذوبان الماء ، ثمّ انطلقي به إلى موضع كذا وكذا فأمطري عليهم فيكون كذا وكذا عباباً وغير ذلك ، فتقطر عليهم على النحو الذي يأمرها به ، فليس من قطرة تقطر إلاّ ومعها ملك حتّى يضعها موضعها ، ولم ينزل من السماء قطرة من مطر إلاّ بعدد معدود ووزن معلوم ، إلاّ ما كان من يوم الطوفان على عهد نوح ، فانّه نزَل ماء منهمر ، بلا وزن ولا عدد .
قال : وحدَّثني أبو عبدالله (عليه السّلام) قال : قال لي أبي (عليه السّلام) : قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : انّ الله (عزّوجلّ) جعل السحاب غرابيل للمطر هي تذيب البَرَد ، حتى يصير ماءاً لكي لا يضرّ به شيئاً يصيبه ، الذي ترون فيه من البَرد والصواعق نقمة من الله (عزّوجلّ) يصيب بها من يشاء من عباده ، ثمّ قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : لا تشيروا إلى المطر ، ولا إلى الهلال فإنّ الله يكره ذلك((2)) .
قرب الاسناد : هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه (عليهما السّلام) قال : كان علي (عليه السّلام) ... وذكر نحوه((3)) .
ص: 390
الكافي : محمد بن يحيى ، عن عمران بن موسى ، عن علي بن أسباط ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : البَرَد((1)) لا يؤكل لأنّ الله (عزّوجلّ) يقول : (فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ)((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّة مِّن مَّاء فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَع يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ * لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَات مُّبَيِّنَات وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاط مُّسْتَقِيم) (45 و46) .
تفسير القمي : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ومنهم من يمشي على أكثر من ذلك((3)) .
* * * * *
ص: 391
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (47 - 53) .
تفسير القمي : قوله : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا) إلى قوله : (وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) فانّه حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) والثالث ، وذلك انّه كان بينهما منازعة في حديقة ، فقال أمير المؤمنين : نرضى برسول الله (صلّى الله عليه وآله) .
فقال عبد الرحمن بن عوف له : لا تُحاكمه إلى رسول الله فانّه يحكم له عليك ، ولكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي .
فقال عثمان لأمير المؤمنين : لا أرضى إلاّ بابن شيبة اليهودي .
ص: 392
فقال ابن شيبة له : تأتمنون محمداً (رسول الله - خ ل) على وحي السماء ، وتتّهمونه في الأحكام ؟! فأنزل الله على رسوله (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) إلى قوله : (أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ثمّ ذكر أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) إلى قوله : (فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)((1)) .
كمال الدين : حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) قال : حدثنا محمد بن يحيى العطّار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن صفوان بن يحيى ، عن مندل ، عن بكّار بن أبي بكر ، عن عبدالله بن عجلان قال : ذكرنا خروج القائم عند أبي عبدالله (عليه السّلام) فقلت له : كيف لنا أن نعلم ذلك ؟
فقال : يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب : (طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ)((2)) .
* * * * *
ص: 393
قوله تعالى : (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) (54) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : حدثنا محمد بن همام ، عن محمد بن اسماعيل العلوي ، عن عيسى بن داود النجّار ، عن الامام أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه (عليهما السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ) من السمع ، والطاعة ، والأمانة ، والصّبر (وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ) من العهود التي أخذها الله عليكم في علي (عليه السّلام) وما بيّن لكم في القرآن من فَرْض طاعته . فقوله تعالى : (وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) أي : وان تُطيعوا عليّاً تهتدوا (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) هكذا نزلت((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
ص: 394
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الاَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَي-ُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (55) .
غيبة النعماني : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال : حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي أبو الحسن من كتابه قال : حدثنا اسماعيل بن مهران قال : حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ووهيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في معنى قوله (عزّوجلّ) : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الاَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَي-ُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) .
قال : نزلت في القائم وأصحابه((1)) .
تأويل الآيات الظاهرة : قال محمد بن العباس (رحمه الله) : روى الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الوشّا ، عن عبدالله بن سنان
ص: 395
قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (عزّوجلّ) : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الاَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) ؟
قال : نزلت في علي بن أبي طالب والائمّة من ولده (وَلَي-ُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) قال : عنى به ظهور القائم (عليه السّلام)((1)) .
الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن الوشّاء ، عن عبدالله بن سنان قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول الله (جلّ جلاله) : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الاَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) ؟
قال : هم الائمّة((2)) .
مجمع البيان : روى العياشي باسناده عن علي بن الحسين (عليه السّلام) أنّه قرأ الآية وقال : هم والله شيعتنا أهل البيت يفعل الله ذلك بهم
ص: 396
على يدي رجل منّا وهو مهدي هذه الأمّة ، وهو الذي قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : لو لم يبقَ من الدُّنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يلي رجل من عترتي اسمه إسمي يملأ الأرض عدلاًوقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً . وروي مثل ذلك عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((1)) .
غيبة النعماني : محمد بن همام قال : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي قال : حدثني محمد بن أحمد ، عن محمد بن سنان ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ (تبارك وتعالى) ملَكاً إلى السماء الدنيا ، فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور ونصب لمحمد وعلي والحسن والحسين منابر من نور ، فيصعدون عليها وتجمع لهم الملائكة والنبيون والمؤمنون ، وتفتح أبواب السماء ، فإذا زالت الشمس قال رسول الله : يا ربّ ميعادك الذي وعدتَ به في كتابك ، وهو هذه الآية : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
ص: 397
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الاَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) الآية ثمّ يقول الملائكة والنبيون مثل ذلك ، ثمّ يخرّ محمد وعلي والحسن والحسين سُجّداً ، ثمّ يقولون : يا ربّ اغضب فإنّه قد هُتك حريمك ، وقُتل أصفياؤك ، وأُذِلَّ عبادك الصالحون ، فيفعل الله ما يشاء وذلك يوم معلوم((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّات مِّن قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ ثَلاَثُ عَوْرَات لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْض كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الاْيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الاَْطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَفَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (58 و59) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن خلف بن حمّاد ، عن ربعي بن عبدالله ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي
ص: 398
عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّات) قيل : من هم ؟
قال : هم المملوكون من الرجال والنساء والصبيان الذين لم يَبلُغوا ، يستأذنون عليكم عند هذه الثلاث العورات : من بعد صلاة العشاء وهي العتمة ، وحين تضَعون ثيابكم من الظهيرة ومن قبل صلاة الفَجر ويدخل مملوككم [وغلمانكم] - من بعد هذه الثلاث عورات - بغير اذن إن شاؤوا((1)) .
مجمع البيان : في قوله (تعالى) : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) معناه : مُروا عبيدكم وامائكم أن يستأذِنوا عليكم إذا أرادوا الدخول إلى مواضع خلواتكم ، عن ابن عباس . وقيل : أراد العبيد خاصّة ، عن ابن عمر ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السّلام)((2)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد جميعاً ، عن النّضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جرّاح
ص: 399
المدائني ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : ليستأذن الذين ملكت أيمانكم ، والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّات ، كما أمركم الله (عزّوجلّ) ومن بلَغ الحلم فلا يلج على أمّه ولا على اخته ولا على خالته ولا على سوى ذلك إلاّ بإذن ، فلا تأذنوا حتّى يسلّم والسّلام طاعة لله (عزّوجلّ) .قال : وقال أبو عبدالله (عليه السّلام) : ليستأذن عليك خادِمُك إذا بلغ الحلم في ثلاث عورات ، إذا دخل في شيء منهن ولو كان بيته في بيتك قال : وليستأذن عليك بعد العشاء التي تسمّى العتمة ، وحين تصبح وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، إنّما أمر الله (عزّوجلّ) بذلك للخلوة ، فإنّها ساعة غِرّة((1)) وخلوة((2)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) .
قال : هي خاصّة في الرجال دون النساء .
قلت : فالنساء يستأذن في هذه الثلاث ساعات ؟
قال : لا ، ولكن يدخلن ويخرجن (وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ
ص: 400
مِنكُمْ) قال : من أنفسكم قال : عليكم استيذان كاستيذان من قد بلَغ في هذه الثلاث ساعات((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَات بِزِينَة وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (60) .
مجمع البيان : قرأ أبو جعفر وأبو عبدالله (عليهما السّلام) : يضعن من ثيابهنّ((2)) .الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد ابن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : القواعد من النساء ليس عليهن جناح أن يضَعن ثيابَهنّ ، قال : تضَع الجِلباب وحده((3)) .
التهذيب : الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن القواعد من
ص: 401
النساء ، ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن ؟
فقال : الجلباب الاّ أن تكون أمة فليس عليها جناح أن تضع خمارها((1)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ابن عبدالله ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قرأ : (أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) .
قال : الجلباب والخمار إذا كانت المرأة مُسنّة((2)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) أنّه قرأ (أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) .
قال : الخِمار والجلباب .
قلت : بين يدي من كان ؟
فقال : بين يدي من كان ، غير متبرّجة بزينة ، فإن لم تفعَل فهو خير لها ، والزينة التي يبدين لهنّ شيء في الآية الأُخرى((3)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن
ص: 402
الجاموراني ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن عمرو بن جبير العزرمي ، عن أبي عبدالله (عليهالسّلام) قال : جاءت امرأة إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) فسألته عن حقّ الزوج على المرأة فخبّرها ثمّ قالت : فما حقّها عليه ؟
قال : يكسوها من العري ، ويُطعمها من الجوع ، وإن أذنبت غفر لها .
فقالت : فليس لها عليه شيء غير هذا ؟
قال : لا .
قالت : لا والله ، لا تزوّجتُ أبداً ، ثمّ ولّت .
فقال النبي (صلّى الله عليه وآله) : ارجعي فرجعت فقال : انّ الله (عزّوجلّ) يقول : (وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ)((1)) .
* * * * *
قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الاَْعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الاَْعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاَتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً
ص: 403
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الاْيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون) (61) .
الكافي : أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبّار ، عن صفوان ابن يحيى ، عن عبدالله بن مسكان ، عن محمد الحلبي قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن هذه الآية (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا)(مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ) إلى آخر الآية .
قلت : ما يعني بقوله : (أَوْ صَدِيقِكُمْ) ؟
قال : هو والله الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل بغير اذنه((1)) .المحاسن : البرقي ، عن ابن سنان ، وصفوان بن يحيى ، عن عبدالله ابن سنان أو ابن مسكان ، عن محمد الحلبي مثله((2)) .
مجمع البيان : قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : لهو والله الرجل ... وذكر مثله((3)) .
الكافي : علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (أَوْ مَا مَلَكْتُم
ص: 404
مَّفَاتِحَهُ) .
قال : الرّجل يكون له وكيل يقوم في ماله ، فيأكُل بغير إذنه((1)) .
المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله تعالى ... وذكر مثله((2)) .
المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حسين بن المختار ، عن أبي أسامة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ) : (لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ) الآية .
قال : باذن وبغير اذن((3)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) في قول الله (عزّوجلّ) : (أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ) .
قال : هؤلاء الذين سمّى الله (عزّوجلّ) في هذه الآية تأكل بغير إذنهم من التمر والمأدوم وكذلك تُطعم المرأة من منزل زوجها بغير اذنه فأمّا ما خلا ذلك من الطّعام فلا((4)) .
المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن موسى بن
ص: 405
بكر ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) نحوه((1)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن عبدالله بن بكير ، عن زرارة قال : سألت أحدهما (عليهما السّلام) عن هذه الآية (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا)(مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ) الآية ؟
قال : ليس عليك جناح فيما طعمت أو أكلت ممّا ملكت مفاتحه ما لم تُفسِده((2)) و((3)) .
المحاسن : البرقي ، عن أبيه ، عن القاسم بن عروة ، عن عبدالله بن بكير مثله((4)) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ابن أبي نصر ، عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) قال : للمرأة أن تأكل وأن تتصدّق((5)) ، وللصديق أن يأكل في منزل أخيه ويتصدّق((6)) و((7)) .
ص: 406
المحاسن : البرقي ، عن أحمد بن محمد ، عن جميل ، عن أبي عبدالله (عليه السّلام) مثله((1)) .
مجمع البيان : في قوله تعالى : (فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ) قال أبو عبدالله (عليه السّلام) : هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ، ثمّ يَردّون عليه ، فهو سلامكم على أنفسكم((2)) .
* * * * *
قوله تعالى : (لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (63) .
الكافي : عدّة من أصحابنا ، عن سهل ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن يونس ، عن عبد الأعلى قال : سألت أبا عبدالله (عليه السّلام) عن قول
ص: 407
الله (عزّوجلّ) : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ؟
قال : فتنة في دينه ، أو جراحة لا يأجره الله عليها((1)) .
الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن حسان [عن] أبي علي قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السّلام) يقول : لا تذكروا سرّنا بخلاف علانيتنا ، ولا علانيتنا بخلاف سرّنا ، حسبكم أن تقولوا ما نقول ، وتصمتوا عمّا نصمُت ، إنّكم قد رأيتم أنّ الله (عزّوجلّ) لم يجعل لأحد من الناس في خلافنا خيراً ، أنّالله (عزّوجلّ) يقول : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)((2)) .
مناقب آل أبي طالب : القاضي أبو محمد الكرخي في كتابه عن
ص: 408
الصادق (عليه السّلام) قالت فاطمة (عليها السّلام) : لمّا نزلت (لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضاً) هبت رسول الله أن أقول له : يا أبه فكنت أقول : يا رسول الله ، فأعرض عنّي مرّة واثنتين أو ثلاثاً ثمّ أقبل عليّ فقال : يا فاطمة إنّها لم تنزل فيك ولا في أهلك ولا في نسلك أنت منّي وأنا منك ، إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش ، أصحاب البذخ((1)) والكبر ، قولي : يا أبه فإنّها أحيى للقلب وأرضى للربّ((2)) .
ص: 409
أيُّها القارئ الكريم : لقد وصلنا - بحمد الله وفضله - إلى نهاية الجزء الثاني والخمسين من موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) والجزء التاسع من تفسير القرآن الكريم المروي عنه (عليه السّلام) .
والى اللقاء في الجزء الثالث والخمسين والجزء العاشر من التفسير حيث يحتوي على تفسير سورة الفرقان - الى - سورة سبأ حَسَب ما روي عن الامام جعفر الصادق (عليه السّلام) .
نسأل الله تعالى أن يتقبَّل منّا بفضله وكرمه ويوفّقنا لمواصلة الطريق حتى الشوط الأخير .. إنه وليُّ التوفيق وهو المستعان ..
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيدنا محمّد وآله المعصومين .
محمّد كاظم الق-زويني
قم المقدَّسة - ايران
ص: 410
ديباجة الكتاب 3
المقدّمة 5
سورة طه
باب (1) ثواب قراءة سورة طه 7
باب (2) فائدة كتابة سورة طه 8
باب (3) اسماء النبي محمّد في القرآن 8
باب (4) تأويل « طه » 10
باب (5) النبي يُجهد نفسَه في العبادة 11
باب (6) حكم الصلاة قاعداً ومتوكّئاً 12
باب (7) معنى « الرحمن على العرش استوى » 13
باب (8) عظمة الكون 18
ص: 411
باب (9) تنزيه الله عن الجسميَّة والحدوث 19
باب (10) خَلق الأرض وما تستقرُّ عليه 21
باب (11) « معنى السِّرّ وأخفى » 24
باب (12) معنى « فاخلع نعليك » 25
باب (13) إخفاء السّاعة 27باب (14) من أين جاءت عصا موسى ؟ 27
باب (15) مواريث النبي موسى عند آل محمّد 28
باب (16) الامام علي خليفة رسول الله وَوزيرُه 29
باب (17) استحباب الرجاء بالأفضل 31
باب (18) اقتران اسم محمّد باسم الله عزّوجلّ 31
باب (19) استحباب القول الحسن في الأمر بالمعروف 32
باب (20) المخلوقات تعرف الذكر من الأُنثى 33
باب (21) الأئمّة على منهاج رسول الله 34
باب (22) الحكمة في وجوب غُسل الميّت 37
باب (23) يُدفن الانسان في التربة التي خُلق منها 38
باب (24) لماذا خاف النبي موسى ؟ 39
باب (25) توسُّل الأنبياء بمحمد وآل محمّد 40
ص: 412
باب (26) نَيل الدرجات بمحمد وآل محمّد 42
باب (27) النبي محمّد أفضل من موسى 43
باب (28) شروط قبول الأعمال 44
باب (29) المغفرة لمن اهتدى الى الولاية 45
باب (30) بعض ما جرى بين موسى وهارون 47
باب (31) مِن آثار السِّخاء 49
باب (32) الامام علي : الداعي مِن قبَل الله 50
باب (33) الشفاعة لمن اطاع آل محمّد 51
باب (34) آيات قرآنيّة للكفاية من شرّ السلطان 51
باب (35) معراج أرواح الأنبياء والأوصياء 52
باب (36) الزيادة في علم آل محمّد 54
باب (37) الكلمات التي عهدها الله الى آدم 54
باب (38) الحكمة في غَسل الأعضاء في الوضوء 56
باب (39) هدى الله متابعة محمّد وآل محمّد 57
باب (40) الولاية ذِكر الله تعالى 58
باب (41) عقاب مَن ترك الحج مع الاستطاعة 61
باب (42) حالة النواصب في الرجعة 62
ص: 413
باب (43) الذِّكر المستحب قبل الطلوع وقبل الغروب 64
باب (44) وصيَّة رائعة للامام الصادق 65
باب (45) من وصايا الرسول الاعظم 67
باب (46) أصحاب الصِّراط السَّويّ 69
سورة الأنبياء
باب (1) ثواب قراءة سورة الأنبياء 71
باب (2) فائدة كتابة سورة الأنبياء 72
باب (3) الذين ظلموا آل محمّد 72
باب (4) ما يأكله الناس يوم القيامة 73
باب (5) عاقبة الظالمين حين قيام الامام المهدي 74
باب (6) كذبوا على رسول الله 75
باب (7) الحق يغلب الباطل 75
باب (8) معرفة الحق من الباطل 76
باب (9) الملائكة عباد مُكرَمون 77
باب (10) الملائكة ينامون 78
باب (11) الدليل على وحدانيَّة الله 79
ص: 414
باب (12) الذِّكر السابق واللاّحق 83
باب (13) تنزيه الأئمة عن الربوبيَّة 83
باب (14) الشفاعة لأهل الكبائر 84
باب (15) بداية خلق الكون 86
باب (16) فضل رسول الإسلام على الأنبياء 89
باب (17) ما هو طعم الماء ؟ 90
باب (18) لا شفاء في الحرام 91
باب (19) الاختبار الالهي بالصّحة والمرض 92
باب (20) النهي عن العَجلة 93
باب (21) موت العالِم نقصان الأرض 94
باب (22) ما هي مَوازين يوم القيامة ؟ 95
باب (23) ميزان الأعمال 96
باب (24) معنى قوله : « أتينا بها » 96
باب (25) أفضليّة رسول الإسلام على ابراهيم 97
باب (26) التورية ليست من الكذب 98
باب (27) جواز الكذب في الاصلاح 100
باب (28) قصَّة رمي ابراهيم في النار 101
ص: 415
باب (29) هكذا صارت النار برداً وسلاماً 106
باب (30) عدم تأثير السُّم في رسول الله 107
باب (31) توسُّل ابراهيم الخليل بالنبي وآله 108
باب (32) الخطاب الالهي للنار 109
باب (33) قميص الجنة للنبي ابراهيم 109
باب (34) وَلد الولد نافلة 110
باب (35) الائمة في القرآن إ مامان 111
باب (36) حكم داود وسليمان 112
باب (37) حكم ما تفسده الأنعام الثلاثة 115
باب (38) تعيين الخليفة من الله تعالى 116
باب (39) الرسول الاعظم أفضل من داود 118
باب (40) من قصص النبي داود 120
باب (41) من قصص النبي أيّوب 121
باب (42) آية قرآنيّة لمن أراد الذرّيَّة 127
باب (43) دعاءٌ نبوي عظيم 129
باب (44) علَّة ابتلاء النبي يونس 130
باب (45) أربعٌ لأربع 132
ص: 416
باب (46) عبادة الناس على ثلاثة وجوه 134
باب (47) كيفية رفع اليد نحو السماء عند الرغبة والرَّهبة 135
باب (48) لمن تكون الرَّجعة ؟ 136
باب (49) عبّاد الشمس والقمر في النار 138
باب (50) الشيعة هم الآمنون يوم القيامة 138
باب (51) من فضائل أمير المؤمنين وشيعته 140
باب (52) كلُّ ما يُعبد من دون الله في جهنم 142
باب (53) ثواب من كسا أخاه كسوة 143
باب (54) عظمة السيدة فاطمة في القيامة 144
باب (55) ما هو الزبور والذِّكر ؟ 145
باب (56) وجوب التسليم للامام علي 146
سورة الحج
باب (1) ثواب من قرأ سورة الحج 147
باب (2) فائدة كتابة سورة الحج 148
باب (3) المَلَك الموكّل بوقوع الزلازل 148
باب (4) حكم المطلّقة الحبلى 150
ص: 417
باب (5) سنُّ الرُّشد وانقطاع اليُتم 150
باب (6) أرذل العُمر 151
باب (7) كيفيَّة الموت للمؤمن والكافر 151
باب (8) هكذا يُبعث الموتى 152
باب (9) الأمطار الغزيرة قبل يوم القيامة 153
باب (10) الذي يَعبد الله على حرف 154
باب (11) الوعْد الالهي بنصر محمد بعلي 155
باب (12) سجود الشمس لله تعالى كلَّ يوم 156
باب (13) المقدَّرات تابعة لمشيئة الله 158
باب (14) قصة الشاب الخائف من الله 159
باب (15) موعظة لمن يعاني من قسوة القلب 160
باب (16) قوم ليسوا مؤمنين ولا كافرين 162
باب (17) عقاب من مات وفي بطنه شيء من الخمر 163
باب (18) حديث جميل عن نِعم الجنَّة 164
باب (19) الذين هُدوا الى الطيِّب من القول 166
باب (20) فرعون هذه الاُمَّة 167
باب (21) الحُجّاج ضيوف على أهل مكة 168
ص: 418
باب (22) لاحرمة لمَن أَلحد في المسجد الحرام 170
باب (23) حجُّ التمتع لغير أهل مكة 173
باب (24) الصلاة لأهل مكة أفضل من الطواف 174
باب (25) استحباب التطهُّر قبل دخول مكة 175
باب (26) عذاب مَن نوى السوء بمن في الحرم 176
باب (27) قراءة الامام الصادق لهذه الآية 178
باب (28) بناء الكعبة على يد الخليل 179
باب (29) قصّة مقام ابراهيم 180
باب (30) هكذا حجَّ رسولُ الله 182
باب (31) العلَّة في وجوب التلبية 189
باب (32) الدعوة الابراهيميَّة للحج 190
باب (33) ذِكر الله تعالى في الحج 191
باب (34) من منافع الحج 191
باب (35) الأيّام المعلومات 193
باب (36) من هو البائس الفقير ؟ 195
باب (37) قضاء التَّفث في الحج 196
باب (38) تأويل آية التَّفث 200
ص: 419
باب (39) لزوم الولاية الى جانب الحج 202
باب (40) وجوب طواف النساء 203
باب (41) مِن سُنن عبد المطَّلب 203
باب (42) ما معنى البيت العتيق ؟ 204
باب (43) وجوب تعظيم حُرمات الله تعالى 207
باب (44) تحريم الشطرنج والغناء 207
باب (45) تعظيم شعائر الله 210
باب (46) المنافع الجائزة من الهَدي 211
باب (47) البشارة للمخبتين 212
باب (48) كيفيّة نحر الإبل 213
باب (49) إطعام القانع والمعترّ 214
باب (50) ثواب الأُضحية 219
باب (51) الدفاع الالهي عن أهل البيت 220
باب (52) شروط الجهاد والدعوة الى الله 221
باب (53) آل محمّد : المظلومون 227
باب (54) تأويل البئر المعطَّلة والقصر المشيد 232
باب (55) ضرورة متابعة الرسول وآله 235
ص: 420
باب (56) للشيعة عيون أربعة 236
باب (57) موعظة نبويَّة 236
باب (58) معنى الأحقاب 237
باب (59) عذاب الذين قطعوا مودَّة آل محمّد 238
باب (60) الرسول في ضيافة أحد الأنصار 239
باب (61) الرسول والنبي والمحدَّث 240
باب (62) الأئمة مُحدَّثون 243
باب (63) كان الامام علي مُحدَّثاً 244
باب (64) سادة الأنبياء 245
باب (65) أخْذ الميثاق من الانبياء على الولاية 246
باب (66) ممّا نزل في أمير المؤمنين 247
باب (67) عظمة الائمة الاثني عشر 248
باب (68) النبي يوصي بالتمسّك بالوصيّ 249
باب (69) سخط النواصب ممّا نزل في أمير المؤمنين 251
باب (70) النهي عن التوسُّل بالأصنام 253
باب (71) ضلالة من خالف أمير المؤمنين 254
باب (72) حدُّ الركوع والسجود 255
ص: 421
باب (73) فريضة السجود 256
باب (74) الزُّهد في الدنيا 257
باب (75) الاعتصام بالامام علي 257
باب (76) ثلاث خصال خصَّ الله بها هذه الاُمَّة 258
باب (77) الجهاد على أربعة وجوه 259
باب (78) حكم الماء اذا ادخل الجُنب فيه إصبعه 260
باب (79) حكم الوضوء من الغدير في الصحراء 261
باب (80) جواز المسح على الاصبع الملفوف 262
باب (81) الائمة شهداء على الناس 263
سورة المؤمنونباب (1) ثواب قراءة سورة المؤمنون 264
باب (2) فائدة كتابة سورة المؤمنون 264
باب (3) قصَّة ولادة الامام علي في الكعبة 265
باب (4) الجنَّة تتكلَّم 272
باب (5) من هم المؤمنون ؟ 272
باب (6) لزوم الخشوع في الصلاة 274
ص: 422
باب (7) سادات المؤمنين 274
باب (8) الإعراض عن اللّغو من صفات المؤمنين 275
باب (9) مانع الزكاة ليس بمسلم 275
باب (10) زواج المتعة حلال 276
باب (11) وَرثة الفردوس 277
باب (12) دية الجنين 278
باب (13) سهام المواريث ستة 282
باب (14) الماء الذي ينزل من السماء 282
باب (15) حدُّ الشكر 283
باب (16) دعاء النزول في منزل 284
باب (17) النبي عيسى واُمّه حُجّة 285
باب (18) الرَّبوة والمَعين 285
باب (19) الرزق الطيّب 286
باب (20) الائمة خزّان عِلم الله 287
باب (21) الامتحان الالهي للمؤمن 288
باب (22) مِن سِمات الأئمة الطاهرين 289
باب (23) الولاية شرط قبول الأعمال 290
ص: 423
باب (24) المؤمن بين الخوف والرجاء 294
باب (25) الاستطاعة شرط التكليف 297
باب (26) العذاب بعد إقامة الحجَّة 300
باب (27) لا جبر ولا تفويض 301
باب (28) رُفع عن اُمّة رسول الله تسعة أشياء 302
باب (29) العادلون عن الولاية ناكبون 303
باب (30) الائمة أبواب الله 304
باب (31) معنى الاستكانة والتضرّع 304
باب (32) معنى الغيب والشهادة 305
باب (33) من أَخلاق رسول الله وأمير المؤمنين 306
باب (34) الوصي يشبه النبي 307
باب (35) الحسنة دفعتْ عنه السيئة 308
باب (36) مانع الزكاة يسأل الرجعة عند الموت 309
باب (37) حال الكافر حين موته 310
باب (38) عذاب مانع الزكاة 311
باب (39) العذاب في البرزخ والشفاعة في القيامة 312
باب (40) الميزان بالأعمال لا بالحسَبَ والنَسَب 313
ص: 424
باب (41) آل محمّد هم المفلحون 314
باب (42) معنى الميزان 314
باب (43) المكذِّبون بالولاية 315
باب (44) الأعمال توجب الشقاء 316
باب (45) الهدف من خلقة الخَلق 316
باب (46) خُلقتم للبقاء لا للفناء 317
سورة النور
باب (1) ثواب قراءة سورة النور 318
باب (2) علّموا نساءكم سورة النور 319
باب (3) فائدة كتابة سورة النور 319
باب (4) استخدام الشِدّة في اقامة الحدّ 320
باب (5) حدُّ العبد الزاني 320
باب (6) النهي عن نكاح الزاني والزانية الاّ بعد التوبة 321
باب (7) حدّ القذف بالزنا 323
باب (8) حكم من افترى على جماعة 324
باب (9) حكم من افترى على مسلم 326
ص: 425
باب (10) حكم من قذف محصنة 327
باب (11) حدّ العبد المفتري على الحُرّ 327
باب (12) حكم من قذف صغيرة 330
باب (13) حكم شهادة القاذف التائب 330
باب (14) حكم شهود الزُّور 331
باب (15) كيف يتوب القاذف ؟ 332
باب (16) حكم من قذف إمرأته بالزنا 332
باب (17) كيف يلاعن الرجل إمرأته ؟ 334
باب (18) حكم من اكذب نفسه قبل اللِّعان 338باب (19) حكم من أَقرَّ بالزنا 338
باب (20) حكم من أقرَّ بالزنا ثم تاب 341
باب (21) عقاب من يحبّ أن تشيع الفاحشة 341
باب (22) حرمة اذاعة الفاحشة 342
باب (23) عقاب من قال في مؤمن ما ليس فيه 343
باب (24) الفرق بين الغيبة والبهتان 343
باب (25) الشيعة هم الطيبون ونساؤهم الطيّبات 344
باب (26) لزوم السلام قبل الدخول في الدار 345
ص: 426
باب (27) الذين يلزم استئذانهم قبل الدخول 346
باب (28) عدم لزوم الاستيذان في الاماكن العامّة 347
باب (29) النهي عن النظر الى عورة الآخرين 348
باب (30) كلُّ عين باكية الاّ ثلاث 350
باب (31) ما يحلّ للرجل أن ينظر من المرأة 350
باب (32) ما يحلّ للعبد أن ينظر من مولاته 351
باب (33) ما هي الزينة الظاهرة ؟ 352
باب (34) مَن هم أُولوا الإربة من الرجال ؟ 353
باب (35) حكم النظر الى نساء أَهل الذمّة وغيرهنّ 355
باب (36) حكم النظر الى من يريد الزواج بها 356
باب (37) النهي عن أن تنكشف المسلمة بين يدي اليهودية والنصرانية 357
باب (38) مِن موجبات الرزق : الزواج 357
باب (39) قصّة الشّاب الأَنصاري 359
باب (40) من ترك الزواج خوف الفقر فقد أَساء الظن بالله 360
باب (41) أفضليّة صلاة المتزوّج على صلاة الأَعزب 361
باب (42) من تزوَّج فقد احرز نصف دينه 362
ص: 427
باب (43) الزواج يُغني الفقير 363
باب (44) استحباب التساهل مع المملوك المكاتَب 363
باب (45) مكاتبة العبيد مشروط بالدِّين والمال 365
باب (46) معنى « الخير » في هذه الآية 367
باب (47) لزوم الوفاء بما نوى عليه في المكاتبة 367
باب (48) قراءة هذه الآية 369
باب (49) أهل البيت في القرآن 370
باب (50) النبي وأهل بيته مصابيح الهدى 375
باب (51) تفسير آخر للآية 375
باب (52) الأمثال في القرآن 377
باب (53) الأَئمة فروع الزيتونة 377
باب (54) بيوت آل محمّد مرفوعة بإذن الله 378
باب (55) ترك التجارة من عمل الشيطان 380
باب (56) تقديم الصلاة على التجارة 381
باب (57) بين الامام الصادق وأبي حنيفة 381
باب (58) أعداء أهل البيت ظلمات بعضها فوق بعض 383
باب (59) لرجوع العبد الآبق 385
ص: 428
باب (60) ترك التسبيح يوقِع في البلاء 386
باب (61) من عجائب خلق الله في السماوات السبع 387
باب (62) مِن عظيم خَلق الملائكة 388باب (63) بداية تكوُّن المطر 389
باب (64) البَرَد ليس من المأكولات 391
باب (65) عجائب خلق الله 391
باب (66) نزاع بين أمير المؤمنين وعثمان بن عفّان 392
باب (67) من علائم ظهور القائم المهدي 393
باب (68) الهداية في طاعة الإمام أمير المؤمنين 394
باب (69) الائمة خلفاء الله في الأرض 395
باب (70) ظهور الامام المهدي أمرٌ محتوم 396
باب (71) منابر من نور للخمسة الطاهرين 397
باب (72) الاوقات الثلاثة للاستئذان 398
باب (73) حجاب القواعد من النساء 401
باب (74) من حقوق الزوجَين 402
باب (75) جواز الأكل من هذه البيوت 404
باب (76) استحباب السلام حين دخول البيوت 407
ص: 429
باب (77) الحذر من الفتنة في الدِّين 407
باب (78) لا خير في مخالفة آل محمّد 408
باب (79) بين الرسول وابنته البتول 408
كلمة الختام 410
فهرس الكتاب 411
ص: 430
1 - الإمام علي (عليه السّلام) من المهد إلى اللَّحد .
2 - فاطمة الزهراء (عليها السّلام) من المهد إلى اللَّحد .
3 - الإمام الصادق (عليه السّلام) من المهد إلى اللَّحد .
4 - الإمام الجواد (عليه السّلام) من المهد إلى اللَّحد .
5 - الإمام الهادي (عليه السّلام) من المهد إلى اللَّحد .
6 - الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام) من المهد إلى اللَّحد .
7 - الإمام المهدي (عليه السّلام) من المهد إلى الظهور .
8 - زينب الكبرى (عليها السّلام) من المهد إلى اللَّحد .
9 - الإسلام والتعاليم التربويَّة .
10 - فاجعة الطف أو مقتل الإمام الحسين (عليه السّلام) .
11 - شرح نهج البلاغة - صدرت منه ثلاثة أجزاء - .
12 - موسوعة الإمام الصادق (عليه السّلام) :
(1 و2) الجزء الأوّل والثاني - حياة الإمام الصادق (عليه السّلام) .
(3) الجزء الثالث - أقوال علماء العامّة حول شخصيّة الإمام الصادق (عليه السّلام) .
(4) الجزء الرابع - كتاب العقل والجهل . العلم . التوحيد . العدل .
(5) الجزء الخامس - كتاب النبوَّة والأنبياء .
(6) الجزء السادس - تاريخ الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
(7 و8) الجزء السابع والثامن - الإمامة .
(9) الجزء التاسع - تاريخ الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) .
(10) الجزء العاشر - تاريخ فاطمة الزهراء والأئمّة الطاهرين (عليهم السّلام).
(11) الجزء الحادي عشر - كتاب المعاد .
(12) الجزء الثاني عشر - كتاب الإيمان والمؤمنين .
(13) الجزء الثالث عشر - كتاب مكارم الأخلاق .
(14) الجزء الرابع عشر - كتاب الكفر ومساوئ الأخلاق ، كتاب العشرة.
(15) الجزء الخامس عشر - كتاب العشرة .
(16) الجزء السادس عشر - كتاب الآداب والسنن الإسلاميّة .
ص: 431
(17) الجزء السابع عشر - كتاب السماء والعالم .
(18) الجزء الثامن عشر - كتاب الطب .
(19) الجزء التاسع عشر - كتاب الزيارات .
(20) الجزء العشرون - كتاب الدعاء .
(21 و22) الجزء الحادي والعشرون والثاني والعشرون - كتاب الطهارة .
(23 - 26) الجزء الثالث والعشرون الى السادس والعشرين - كتاب الصلاة.
(27) الجزء السابع والعشرون - كتاب الصوم .
(28) الجزء الثامن والعشرون - كتاب الزكاة والخمس .
(29 - 31) الجزء التاسع والعشرون الى الحادي والثلاثين - كتاب الحج .
(32) الجزء الثاني والثلاثون - كتاب الحج والجهاد .
(33 و34) الجزء الثالث والثلاثون والرابع والثلاثون - كتاب التجارة .
(35) الجزء الخامس والثلاثون - كتاب الرهن - الى - اللُّقَطة .
(36 و37) الجزء السادس والثلاثون والسابع والثلاثون - كتاب النكاح .
(38) الجزء الثامن والثلاثون - كتاب الطلاق - الى - الايلاء .
(39) الجزء التاسع والثلاثون - كتاب الأيمان - الى - الصيد والذباحة .
(40) الجزء الأربعون - كتاب الأطعمة والأشربة .
(41) الجزء الحادي والأربعون - كتاب الإرث والقضاء .
(42) الجزء الثاني والأربعون - كتاب الشهادات والحدود والتعزيرات .
(43) الجزء الثالث والأربعون - كتاب القصاص والديّات .
(44) الجزء الرابع والأربعون - كتاب تفسير القرآن (فاتحة الكتاب - البقرة) .
(45) الجزء الخامس والأربعون - كتاب تفسير القرآن (البقرة) .
(46) الجزء السادس والأربعون - كتاب تفسير القرآن (آل عمران - النساء) .
(47) الجزء السابع والأربعون - كتاب تفسير القرآن (النساء - المائدة) .
(48) الجزء الثامن والأربعون - كتاب تفسير القرآن (الأنعام - الأعراف الأنفال) .
(49) الجزء التاسع والأربعون - كتاب تفسير القرآن (التوبة - يونس - هود) .
(50) الجزء الخمسون - تفسير القرآن (يوسف - الرعد - ابراهيم - الحجر - النحل) .
(51) الجزء الواحد والخمسون - تفسير القرآن (الاسراء - الكهف - مريم) .
ص: 432